تجارة محظور تنظيمها حجمها نصف مليار يديرها مجهولون ..فهل يقدم مكب نفايات بوري لنا الإجابة؟

2023-07-24 - 10:04 م

مرآة البحرين (خاص): تخسر البحرين يوميا مليون دينار ونصف بسبب عدم وجود آلية لتدوير النفايات المنزلية والاستهلاكية والأخرى، وبمعدّل لا يقل عن 560 مليون دينار بالسنة، وكل هذه المبالغ تصب في حسابات شركات تقوم بعمليات إعادة التدوير في الخفاء. هذا ليس كلاما مرسلا ، بل هو تصريح رسمي أدلى به رئيس المجلس البلدي في المحافظة الجنوبية بدر التميمي في العام 2020 لصحيفة البلاد.
منذ سنوات والمقترح الذي تقدمت به مجالس بلدية بشأن إنشاء شركة حكومية لتدوير النفايات والاستفادة منها يراوح مكانه. السبب إن هذا المقترح سوف يحوّل تجارة مخفية تدر الملايين من الجيوب الخاصة إلى جيب الدولة. 
حتى اليوم تلقى النفايات في البحرين بلا حسيب أو رقيب. نقرأ هنا بعض الأرقام، في تاريخ 9 يوليو 2016 قال وزير الأشغال السابق حينها إن الشركة الأسبانية الجديدة للنظافة أزالت خلال الثمانية الأيام الأولى من عملها، ما يقارب 8000 طن من القمامة، أي ما يعادل ألف طن يوميًّا، حسب إحصائيات في بيان للمجلس البلدي الشمالي.
ووفقًا لإحصائيات سابقة المجلس الأعلى للبيئة فإن رئيس المجلس محمد بن مبارك بن دينة صرح في 2019، إن حجم النفايات المنزلية في البحرين تصل إلى حوالي 5500 طن يوميا.
علما أن كلفة الطن الواحد تساوي تقريبا 365 دينارا، وهكذا في اليوم الواحد تضيّع البحرين من تدوير النفايات مليون ونصف المليون دينار تقريباً، أي في السنة 560 مليون دينار تقريبًا.
طبعا يجب التذكير إن النفايات والمخلفات لها فوائد وسوق عالمي كبير، فالنفايات تستخدم الآن لإنتاج الطاقة، والمخلفات تستخدم في إعادة التدوير، بينما المشاريع الموجودة في البحرين ضعيفة ولا تتناسب مع هذه التجارة التي يمكن الاستفادة منها، وهذا الإهمال الحكومي ليس لها سوى مبرر واحد وهو ترك جزءا كبيرا من النفايات أو المخلفات لكي يتسفيد منها متنفذون كبار. 
تتوزع النفايات في البحرين على أربعة أقسام رئيسية، يمثل البلاستيك بأنواعه 53 % منها، وتأتي مخلفات الورق في المرتبة الثانية بنسبة 30 %، ثم الأقمشة والمواد العضوية بنسبة 20 %، تليها مادة الفلين بنسبة 15 %.
ويمكن إعادة تدوير وتصنيع 80 % من إجمالي النفايات المنتجة في البحرين يومياً، إلا أن الاستثمار في هذا المجال شبه معدوم، لكن هنالك شركات تأتي بدون تراخيص، ولا تدفع رسوماً، ولا أحد يعلم بها، وتجمع القمامة، وتضع حاويات لفرز القمامة، وتعيد تصديرها، وتدويرها في الخارج، بمبالغ تذهب دون أن تستفيد البلد منها.
قبل بضعة أعوام اتفقت البحرين مع شركة "كنيم" الفرنسية لإنشاء مصنع لإعادة تدوير المخلفات، لكن الحكومة قامت بإلغاء المشروع، مما حدا بالشركة الفرنسية لتقديم شكوى ضد حكومة البحرين لدي محكمة التحكيم الدولية التابعة لغرفة التجارة الدولية في باريس وطالبت الحكومة بـ 180 مليون يورو كتعويض، إلا أن الشركة الفرنسية خسرت الدعوى.
يمكن ببساطة للمواطنين، ملاحظة العمال الوافدين وهم يجمعون يوميا كل شيء في المدن والقرى والمناطق السكنية، مجموعات تجمع الزجاج من النفايات، ومجموعة تجمع الكراتين، وأخرى تجمع الأخشاب، وأخرى ترفع الحديد والألمنيوم، وأخرى تتخصص في جمع الأجهزة الألكترونية أو بقاياها، فإلى أين تذهب كل هذه المواد؟ تجمع لمصلحة من؟ وتباع لمن؟.. ربما مكب النفايات في بوري يحمل جانبا واضحا من الإجابة.
لقد كشف مقطع مصوّر بثّه مواطن بحريني عبر وسائل التواصل، عن وجود مكب نفايات عشوائي وغير آمن في منطقة بوري، وهي منطقة سكنية، مما ينذر بمخاطر بالغة.
دون أن يعلم هذا المواطن فقد قدم ملمحا وسلط الضوء على وجود تجارة ضخمة غير معلنة يزاولها آسيويون وافدين مع شيوخ من العائلة الحاكمة عبر إنشاء تجارة "إعادة التدوير وإدارة المخلفات".
مكب النفايات في بوري يديره عمّال آسيويون، وتعود ملكية الأرض لأبناء عم ملك البحرين، هذه الأرض كانت ملك لعمّ الملك محمد بن سلمان آل خليفة (أعطني العجل) الذي توفي في العام 2009 وذهبت لورثته، ولا تستطيع أي جهة في البحرين محاسبة هؤلاء كمؤجّرين، علما أن أحدهم (هاشم بن محمد بن سلمان آل خليفة) متزوج من إحدى بنات الملك.
يكشف هذا المكبّ عن عجز وفشل بلدية المنطقة الشمالية التي تديرها لمياء الفضالة، وعن حالة من عدم سيادة القانون، كذلك يترافق هذا العجز مع وجود شكاوى عن رشاوى يتلقاها مفتشون سواء من وزارة البلديات أو وزارة الصناعة والتجارة لتمرير مثل هذه المخالفات الجسيمة.
النفايات والمخلفات في البحرين قطاع ضخم جدا، فمثلا مخلفات الهدم والبناء لوحدها تعادل 646.000 طن سنويا، فكم يكسب هؤلاء الشيوخ وكم يكسب الآسيويون الذين يعملون لصالحهم؟