لماذا يلاحق وزير الداخلية مآتم الشيعة في البحرين؟

وزير الداخلية راشد بن عبدالله آل خليفة
وزير الداخلية راشد بن عبدالله آل خليفة

2023-06-03 - 9:37 ص

مرآة البحرين (خاص): لم تكن السلطات البحرينية في يوم من الأيام تتعاطى بحساسية مع ذكرى وفاة الإمام الخميني، كما تفعل اليوم، ولأسباب لا تبدو مبررة بتاتاً.
يتساءل البعض عن السبب الذي يدعو وزارة الداخلية لملاحقة المآتم التي قررت إقامة فعاليات تأبينية، كما جرت العادة منذ أكثر من عقدين وبشكل سنوي، بل حتى في أوج موجة القمع القاسية في العام 2011 لم تلاحق السلطات القائمين على هذه الفعالية، ووضعتها في سياقها الطبيعي (فعالية دينية تأبينية لشخصية شيعية بارزة على مستوى الطائفة في زماننا الحاضر).
فجأة وبدون مقدمات استدعت وزارة الداخلية إدارتي مأتمي المرخ وكريمي، وهددتهم وتوعدتهم في حال قرروا المضي قدماً في إقامة الفعالية، بل تعدى الأمر التهديد والوعيد للقيام بقطع التيار الكهربائي عن مسجد عتيق علي في العاصمة المنامة بسبب إحيائهم لذكرى رحيل الإمام الخميني.
والسؤال مجدداً، لماذا الآن، ما الذي حصل، لماذا هذا الاستنفار وتعمد التحدي والاستفزاز؟
لا تبدو الأمور منطقية بأي شكل من الأشكال، وإن كان هناك عدد من الأسباب المنطقية لما يحدث، فإن أولها وأرجحها يعود لدور وزير الداخلية التأزيمي منذ اندلاع الاحتجاجات في 2011.
لطالما كان راشد بن عبدالله آل خليفة ووزارته عنواناً للتأزيم وتعكير الأجواء وتسميمها. فما إن تشهد الساحة هدوءاً حذراً، حتى تخرج الداخلية ببيان عن اكتشاف خلية/مخزن أسحلة/أو تستدعي شخصيات ذات حيثية في المجتمع كما حدث مع الشيخ محمد صنقور مؤخراً.
منذ العام 2011 ويعيش راشد بن عبدالله فترته الذهبية. ميزانية شبه مفتوحة، نفوذ وسلطة ويد عليا تطال الجميع دون استثناء. هكذا يريد الملك راشد بن عبدالله رجلاً للمهمات القذرة، يلاحق المعارضين ويعتقلهم ويعذبهم، يقضي على الاحتجاجات صغيرة كانت أم كبيرة باستخدام القوة المفرطة. رجل يخشاه الناس أكثر من أي مسؤول آخر في الدولة بما فيهم ولي العهد رئيس الوزراء، ولذلك استحق التكريم على قيامه بمهمته على أكمل وجه، عبر تعيين ابنه سفيراً للبحرين في واشنطن.
وإن كان موقع وزير الداخلية متقدماً على الدوام نظراً للصلاحيات التي تمتلكها هذه الوزارة في كل مناحي الحياة تقريباً، إلا أن أي مصالحة داخلية حقيقية ستقلل كثيراً من صلاحيات وقوة ونفوذ الوزير الذي بات ينظر إليه كشخصية تأزيمية على غرار الخوالد وأبناء عطية الله.
ومع الحديث المتواتر عن المصالحات في المنطقة والتي قد تنعكس إيجاباً على الوضع الداخلي في البحرين، شاهدنا فجأة تصعيداً غير مبرر باستدعاء الشيخ محمد صنقور واعتقاله لأربعة أيام، ولأن الهدف لم يتحقق من اعتقال الشيخ صنقور، فقد فتح ملف جديد في استهداف المآتم على خلفية تأبين الإمام الخميني، ولا يبدو أن الأمور ستقف عند هذا الحد.
لقد اعتاش راشد بن عبدالله وفريقه المستفز على هذه الأزمة وراكموا الثروات والنفوذ طوال الأعوام الـ 12 الماضية، ولا يبدو أنهم في وارد السماح لأي تهدئة داخلية أن ترى النور، مهما كان الثمن. غاب عن الوزير وفريقه ومن يدعمهم حقيقة واضحة وضوح الشمس تقول هذا الشعب صلب الإرادة، لا يعرف الكلل ولا التعب وسيبقى ثابتاً على مطالبه لـ 12 عاماً قادمة إن استدعى الأمر ذلك.