لماذا تكره السلطات منبر الجمعة بجامع الدراز؟
2023-06-06 - 7:11 ص
مرآة البحرين (خاص): منذ تشييده في العام 1983، شكّل جامع الإمام الصادق في الدراز علامة فارقة في تاريخ البحرين الحديث، إذ شكّل في أغلب المراحل أهم منصة لأهم خطاب ديني ووطني.
الحكومة بتاريخ 4 يونيو 2023 تنشر ما يمكن اعتباره تهديدا علنيا للقائمين على صلاة الجمعة في هذا الجامع، وتتهمهم بما تزعم أنه إعادة خطاب النهج التأزيميّ، وبتسيسس المنبر الديني، وتتوعدهم "بعدم التهاون".
فما حكاية هذا المنبر؟
منبر الجامع في الدراز، كان المنصة التي يخاطب منها آية الله الشيخ عيسى قاسم الشعب البحريني لسنين طوال، وتتالى بعده قادة كبار أمثال الراحل الشيخ عبدالأمير الجمري، والشيخ علي سلمان.
منبرٌ منه انطلقت في التسعينات الدعوات إلى عودة العمل بالدستور وإعادة العمل بالبرلمان وإلغاء قانون أمن الدولة، ودعوات الإصلاح السياسي والاقتصادي والمطالبة بالمساواة والتقريب بين أطياف الوطن، ونصرة مطلقة لقضية فلسطين والقدس. هذه هي الأمور التي كرهتها السلطات في هذا المنبر وكرهت لأجلها كل جمعة أقيمت فيه.
منذ السبعينات دعوات قادها سماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم الذي فاز بعضوية المجلس التأسيسي الذي وضع أول دستور للبلاد وهو الدستور المعروف بدستور ٧٣، وفاز بعضوية أول برلمان بعد الاستقلال.
كما اعتلى هذا المنبر سماحة الشيخ علي سلمان، والعلامة الراحل الشيخ عبدالأمير الجمري رحمه الله في فترة التسعينات الهامة في تاريخ شعب البحرين. وكلاهما تم اعتقاله من قبل النظام.
شهد هذا المنبر محطات فارقة لم يكن آخرها إعلان قرار الذهاب إلى التصويت بنعم على ميثاق العمل الوطني في العام 2001.
ساند هذا المنبر مطالب الشعب المحقة في 2011 رغم كل التهديدات الأمنية، ومن هذا المنبر تم تفنيد كذبة "الشرذمة" حيث خرج مئات الآلاف إلى الشوارع في مسيرة 9 مارس التاريخية الشهيرة ليستعرضوا حجمهم أمام السلطات التي بدت لوحدها شرذمة صغيرة رافضة للإصلاح.
لقد اعتقلت السلطات الشيخ علي سلمان في التسعينات وانفجرت الانتفاضة الشهيرة، كما اعتقل لاحقا العلامة الراحل الشيخ الجمري، وبعدها حاصر سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم لمدة عامين ثم قام بمجزرة في الدراز في العام 2017 استشهد إثرها خمسة شبان.
وفي العام 2016 أثناء حصار آية الله الشيخ عيسى قاسم، تم إيقاف صلاة الجمعة بعد ضغوط من الحكومة التي استدعت إمام الجمعة العلامة الشيخ محمد صنقور، وضغطت بقوة لاستبعاده، وتم إيقاف الصلاة حتى مايو 2022، حيث قرر علماء البحرين ودون مفاوضة مع السلطات إعادة صلاة الجمعة وحددوا إماميّ الجمعة حيث تناوب الشيخان علي الصددي ومحمد صنقور إمامة الجمعة.
وفي 22 مايو الماضي، اعتقلت السلطات إمام الجمعة في الجامع الشيخ محمد صنقور بسبب إعلانه مواقف صريحة ضد التطبيع مع كيان الاحتلال، ومطالبة بإنهاء ملف السجناء السياسيين. والآن تقوم الحكومة بنشر تهديد علني للقائمين على صلاة الجمعة في هذا الجامع.
محطات ومحطات تثبت أن السلطات في البحرين، تستهدف على الدوام منبر جامع الإمام الصادق عليه السلام بالدراز، استهداف تصاحبه حملات تضليل وكذب كالتي تقوم بها الحكومة الآن الذي تتحدث عن إعادة خطاب النهج التأزيميّ، بينما لا أحد يؤزم الأوضاع في البحرين سوى الحكومة وأجهزتها الأمنية التي يرأسها أكبر مستفيد من هذه الأزمة المستمرة منذ 12 عاما.