العفو الملكي الأخير: لماذا المعارضة رحّبت بحذر؟

حافلة تقل عدداً من المفرج عنهم ضمن العفو الملكي - 8 أبريل 2024
حافلة تقل عدداً من المفرج عنهم ضمن العفو الملكي - 8 أبريل 2024

2024-04-23 - 2:11 م

مرآة البحرين (خاص): منذ أكثر من أسبوع وتخاض في المجالس الخاصة بين الناس وحتى النخب، نقاشات مستفيضة عن العفو الملكي الأخير، أسبابه وتداعياته، وموقف المعارضة الفعلي مما حصل.

كان من الملاحظ أن غالبية القوى المعارضة رحبّت بالخطوة، لكن بحذر شديد، دون إفراط في التفاؤل ولا تقليل من الخطوة الكبيرة، ويعود الأمر في حقيقته إلى عدم فهم دوافع الملك التي أدت لاتخاذ هذه الخطوة.

فمنذ عامين تقريباً كثر الحديث على لسان مسؤولين أبرزهم وزير الداخلية راشد بن عبدالله آل خليفة عن الترتيبات المكثّفة الهادفة إلى الإفراج عن المعتقلين السياسيين ضمن "العقوبات البديلة" و"السجون المفتوحة"، وحينها خيض نقاش موسّع بين أطياف المعارضة حول الموقف من هذه الإجراءات، حيث اعتبرها آية الله الشيخ عيسى قاسم "ظلم مضاعف"، فيما فضّل كثيرون عدم إبداء موقف، وترك الخيار للمعتقل وعائلته.

حينها كان التوجه الحكومي واضحاً، الإفراج سيتم عبر بوابة العقوبات البديلة والسجون المفتوحة، ولم تكن هذه الخطوة بالاتفاق مع أي طيف من أطياف المعارضة، بل فضّل النظام ممثلاً بالملك ومن يعملون بإمرته، المضي قدماً بشكل منفرد بهذا المشروع، على قاعدة، من أعجبه أهلاً وسهلاً ومن لم يعجبه فالأمر راجع له.

واليوم تكرر الأمر مع العفو الملكي، إذ جاء كخطوة من طرف واحد، لم يطلب عليها الملك رصيداً من المعارضة، ولم يطالبهم بتثمين الخطوة أو تقديم وكيل المديح له، وكأنه يقول لهم، أنا لست بحاجة لكم ولا لترحيبكم، لذا كان من المستغرب حقّا خروج أصوات تطالب المعارضة بتقديم خطاب جديد بناءً على هذه الخطوة.

ترى المعارضة نفسها اليوم في الموقف التالي: هي بالطبع فرحة بخروج حوالي نصف المعتقلين السياسيين من السجن، لكنها تريد تبييض السجون، وإن ما حصل لم يكن نتاج حوار معها، بل كان بصورة منفردة، بقيت دوافعه مجهولة، ولا أحد يعلم إن كانت هذه الخطوة ستتبعها خطوات أخرى مماثلة، أم أنها تمت وفق قراءة لمعطيات إقليمية معينة، أو كانت محاولة جادّة لنزع فتيل أزمة شارفت على الانفجار في شهر رمضان المبارك داخل سجن جو.

أما بالنسبة لمن طالب المعارضة بطلب لقاء مع القصر، لرفع المطالب التي بات يعبر عنها بشكل شبه رسمي منبر الجمعة في جامع الإمام الصادق في الدراز، فإن ذلك أيضاً مردود عليه، فاللقاءات التي تمت مع الملك في الفترات الماضية، لم تكن من أجل شرب الشاي والسؤال عن الصحة والأحوال، بل كان لمناقشة هموم هذه الطائفة وفي مقدمتها قضية المعتقلين، وقد تلقى من كانوا في هذه الاجتماعات وعوداً صريحة بحلحلة هذه الملفّات لكن شيئاً لم يتغيّر حتى أصبحت هذه اللقاءات وكأنها لأخذ صورة ونشرها في وسائل الإعلام ضمن حملة العلاقات العامّة الخاصة بالسلطة.

لهذه الأسباب وغيرها، تبقى المعارضة مرحبّة لكن بحذر، هي تريد المضي قدماً في مشروع حقيقي للمصالحة الوطنية، لكنها حتى الآن لم تتلق أي إشارات تدعوها لتقديم خطاب مختلف، أو القيام بأي خطوة في هذا السياق.