ناصر الخيري لم يعمل خيرا في العائلة الحاكمة

2023-07-25 - 7:26 م

مرآة البحرين (خاص): ما الذي دفع صحيفة الأيام لإعلان البراءة من المؤرخ البحريني ناصر الخيري؟ ولماذا الآن؟ وما المزعج في كتابه  قلائد النحرين في تاريخ البحرين؟

صحيفة الأيام، المملوكة من مستشار الملك الإعلامي نبيل الحمر، نشرت على صفحتها الأولى بيانا يبدو عليه الانفعال ويشبه بيانات قطع العلاقة بموظفين مختلسين أو عاملة منزلية هاربة. 

الصحيفة قالت «إن الكتاب صدر في فترة وجيزة سابقة عن مكتبة الايام الكشكول التي سرعان ما تداركت الامر وقررت عدم توزيعه (...) لأنه لم يخضع لاي مراجعة بحثية ولا يعتد به كمستند تاريخي».

وأضافت «كتاب المدعو ناصر جوهر مبارك الخيري لم يعد في يوم من الايام وثيقة تاريخية وشابه الكثير من الروايات والسرديات المشكوك فيها».

لقد أصبح الخيري (مدعو) وهو المصطلح الذي تستخدمه العائلة الحاكمة ومن لفَّ لفّها للتقليل من شأن أي رجل يخالفها، ولاشك أن الخيري واحد من الأشخاص الذين أزعجوا العائلة لأنهم يكتبون تاريخا غير الذي تريد. 

وهذا ما يظهر من بيان صحيفة الأيام حيث اختتمت بيان قطع العلاقة بالخيري قائلة «إن التاريخ أمانة في أعناقنا، وهذا الكتاب المعني لا يحظى بأي إجماع». 

نعم التاريخ المُجمع عليه هو ما الذي يحظى بإجماع العائلة الحاكمة فقط، والتاريخ الذي يتم تحقيقه لا يكون إلا ما تحققه العائلة الحاكمة وتتوارثه، لا مكان للناس في صنع تاريخ وطنهم. إنه التاريخ الرغائبي، المفصل على مقاس رغباتهم. 

لقد حاول المؤرخ الخيري كتابة رواية لتاريخ البحرين من خلال عمله كمؤرخ، إلا أن تلك الرواية اصطدمت برواية العائلة الحاكمة التي زوّرت ماضيها الذي لا يشهد لها بخير. 

فمن هو ناصر الخيري وما المزعج في كتابه؟ 

ناصر بن جوهر بن مبارك الخيري (1876-1925) من مؤسسي نادي "إقبال أوال" بالمنامة 1913، و"النادي الأدبي" 1920 بالمحرق. نقله (ديلي) إلى دار الحكومة موظفا في قسم القضايا الخاصة بالقضاء المدني من 1921-1924. يعتبر من أوائل المثقفين الخليجيين، وله مراسلات أدبية وفكرية مع مشاهير عصره. يصنف اجتماعيا من فئة (الموالي)-موالي العيونيين أمراء الأحساء السابقين- وقد استعان بالعلم والثقافة كمصدر قوة بدل النسب القبلي، وترك لنا كتابه المهم (قلائد النحرين في تاريخ البحرين) الذي طبع لأول مرة في 2003.

ومن بين ما أورده الخيري في كتابه وصفا لشكل الحكم في عهد بعض الحكام من آل خليفة، فكتب عن حكم  الشيخ محمد [محمد بن خليفة (1842-1867)] يقول "لقد حكم البحرين 27 عاماً فلم يترك له فيها أثراً خيرياً، يذكر به، فلا أسس مدرسة ولا أنشأ مستشفى، ولا شاد ملجأ، ولا حقق نصراً، ولا رسا شجراً، ولا شكل مجلساً ولا نظم دائرة، ولا سن قانوناً ولا أوجد نظاماً، ولا اهتم بأحكام ولا رقى تجارة، ولا أحيا زراعة. وبالتالي، قل إنه لم يستلذ يوماً بالحكم الذي سعي لاغتصابه من عم أبيه، فلم تكن أيامه إلا كأيام أسلافه، سلسلة حروب متواصلة، وفقدان أمنية [الأمن] لا نهاية لها.وما سبب ذلك إلا أن الشيخ كان أمياً ساذجاً لا يعرف من معنى الحكم إلا مسك السيف وشد الخنجر والاتكاء على المسند والأمر بالقهوة، ونهب مال هذا ومصادرة أموال ذاك، وبذله لهذا البدوي (شرهة) وإعطائه لذلك الحضري (عادة) وقول هذه له (صبحك بالخير) وقول الآخر (مسيك بالخير). وهذه السجية لم يتفرد بها الشيخ محمد بن خليفة فقط، بل هي سجايا جميع أمراء عرب الجزيرة، لا نستثني منه أحداً وإلا فعلام ترى بلادهم أبداً فوضى خاربة لا أثر فيها للنظام والإصلاح، ولا تجد المدنية والراحة إليها سبيلا" ص372-373

رُبما يوضح هذا الجزء من الكتاب سبب إصدار صحيفة الأيام بيانا تهاجم فيه الخيري، فضلا عن حذف جميع الموضوعات التي نُشرت في الصحيفة عنه وعن كتابه، باختصار «لم يعمل الخيري خيرا في العائلة الحاكمة الجهة الوحيدة التي تكتب التاريخ».