حصاد البحرين 2023: البرلمان حين يتحول إلى دائرة حكومية

جلسة لمجلس النواب البحريني
جلسة لمجلس النواب البحريني

2023-12-30 - 7:33 م

مرآة البحرين (خاص): في أبريل 2023 مررت اللجنة التشريعية في مجلس النواب مقترح بتعديل اللائحة الداخلية للمجلس، هدفت إلى تجريد المجلس مما تبقت له من صلاحيات، الأمر الذي حول المجلس إلى مادّة للتندر والفكاهة، وهو ما استدعى عدم تناول تفاصيل التعديلات في الصحافة المحلية.

في 12 ديسمبر 2023 رفض المجلس بأغلبيته الساحقة (29 من أصل 40) هذه التعديلات التي بقيت مبهمة وغير معروفة للرأي العام، مُرجِعاً ذلك إلى عدم رغبته في تقليص المزيد من الصلاحيات، في انتفاضة متأخرة لذات المجلس الذي مرر في 2022 تعديلات (برغبة ملكية) قلّصت من مساحة المناقشة العامة وحددت عدد ومدة مداخلة كل نائب لأي قضية مطروحة، وهو ما حوّل المجلس إلى دائرة حكومية لا أكثر.

كما وتأتي انتفاضة النواب الأخيرة بعد أن تحولوا إلى كيس ملاكمة، قدمته السلطة للناس، من أجل توجيه الضربات واللكمات له، للتنفيس على الحنق والغضب الكامن في النفوس بسبب الإخفاقات المتراكمة وعدم إمكانية إحراز أي تقدم في أي ملف معيشي مهما صغر حجمه.

وبالعودة قليلاً إلى الوراء نلاحظ مثلاً أن أحد النواب كان من أشد منتقدي طيران الخليج، لكن كل تصريحاته لم تمنع الناقل الوطني من اتخاذ خطوة استفزازية تمثّلت في تسريح عشرات المواطنين بحجة "إعادة الهيكلة".

وبالنظر إلى ملف التطبيع نلاحظ أن صراخاً انطلق من قبة المجلس ضد الكيان الصهيوني في أكثر من مناسبة، لكن ذلك لم يمنع من تواجد عدد من أعضاء المجلس في اجتماع البرلمانيين الدوليين الذي عقد في المنامة بحضور وفد من الكنيست الإسرائيلي، ولم تؤدِ كل التصريحات النيابية إلى إبطاء وتيرة التطبيع مع الكيان في مختلف المجالات، بل وصل الأمر إلى انضمام البحرين إلى تحالف عسكري بحري يهدف لحماية الكيان من الهجمات اليمنية.

والبرلمان الذي من أهم صلاحياته الرقابة على مالية البلاد هو نفسه الذي مرر الموازنة العامة، وهو نفسه الذي اطلع على تقرير وكالة ستاندرد أند بورز الأخير (نوفمبر 2023) الذي خفض تصنيف البحرين مستبعداً تحقيقها التوازن المالي في 2024، دون أن يوجه سؤالاً واحداً للحكومة.

على مدى السنوات الماضية وافق البرلمان على التعدي على أموال صندوق التعطّل، وعلى الرغم من انتقادات المواطنين وغضبهم، استمر في الفعل نفسه فقد وافق هذا العام فقط على الاستيلاء على 200 مليون دينار من أموال الصندوق لتبلغ إجمالي المبالغ المستولى عليها من الصندوق أكثر من 700 مليون دينار (تم سحب 230 مليون دينار لصالح التقاعد الاختياري في مارس 2019، و240 لمواجهة تداعيات كورونا في 2020 و60 مليون أخرى لمواجهة تداعيات كورونا في 2021، وأخيراً 200 مليون دينار لدعم برامج التدريب والتوظيف ودعم الأجور في سبتمبر 2023).

حصاد المواطنين من هذا البرلمان في 2023 هو نفسه ما كان في السنوات السابقة، والخلاصة أنه مجلس للتنفيس وامتصاص غضب الناس، لا يملك الصلاحية فضلاً عن الجرأة لوقف مشيئة بوّاب في قصر جلالته إن هو أراد فعل شيء ما.