عبداللهيان صديق شعب البحرين ... وداعاً

سفير إيران لدى البحرين (آنذاك) حسين أمير عبداللهيان في لقاء مع صحيفة الوسط ويبدو إلى جانبه الدكتور منصور الجمري وهو يحاوره - 27 أغسطس 2010
سفير إيران لدى البحرين (آنذاك) حسين أمير عبداللهيان في لقاء مع صحيفة الوسط ويبدو إلى جانبه الدكتور منصور الجمري وهو يحاوره - 27 أغسطس 2010

2024-05-20 - 10:18 م

مرآة البحرين (خاص): منذ لحظة اختفاء المروحية التي كانت تقل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان وآخرين، عاش البحرينيون - كما غيرهم من شعوب المنطقة - في قلق تحوّل لاحقاً إلى حزن عميق ترجمته حسابات العشرات من النشطاء في وسائل التواصل الاجتماعي بكلمات تأبينية.

صحيح إن الحادث الذي حصل يحرّك المشاعر الإنسانية لأي إنسان يحمل ضميراً حيّاً ولا يمتلك ضغائن وأحقاد في قلبه، لكن ثمة شعور مختلف لدى شعب البحرين تحديداً تجاه الجارة إيران. فهم رأوها الدولة التي ساندتهم حين تركهم العالم، ودافعت عن مظلوميتهم في كل مكان ومن على كل منصّة.

ولوزير خارجيتها عبداللهيان علاقة خاصة بالبحرين تحديداً، حيث شغل فيها منصب سفير إيران (2007 - 2010)، وشهدت العلاقات البحرينية الإيرانية استقراراً ملحوظاً خلال فترة توليه المنصب، نظراً لعدد من الصفات التي ميّزته عمن سبقه ممن شغلوا هذا المنصب.

لدى ابن مدينة دامغان الشهيرة بفستقها، صفات كان يمتاز بها، ويتذكرها كل من التقاه، فهو هادئ ومبتسم على الدوام، متواضع جداً على الصعيد الشخصي، ومتديّن يمكن للجالس معه إدارك ذلك من المفردات التي يستخدمها أثناء الحديث، كما أنه يتعمد التحدث ببطء ليعطي نفسه الوقت الكافي لوزن كل كلمة أو جملة يتفوّه بها وكأنه يتبع "سياسة الفستق" التي تحدث عنها وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم. 

كان لدى عبداللهيان أيضاً صفات أخرى مهمة، أبرزها قدرته على نسج العلاقات إلى جانب إجادته للغة العربية، وقد انعكس ذلك على عمله مؤخراً في وزارة الخارجية ودوره الواضح في إعادة العلاقات بالدول الخليجية وتحديداً المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وتوطيد العلاقات بدول عربية مثل الأردن ومصر.

لكن عبداللهيان السياسي الهادئ والمحنّك، كان يتسّم أيضاً بالوضوح والمبدئية، يعبّر فيها عن قناعاته وإن أزعجت الآخرين، وهي الصفة التي لازمته حين شغل منصب مساعد وزير الخارجية، والذي تصادف مع اندلاع ثورات الربيع العربي، فكان السند الدائم للبحرينيين، ويعبّر بشكل مستمر عن ظلامتهم، وسعى في أكثر من مرة وخلال أكثر من لقاء مع مسؤولين خليجيين لرعاية حوار بين المعارضة والحكم في البحرين.

لم تكلل محاولات عبداللهيان بالنجاح في هذا الأمر، لكن ذلك لم يعني أبداً التخلّي عن شعب البحرين الذي أشعرهم بأنه صديق وفيّ لهم ولقضيتهم، فكان دائماً من أوائل المسؤولين والدبلوماسيين الذين يصرحون بمواقفهم خلال أي حدث مهم في البحرين.

ويمكننا أن نرى مواقفه في محطّات مهمة أبرزها اعتقال الشيخ علي سلمان الذي بقي يطالب بالإفراج عنه بشكل مستمر، واستهداف آية الله الشيخ عيسى قاسم، الذي رأى في محاكمته لاحقاً "عدم اكتراث بمشاعر المسلمين".

من منصبه نائباً في وزارة الخارجية، إلى شغله منصب المستشار لرئيس مجلس النواب الإيراني، وصولاً إلى تعيينه وزيراً للخارجية في 2021، بقي عبداللهيان وفياً لقضية البحرين وشعب البحرين وظلامته، وبالتأكيد فإن شهادته خسارة لشعب البحرين لا تقل عن خسارة الشعب الإيراني.

رحم الله الشهيد عبداللهيان وأسكنه فسيح جناته، وجزاه الله خيراً عن موقفه من شعب البحرين وظلامته طوال السنين الماضية.

 


مواضيع ذات صلة