مَلِك بين توقيعين!

الملك حمد بن عيسى آل خليفة يوقع على قبعة إحدى الحاضرات في بطولة الجولف بالنادي الملكي للجولف - 4 فبراير 2024
الملك حمد بن عيسى آل خليفة يوقع على قبعة إحدى الحاضرات في بطولة الجولف بالنادي الملكي للجولف - 4 فبراير 2024

2024-02-08 - 2:47 م

مرآة البحرين (خاص): يقال إن أحد الأسباب خلف تحديد فترتين لرئاسة الدولة في الدول الديمقراطية يعود إلى الطبيعة البشرية للحاكم الذي يبدأ بعد 10 أعوام في سدّة الحكم بافتقاد الرغبة في إدارة شؤون البلاد والعباد، فيبدأ بالاعتماد بشكل شبه كامل على حاشيته ومستشاريه في اتخاذ القرارات وإدارة الدولة، ويتفرّغ هو لهواياته وما يجلب له السعادة.

ولك أن تتخيل حال الدول الديكتاتورية التي يبقى فيها الحاكم حتى آخر لحظات حياته جالساً على الكرسي، خصوصاً إذا تولى مقاليد الحكم في سنّ مبكرة، وهذا هو الحال مع الملك حمد بن عيسى آل خليفة، الذي يتولى حكم البحرين منذ 25 عاماً، ويمكن للمتابع العادي أن يلحظ حجم السأم والملل الذي يتملّكه ما إن كانت المناسبة أو الفعالية مرتبطة بإدارة شؤون البلاد، فيما لا تفارقه الضحكة العريضة إن كان الأمر متعلقاً بهواية من هواياته.

قبل يومين توجه الملك للنادي الملكي للجولف، لمشاهدة ختام منافسات النسخة الأولى لـ "بطولة البحرين الدولية للجولف"، وهي فعالية مستحدثة مثلها مثل عشرات الفعاليات وهوايات أبناء الأسرة الحاكمة التي تكلّف ميزانية الدولة الملايين دون أي مردود مادي حقيقي في ظل شح الموارد وتراكم الديون.

بعيداً عن ذلك، انتهت البطولة "الدولية" التي لم تسمع بها سوى صحف البحرين، ألقى جلالته كلمة مقتضبة ذكر فيها أن البحرين كانت أول دولة في المنطقة يكتشف فيها النفط (ولا أحد يعلم سبب ذكره لهذه المعلومة غير المرتبطة بالفعالية)، وبعد ذلك قام الملك بتكريم نجليه ناصر وخالد، ووزيرة السياحة فاطمة الصيرفي، وزير المالية سلمان بن خليفة، بالإضافة إلى تكريم رعاة البطولة "بابكو انرجيز، النادي الملكي للجولف، بتلكو، بنك البحرين الوطني وتمكين".

ولأن الملك كان يمارس هوايته بعيداً عن إدارة الدولة وشؤونها، فقد توجه لاحقاً لتبادل أطراف الحديث والتقاط الصور مع الحاضرين، وأثناء توجهه لمغادرة النادي، صرخت إحدى الفتيات طالبة توقيعه إن أمكن. اقترب منها الملك ومن معه على الفور، وبابتسامة عريضة قام بالتوقيع على قبعتها، كما ذكر لها أنه سيقوم بالتصوير معها أيضاً، فيما كان نجله ناصر ترتسم عليه ابتسامة عريضة لأنها تحدثت إليه هو الآخر وطلبت منه طلبات مشابهة.

كلنا نتذكر الملك حين ذهب لزيارة منزل السيد علوي الغريفي رحمه الله قبل 24 عاماً، حينها كان في استقباله السيد عبدالله الغريفي، الذي تلى على مسامعه رسالة فيها عدد من المطالب والنقاط التي كانت تقلق المعارضة آنذاك قبيل التصويت على الميثاق، فما كان من الملك بعد نهاية الكلمة إلا أن طلب من السيد الغريفي الورقة التي كان يقرأ منها، ليكتب عليها بخط يده "بكل فخر واعتزاز أضم صوتي معكم" وقام بالتوقيع عليها. (أفيد لاحقاً بأنه طلب الاستحواذ على النسخة الأصلية من هذه الوثيقة بحجّة الاحتفاظ بها في أرشيف الدولة).

حينها لم يكن حمد بن عيسى قد أمضى عامه الأول على رأس الدولة، كانت لديه الرغبة والاهتمام بإدارة شؤون البلاد، أما اليوم فهو أشبه ما يكون بأحد المشاهير الذين يستمتعون بحضور الفعاليات المرحة والتوقيع والتصوير مع المعجبين والمعجبات، وهو أبعد ما يكون عن كونه ملكاً أو حاكماً.