جردة شاملة مع العهد الحكومي الجديد لسلمان بن حمد (قصة في الفشل)

2024-02-14 - 10:26 ص

مرآة البحرين (خاص): في مارس 2013 عين الملك نجله ولي العهد سلمان بن حمد نائبا أول لرئيس الوزراء، وحينها كان قد مر عامان على تفجر ثورة 14 فبراير التي كانت لا تزال ملتهبة في الشارع.
أشاع تعيينه موجة تفاؤل روجت لها الصحافة الغربية طويلا، وقال الإعلام الغربي وعدد من محللي السياسة إن تعيينه دلالة واضحة على رغبة الحكم في إعطاء ولي العهد مسؤولية الحوار مع المعارضة.
لكن شيئا من ذلك لم يحصل، فلقد انشغل ولي العهد بمنافسة عمه رئيس الوزراء، وصنع نفوذه الخاص، وصارت الحكومة حكومتين، لخليفة بن سلمان وزراؤه، ولسلمان بن حمد وزراؤه، وابتدأت مرحلة تنافس طويلة بينهما انتهت في 2020 بوفاة خليفة بن سلمان في نوفمبر 2020.
كانت الخطوة الأولى في عهد سلمان بن حمد رئيسا للحكومة، هي تفكيك جناح خليفة بن سلمان وإبعاد الوجوه المعروفة داخل الحكومة وخارجها التي كان يعتمد عليها عمه الراحل.
انتظر المواطنون أكثر من عام ليروا دليلا على ما كانوا يسمعونه سنين طوال عن التوجهات الإصلاحية لولي العهد، لكن انتظارهم وتفاؤلهم لم يأت للأسف بأخبار سعيدة.
لم يول ولي العهد أي اهتمام للملف السياسي فيما يتعلق بالأزمة الداخلية الممتدة منذ العام 2011، لم يجلس مع أي طيف سياسي، لم يستقبل إدارة جمعية سياسية موالية فضلا عن غيرها. لم ينفتح حتى على القيادات المحافظة أو غير المحافظة داخل المجتمع البحريني.
لم يعمل على إلغاء أو تخفيف العزل السياسي عن المعارضة وعلى إدخالها للحياة السياسية من جديد.
وفي ملف حقوق الإنسان، ظل الأمر على سوئه إذ لم تشهد البلاد تحسنا في هذا المجال. ظلت ملفات السجناء السياسيين الذي يعانون الأمرّين في السجون على ما هي عليه من السوء، وخاض السجناء إضرابا لنحو 36 يوما لكي ينتزعوا حقوقا بديهية مثل الحصول على العلاج والدواء أو السماح بالتعليم المدرسي والجامعي، وقد تراجعت الحكومة عن عهودها معهم أيضا.
خارجيا، شكل ملف التطبيع وصمة عار سيئة للعهد الحكومي الجديد، لقد قدمت الحكومة كافة الخدمات لهذا المشروع حتى أنها تطمح لإقامة حي يهودي في وسط العاصمة. يحظى ملف التطبيع بمعارضة شاملة في البحرين، فالحكومة على نقيض رأي الشعب.
الفشل في الملف الاقتصادي شكل صدمة للمجتمع البحريني، فهذا الملف يحظى بإجماع بين جميع المواطنين، فقد زادت أسعار الخدمات في البحرين، بدءا من أسعار الكهرباء المنزلية، والرسوم البلدية، وتكاثرت الرسوم المالية التي فرضتها حكومة ولي العهد على أغلب الخدمات، حتى ضج المواطنون، ولم تفلح كل مطالباتهم في هذا الملف، فتوجه الحكومة هو تقليص دورها الخدماتي بشكل كبير، وتقليص التوظيف في السلك الحكومي، وتم فتح أبواب التقاعد على مصراعيها لموظفي الحكومة، وقريبا سوف تقلص الحكومة دورها في الخدمات الصحية شيئا فشيئا.
ملف البطالة وتضخمه كان علامة إضافية على عدم النجاح، فهناك أكثر من 17 ألف عاطل عن العمل. بينهم أكثر من ألف محام عاطل، وأكثر من ألف مهندس عاطل، عدا آلاف المدرسين العاطلين، والأطباء، والممرضين، وخريجي كليات تقنية المعلومات وغيرها..
عهد الحكومة الجديد، فتح البلاد على مصراعيه للعمال الوافدين، فسياسة استقطاب المزيد من الوافدين هي سياسة ثابتة لدى ولي العهد. إن نظريته وفريقه هي: كلما زاد عدد المقيمين داخل البلاد فإن هذا يعني حركة اقتصادية أكبر وأموال أكثر تضخ في دورة الاقتصاد.
البحرينيون يسمون هذا الواقع باسم "تفضيل الأجنبي" وهذه صارت وصمة في وجه حكومة ولي العهد، فلقد تضخمت أعداد الجاليات بشكل كبير، ومؤخرا أطلق رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين عبدالقادر الشهابي مصطلح "هندوة" سوق العمل، بعد أن وأدت الحكومة تجربة البحرنة وألغتها عمليا.
هناك أيضا، فشل برنامج التوازن المالي الذي اقترحته الحكومة، ليصبح ملف الدين العام الذي فاق 44 مليار دولار، ملفا متضخما بشكل مخيف يقلق المواطنين. وهو بلا نهاية.
الخلاصة حتى اللحظة هي أن المواطنين لم يلمسوا أي شيء مما أُسمي "التوجهات الإصلاحية" التي تم الترويج لها طويلا بأن ولي العهد يؤمن بها.
هذه هي الصورة الحقيقية، فبعد تعيين ولي العهد نائبا لرئيس الحكومة لمدة سبع سنين تقريبا، والآن نحو أربع سنين رئيسا للحكومة، لا حقوق، ولا إفراج عن سجناء، ولا حوار سياسي، ولا نجاح اقتصادي، ولا حل لمشكلة البطالة، وطبعاً ولا أي شيء