البحرين تشتري الوهم القديم (خلاصة "الزيارة التاريخية" لوليّ العهد)

ولي العهد بعد توقيع الاتفاق مع وزير الخارجية الأمريكية بلينكن
ولي العهد بعد توقيع الاتفاق مع وزير الخارجية الأمريكية بلينكن

2023-09-16 - 8:10 م

مرآة البحرين (خاص): انتهت زيارة ولي عهد البحرين سلمان بن حمد إلى واشنطن.الزيارة التي اختتمها بلقاء وزير الدفاع الأميركي لويد أوستون.
ورغم التصريحات الرنانة لولي العهد في واشنطن حول "تاريخية الاتفاق الأمني الجديد"، إلا أن الزيارة مرت سريعا دون أن تترك بصمة لافتة أو تتحول مثلا لقمة، إذ لم يلتق ولي العهد بالرئيس الأمريكي جو بايدن. حتى إنه لم تتح له فرصة للقاء نائبة الرئيس كمالا هاريس التي التقاها في زيارته السابقة للولايات المتحدة الأمريكية في مارس 2022.
يعود سلمان بن حمد إلى المنامة وفي جعبته اتفاق ربما يكتشف قريبا أنه لا يسمن ولا يغني من جوع، فهو في الختام ورغم كثرة التحليلات، اشترى الوهم القديم بوجود خطر إيراني يجب حماية البلاد منه.
فيما الولايات المتحدة تنجز من جانب آخر اتفاقا لإعادة الأموال الايرانية المحتجزة في الخارج ومحاولة الاستفادة من عودة ضخ النفط الإيراني بهدوء للأسواق من أجل إعادة ضبط الأسعار، بل إن مسألة إحالة ملف النووي الإيراني لمجلس الأمن الدولي من جديدة هي مسألة تم سحبها من التداول.
يبقى السؤال الأهم الذي لم تتحدث عنه وسائل الإعلام لا من قريب ولا من بعيد هو: ما هي الكلفة المالية لهذه الاتفاقية الجديدة؟ ما هو المال الذي ستدفعه البحرين مقابل حماية موهومة إما من جار مسلم، أو من شعبها! لقد دفعت البحرين الكثير لبريطانيا، فكم من الثروات ستذهب إلى الولايات المتحدة أيضا؟
هل كانت البحرين تحتاج لاتفاقية أمنية، أم إلى حلول حقيقية للأزمة السياسية التي تعيشها منذ 12 عاما، ولحلول ملحة وعاجلة للأزمة الاقتصادية: تضخم الدين العام وازدياد البطالة وتفشي الفقر؟
ما هي الإضافة التي ستقدمها الاتفاقية الأمنية الجديدة التي استفاض ولي العهد في الحديث عن عظمتها دون أن يقدم معلومة واحدة؟
لقد كانت البحرين محمية أمريكية قبل الاتفاقية الجديدة وبقيت محمية أمريكية بعدها، لقد كانت الولايات المتحدة تقدم الدعم الأمني والسياسي للسلطة في مواجهة المعارضة وبقيت على هذا الموقف بعدها، لقد كانت الولايات المتحدة تؤكد قبل الاتفاقية أنها ملتزمة بحماية السلطات الحاكمة في الدول العربية في الخليج ولا زالت تكرر هذا الالتزام بعهدها.
الإتفاقية الأمنية الجديدة أو المطورة التي بدأت الصحف الرسمية بالترويج لها وتشريحها قد لا تكون إلا وهما سوّقته واشنطن على المنامة. فأي مخاطر أمنية مهددة وعظيمة تُحدق الآن بالجزيرة الصغيرة؟ وأي أعداء يهددون كيانها وأرضها وشعبها حتى يتشاور الجانبان من أجله ليقرّران الطريقة المناسبة للرد؟
أميركا إذ تعزز هيمنتها الأمنية والاقتصادية والسياسية في البحرين، تستفيض في الحديث عن ضمانات أمنية لرد "عدوان مستمر".. فأين كانت تلك الضمانات الأمنية للامارات والسعودية أبان الرد الصاروخ اليمني على دول تحالف العدوان تسأل صحيفة نيويورك تايمز؟
وإذا كان الود بين الجانبين بحجم "الاتفاق الإستراتيجي" لماذا إذا استبعدت واشنطن البحرين من خطة الممر الاقتصادي؟
قد لا يكون من المبالغة القول إن الاتفاق الأمني لا يحمل شيئا جديدا...البحرين ستبقى دولة خاضعة سياسيا وأمنيا واقتصاديا للولايات المتحدة، وستبقى تبدد أموال عوائد النفط هنا وهناك بحثا عن حماية موهومة.