البحرين وسوريا: لعبة الإقليم والحسابات المفتوحة

عادل مرزوق - 2012-10-20 - 12:37 م


عادل مرزوق*

كثيرة هي القراءات التي حاولت سبر القرار الأخير للجنة الشئون الخارجية في مجلس العموم البريطاني إجراء مراجعة العلاقات بريطانيا مع السعودية والبحرين، في إطار موقفيهما من ثورات الربيع العربي. ورغم محاولة الخارجية البريطانية امتصاص صدمة الإعلان عبر تأكيدها أن اللجنة لن تؤثر على الأسس التي تقوم عليها العلاقات البريطانية مع السعودية والبحرين، إلا أن ذلك لم يمنع المحللين السياسيين من ربط هذا الإعلان بعدة تطورات مصاحبة، خصوصاً تلك التي تتعلق بالأزمة السورية القائمة.

تصريحات السفير السعودي في لندن محمد بن نواف آل سعود كانت حاسمة فيما يتعلق بالبحرين حين أكد أن الرياض لن تقبل بالتدخل الأجنبي في أي من دول مجلس التعاون الخليجي، لكنه تناسى أو لعله أغفل (متعمدا) أن القرار البريطاني وإن كان يبدو صادراً من غرفة التشريع فإنه يحمل في طياته الكثير من التفاصيل حول الصراع في المنطقة ككل، لا البحرين وحدها، وأن الاستثمارات والشراكات الاقتصادية السعودية البريطانية والتي تصل إلى 11 مليار جنيه استرليني قد لا تكون كافية لكبح جماح السعي الأمريكي والبريطاني لإنضاج تسوية إقليمية جديدة، تفتح من ورائها سوقاً اقتصادية في ايران وسوريا والعراق (اللاعب الجديد في المنطقة) تبدو قادرة على تخفيف الأزمة الاقتصادية التي تخنق السوق الأوربية والعالم أجمع.

ومع مراعاة القطبية الثنائية في الإقليم بين إيران والسعودية لا يبدو الملف البحريني إلا بوصفه ملفاً ملحقاً بالملف الرئيس للصراع، وهو سوريا. فحظوظ الأسد في البقاء تتعزز بفعل الغطاء الروسي الذي يبدو جاداً، خصوصاً مع الإنحسار الجغرافي (المخادع) للقوى المسلحة في سوريا. هذا ما يقوله المراهنون على القطب الإيراني قبالة القطب الأمريكي السعودي في المنطقة، إذ لا يزال الأخير يراهن على حسم الورقة السورية، عاجلاً أو آجلاً.

ما بين الرهانين الكبيرين، تبدو البحرين بقيادتها السياسية ومعارضتها تحاول البحث عن نقطة ارتكاز تتكأ عليها، لتكون البحرين كالأعمى الذي يجرب حظه في طريق جديدة، بل مجهولة. 

فعلياً، يعلم ملك البحرين أن السعودية هي ضمانة بقائه حتى مع إجباره على تقديم أية تنازلات مستقبلية عبر تسوية سياسية مفروضة، لكنه يدرك جيداً أيضاً، أن التفاهمات في (الإقليم) قد تكلفه الكثير، ربما أكثر مما كان يريد أن يقدم في ربيع البحرين العام 2011. المعارضة البحرينية تدور في نفس الفلك، فهي مقحمة في حسابات لا ناقة لها فيها، ولا جمل. ولذلك، تشارك المعارضة النظام الحاكم في البحرين الهواجس ذاتها، ولئن اختلفت زوايا التموضع: بين نظام (فاقد) للإرداة السياسية بإرادته، ومعارضة مرغمة على ذلك.

على هذه النتيجة بالتحديد كان يرتكز الصوت الذي حذر النظام الحاكم في البحرين من تدويل قضيته، فما كان ممكناً وبسهولة في العام 2011، بات صعباً ومكلفاً جداً في هذا العام. وللحديث بقية..

*صحافي وكاتب من البحرين.

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus