الجعفرية وسياسية الغموض... كم هي الوقفيات غير الموثقة حتى الآن؟

رئيس مجلس الأوقاف الجعفرية يوسف بن صالح الصالح (ارشيفية)
رئيس مجلس الأوقاف الجعفرية يوسف بن صالح الصالح (ارشيفية)

2023-03-25 - 9:11 ص

مرآة البحرين (خاص): في تصريح له مؤخراً تحدث رئيس مجلس إدارة الأوقاف الجعفرية يوسف بن صالح الصالح عن توثيق 100 عقار للأوقاف الجعفرية. رغم أن العنوان كان يوحي بأن هناك 100 عقار سيتم تسلم وثائقهم خلال أشهر، إلا أن النص كان مختلفاً عن ذلك.

وجاء في نص البيان الرسمي "انتهت الأوقاف من إجراءات توثيق 100 وقفية واستلام وثيقة ملكيتها خلال الأشهر الماضية"، في محاولة يائسة من الأوقاف الجعفرية للبحث عن إنجاز وهمي، للتعمية على إهمالها المديد والمتواصل باستخراج وثائق لمئات الوقفيات التابعة للطائفة الشيعية.

لا توجد إحصائية رسمية صادرة عن إدارة الأوقاف الجعفرية تخص الوقفيات المسجلة وغير المسجلة، إلا أن إحدى الصحف المحلية أشارت إلى أن هناك 2800 عقار مسجل لدى الأوقاف لم يتم توثيقهم حتى الآن. ما يعني أن هذا الإعلان عن توثيق 100 وقف ليس سوى قطرة في المحيط.

رغم أن المماطلة في توثيق وقفيات الشيعة ليس بالأمر الجديد إلا أنه أخذ منحى تصاعدياً منذ العام 2013. اليوم صرنا نشهد تجاوزات صارخة عبر نقل ملكيات الأوقاف أو الاستيلاء عليها.

بدأ الأمر بداية بتجاوزات وافقت عليها إدارة الأوقاف الجعفرية نفسها، حين غضت النظر عن نقل ملكية مسجد الخميس لوزارة الثقافة "بحجة تاريخيته". ولاحقاً قررت تأجير مقبرة الخريص في الزنج على مستثمر قام بجرف القبور لإنشاء مشروعه التجاري، وصولاً لمنح الجعفرية 3 أراضي وقفية شاسعة تابعة لمأتم بن يحيى في عالي إلى وزارة الإسكان.

هذا التساهل من قبل إدارة الأوقاف الجعفرية شجّع السلطات على التعدي أكثر على وقفيات الطائفة الشيعية، وهو ما حدث مؤخراً مع وقف مسجد الشيخ صالح في توبلي الذي استولى عليه أحد أبناء الأسرة الحاكمة بين عشية وضحاها، وحدث أيضاً مع أرض وقفية أخرى بمساحة 4689 متراً مربعلً في كرزكان حيث تم إعطاؤها لوزارة الصحة، وأيضاً وقفية أخرى في عالي تم تحويل ملكيتها لوزارة الكهرباء والماء.

بعد أن فاض به الكيل رفع الشيخ محسن العصفور رسالة للملك شكا فيها من امتناع وزارة العدل عن تسليم نسخ من الوقفيات القديمة للأوقاف الجعفرية والمماطلة في إصدار وثائق ملكية حديثة لدور العبادة القائمة والمقابر.

رسالة العصفور أثبتت بأن هناك أوامر صادرة عن الديوان الملكي لكل الوزارات المعنية والهيئات ذات العلاقة، تدعوهم إلى عدم إصدار أي شهادات ملكية للوقفيات الخاصة بالطائفة الشيعية، والمماطلة ما أمكن كي يتم الاستيلاء على ما يمكن الاستيلاء عليه.

تزامن ذلك مع سياسة فعّالة وهي التعدي بشكل تدريجي على الوقفيات حيث يتم قضم الواحدة بعد الأخرى، ليبقى الضوء مسلطاً فقط على الوقفيات المستولى عليها حديثاً لا تلك القديمة. إذ من منا يتحدث اليوم عن مسجد الخميس التاريخي كوقف شيعي جرت مصادرته! أو من منا يعلم ما مصير أراضي مأتم بن يحيى في عالي التي أهديت لوزارة الإسكان؟

إن الحل الوحيد لوقف هذه التعديات هو إصدار إحصاء رسمي وعلني للوقفيات المسجلة التي لم يتم توثيقها وإصدار صكوك ملكية لها. عسى أن تصل هذه الوثيقة لجيل يستطيع استرداد الحق وإعادته لأصحابه.