نحكي لكم عن حال المنامة (إلى خالد المّلا وخالد الخاطر)
2023-07-03 - 4:42 م
مرآة البحرين (خاص): مثّل تمركز الشيعة في العاصمة البحرينية (المنامة) هاجسا أمنيا كبيرا للحكم في البحرين؛ لذلك فقد نفذ، منذ أواسط الثمانينات، عدداً من الخطط والسياسات لتفريغ العاصمة من المواطنين، وتركيز الجاليات الآسيوية فيها.
مشهد مصوّر بثه ناشط كويتي مؤخراً كشف الغطاء عن نتائج مرعبة لتجريف هوية البحرين وتاريخها، والخراب الذي خلفته السياسات الفاسدة في واحدة من أجمل عواصم الخليج.
المنامة التي غنّى لأجلها الكويتي خالد الملا "بسألك عن البحرين كيف أهل المنامة"، هي نفسها المدينة التي صورها الكويتي خالد الخاطر، وقد ظهرت مشوّهة أمام عدسة الكاميرا، كشابّة غدر بها الزمان.
لسنين روّجت الحكومة وإعلامها للأهالي فكرة مغادرة المنامة نحو المشاريع الإسكانية خارجها، وأهمل ترويج وسط العاصمة استثماريا تماما في الداخل والخارج. بالنسبة للعائلة الحاكمة كان التنوع الديموغرافي والوجود الشيعي الكثيف في المدينة واقع يجب تغييره وإقصاؤه.
نُفِّذَتْ تلك السياسات، ولم يُنفذ أي مشروع إسكاني في المنامة ولا بالقرب منها، كما لم يتم تطوير مناطقها وأحيائها العريقة.
لقد تم استثناء العاصمة من ورشة التطوير الإسكاني في البلاد، وذلك ما جعل سكانها، سنّة وشيعة، يضطرون للقبول بالانتقال إلى المدن المستحدثة، مدينة عيسى ثم مدينة حمد، إسكان السنابس، إسكان جدحفص، لمختلف المناطق التي أقيمت فيها مشاريع إسكانية. أما المنامة، وكذلك منطقة رأس رمّان، فبقيتا خارج أجندة التطوير العمراني.
هكذا مع مرور السنين ترسخ وجود الجاليات الآسيوية في كل مناطق المنامة التي أصبح يسميها البعض الآن "العاصمة القديمة"، خصوصا بعد أن بَنَتْ الحكومة على واجهة البلاد عاصمة استثمارية أخرى تمتد من منطقة السيف (كرباباد) وصولا للمرفأ المالي (فرضة البحرين)، وصولاً إلى أحدث مشاريعها وهو خليج البحرين (Bahrain Bay).
تحولت العاصمة لمكان شبيه بالعشوائيات. أصبحت الأخبار والصور الآتية من بعض حواريها تتمحور حول الصدامات المتكررة بين سكانها الآسيويين، وترويج الحشيش والمخدرات وتفشي الرذيلة والمشاكل. بلؤم كبير تم استخدام أعداد من هذه الجاليات لضرب الحراك الشعبي في العاصمة العام 2011. وهو ما أدى إلى زيادة تمددها العمراني داخلها.
واحد من أسوأ القرارات التي اتخذها بيت الحكم في البحرين، هو تكليف نواب موالين له للنظام باقتراح قانون لإلغاء المجلس البلدي في العاصمة وهو ما تم بالفعل في العام 2014، وقد تسببت هذه الخطوة في حرمان عشرات الآلاف من المواطنين الدين يقطنون العاصمة وضواحيها من الخدمات والمشاريع، إذ أن أمانة العاصمة التي تم تعيينها من قبل الملك ذات صلاحيات هامشية، وتدار من قبل أعضاء غير نشطين وليسوا على تواصل مع الأهالي الذين لا يعرف غالبيتهم أسماء أعضاء أمانة العاصمة فضلا عن رئيسها.
إنّ ما صوّره الناشط الكويتي خالد الخاطر بكاميرته مثّل صدمة. لقد غطّى الإعلام الرسمي عيون الجميع، خصوصا الخليجيين، عن هذه الأحياء التي تقع في وسط عاصمة البلاد، الصدمة حدثت مؤخراً حينما تم بثّ صورة حيّة لما حاولت السلطة إخفاءه طويلا "تحت السجّادة".
لقد دمرت السلطة بوعي كامل هوية البلاد خصوصا عاصمتها، حتى إن وزيرا هنديا تجرأ مؤخرا بأن يصف عاصمة البحرين بعدما زار أسواقها القديمة بأنها "ليتل إنديا".
بقي باب البحرين من منطقة المنامة يحظى بأهمية عمرانية وسياحية لكن السلطة قررت بعد التطبيع مع كيان الاحتلال الاسرائيلي تهويده ليكون حيا ذا طابع يهودي يمتد على مساحة 40٪ من وسط العاصمة.
من الذي يصدق أن هذا ما حدث ويحدث في المنامة، المدينة التي كتبت فيها القصائد ولقّبت بأنها "لؤلؤة الخليج".