افتتاحية حصاد 2023: حتى صرنا مُذقة الشارب ونُهزة الطامع وسُخرية الشامت

من احتجاجات البحرين على حرب الإبادة في غزة
من احتجاجات البحرين على حرب الإبادة في غزة

2023-12-29 - 9:06 م

مرآة البحرين (أوراق 2023): هل كان يمكن لليلى عبداللطيف، أن تتنبأ بأن تكون البحرين على ذيل تحالف دولي لتأمين تدفق البضائع من وإلى إسرائيل أثناء  حرب الإبادة الجماعية على أهالي غزة؟

الجواب اليوم، لا. ليس لأنه خارج قدراتها، بل لأن ذلك دون قدراتها، فالأمر لا يحتاج لتنبؤ، بل يحتاج لمتوقع.  وللتفريق بين التنبؤ والتوقع، لنحاول نتخيل جواب الحالات الواقعية المفترضة التالية: مجموعة من الشواذ يبحثون عن جزيرة في العالم الإسلامي لعقد مؤتمر تضامني، ما المكان المرشح؟ المؤتمر الصهيوني العالمي يبحث عن دولة إسلامية لعقد مؤتمره السنوي، لتقرير سياسات المنظمة الصهيونية العالمية والوكالة اليهودية. ما المكان المرشح؟ اتحاد جمعيات السلام العالمي، تبحث عن دولة عربية لتأسيس مبادرة تعديل صورة إسرائيل في مناهج اللغة العربية والتربية الإسلامية.ما المكان المرشح؟

سيكون الجواب المتوقع بكل بساطة المكان هو البحرين. فحصاد سياسة العائلة الحاكمة جعل من البحرين شركة خدمات (غب الطلب) لا  دولة سيادية.وتعبير (غب الطلب) يعني تحت التصرف، حين تفقد سيادتك وقرارك تكون تحت تصرف الآخرين، يضعونك حيث يريدون، وأحيانا يضعونك حيث يستنكفون. 

الدولة مجموع إرادات شعبها مركبة في شكل قوة سيادية. البحرين مخلوعة القوة السيادية، شعبها على طريق القدس وحكومتها على طريق تل أبيب، لا ساحة تجمع الطريقين. قتلى غزة شهداء في نظر الشعب وبرابرة في نظر الحكومة، هكذا هي حكومة غب الطلب، ناطقة  ليس بما يطلبه منها شعبها بل بما يطلبه منه مشغلها وراعيها وسالب إرادتها.

هذا هو حصاد احتقار الإرادة الشعبية ومطالبها، تصير الدولة  ذيلًا معلقًا في جسد الأقوياء، وجيباً صغيراً في لباس الكبار، وشيئًا حقيرا في محفظة الأغنياء.

والدليل على ذلك، أنها صارت مُذقة الشارب ونُهزة الطامع وسخرية الشامت. بمعنى لا ثقل لها ولا قوة، ولا يُقام لها شأن ولا يَنظر إليها أحد. مُلحق يُوضع في أي قائمة ويُلحق بأي تشكيلة أو حلف.

الأكثر من ذلك، صارت العائلة الحاكمة وسلطاتها محط سخرية وسائل التواصل الاجتماعي والبرامج التلفزيونية، لم يُوفّرها أحد. لا ثقل سياسي لها يُعتد به، ولا تأثير  إقليمي يُحسب له، ولا هيبة أخلاقية يُراعى لها. 

حصاد الاستخفاف بالإرادة الشعبية، قادها إلى السقوط الأخلاقي حتى على المستوى القومي العربي، فلم تعد القضية الفلسطينية التي يُجمع عليها شعبها والشعوب العربية قاطبة تمثل معيارا أخلاقيا أو سياسا تستند إليه في تحديد خياراتها أو إطلاق حتى خطاباتها السياسية الاستهلاكية. 

لذلك لا تحتاج البحرين لمتنبئ في ما يمكن أن تقوم به من سلوك شاذ أو تتخذه من موقف عار، فكل شيء متوقع من سلطة مُتفلِّتة من إرادة شعبها وأمتها.