في انتظار الأزمات الأمنية: كرة ثلج "البطالة" ما لها إلا عصا راشد بن عبدالله آل خليفة

صورة من العام 2021: بحرينيون ينتظرون مقابلتهم لوظيفة حارس براتب 300 دينار والعدد المطلوب 15 شخص فقط
صورة من العام 2021: بحرينيون ينتظرون مقابلتهم لوظيفة حارس براتب 300 دينار والعدد المطلوب 15 شخص فقط

2023-07-12 - 6:27 م

مرآة البحرين (خاص): تأثير كرة الثلج هو مصطلح مجازي يصف حدثًا يبدأ من مرحلة مبدئية لا تؤثر كثيرا ثمّ تتراكم وتتفاقم حتى تصبح أكبر وأكثر تأثيرًا، فترك كرة الثلج تكبر وتتدحرج وتتراكم يؤدي إلى خطر جدّي حيث ستصبح أشد خطورة وألماً عندما تسقط من أعلى منحدر في جبل ثلجي، فتقوم بنسف وتحطيم كل ما يقابلها أو يقف في طريقها. لكن الحكومة في بلادنا لا تعترف بهذه النظرية ولا بهذا المجاز.
فبعد يوم واحد فقط من مؤتمر نظمته جمعيات سياسية والاتحاد العام للنقابات، حول البطالة في البحرين وضرورة بحرنة الوظائف، ردت الحكومة بنشر خطة لسوق العمل خلال السنوات الأربع المقبلة.
الخطة الحكومية لم تقدم رقما للبطالة حاليا في البحرين، ولم تطرح أهم حل يطالب به المواطنون بمختلف أطيافهم ألا وهو "بحرنة الوظائف". الخطة المعلنة هي رد عملي على المطالبات الشعبية وعلى مؤتمر الجمعيات يقول "لا بحرنة للوظائف".
خطة إنشائية يمكن القول بأنها خطة لا مسؤولة وأن من وضعها ومن اعتمدها كذلك هو شخص لا مسؤول، لا تحمل جديدا، غير العبارات المُنمّقة التي لن توظف بحرينيا ولن تحل مشكلة البطالة أبدا لا خلال السنوات الأربع المقبلة.
إن أهم ورقة طرحت خلال مؤتمر الجمعيات حول البطالة والبحرنة، كانت ورقة الاتحاد العام للنقابات وكانت بعنوان "البحرنة قرار"، وقد قال ممثل الاتحاد ‬حسن‭ ‬الحلواجي ‬إن‭ ‬مشكلة‭ ‬البطالة‭ ‬تحتاج‭ ‬الى‭ ‬قرار‭ ‬سياسي‭ ‬واضح‭ ‬يصدر‭ ‬القوانين‭ ‬والقرارات‭ ‬اللازمة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إنجاحها،‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬سياسة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المفتوح‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬البحريني‭ ‬أضرت‭ ‬بسوق‭ ‬العمل‭ ‬وجعلت‭ ‬منه‭ ‬سوقا‭ ‬مشوها.
في تصريح وزير العمل جميل حميدان حول اعتماد الحكومة خطة لسوق العمل قال إن الخطة "تحتوي ‬عدة‭ ‬محاور‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬خفض‭ ‬فارق‭ ‬التكلفة‭ ‬بين‭ ‬العامل‭ ‬البحريني‭ ‬والأجنبي‭ ‬وتخلق‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬للمواطنين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص" كلام غير عملي، مجرد وعود فارغة تعوّد البحرينيون على سماعها منذ الاستقلال حتى الآن.
تتكدس أعداد كبيرة من العاطلين الآلاف منهم خريجون جامعيون، بينما تستمر الحكومة ومعها التجّار في سياسة تفضيل الأجانب.
لغاية 13 فبراير من العام الجاري، بلغ عدد العمال الأجانب الوافدين الصادرة بشأنهم تصاريح عمل سارية الصلاحية 495,608 ويبلغ عدد الوظائف التي تشغلها تلك العمالة 2,655 مهنة متنوّعة. هذا دون احتساب العمالة السائبة في البحرين التي يبلغ عددها الآلاف.
ولغاية شهر مايو من العام الجاري كان عدد العاطلين البحرينيين المسجلين في سجلات وزارة العمل يبلغ حوالي 14032 عاطلاً، وهذا العدد يكبر كل يوم دون وجود أفق لحلّ قريب.
كما إن بيانات الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي للربع الأول من العام الجاري 2023، تظهر أنّ عدد المؤمن عليهم المستجدّين ممن توظيفهم في القطاع الخاص 2090 بحرينيًا فقط، فيما بلغ عدد المؤمن عليهم المستجدين الأجانب 18 ألفا و934، بما يساوي عشرة أضعاف البحرينيين تقريبًا، وهو ما يعني بوضوح أن خطط الحكومة السابقة فشلت فشلا ذريعا وشوّهت سوق العمل.
فكيف إذن يمكن الوثوق بالخطة الجديدة السائرة في المسار نفسه، وهي رفض فكرة إصدار قرار بحصر قطاعات كبيرة من الوظائف لصالح البحرينيين.
النتيجة واضحة إذن، الحكومة تترك معضلة البطالة تكبر وتكبر ككرة الثلج العملاقة، وإذا ما انحدرت فوق الجميع فإن الحكومة لديها الحل، فهي ستقوم كعادتها بتحويل الاحتجاج والشكوى من البطالة لمشكلة أمنية ثم تترك وزارة الداخلية وأجهزة الاستخبارات تتعامل معها بلغة القمع والبطش وملء السجون من جديد، هذا هو العقل الأمني المعتمد لدى الحكومة في البحرين، الذي يبدو أنه لم ولن يتغير أبدا.