البحرين تستقدم مزيد من السودانيين... حل ملف التوطين مدخل آخر للمصالحة

بحرينيون يدعون الأمم المتحدة لحماية السكان الإصليين من جريمة تغيير التركيبة الديموغرافية
بحرينيون يدعون الأمم المتحدة لحماية السكان الإصليين من جريمة تغيير التركيبة الديموغرافية

2024-05-23 - 9:03 م

مرآة البحرين (خاص): يلمس البحرينيون، منذ المرسوم الملكي بالعفو عن مئات المعتقلين السياسيين أبريل الماضي، لغة خطاب حكومية جديدة، وذلك بالتركيز على أهمية تحصين اللحمة الوطنية. 

صحف حكومية شددت «على أهمية تعزيز خطاب التسامح والتعايش وتجنب كل ما من شأنه تعكير الصف الواحد»، وهو خطاب جديد على الصحافة المحلية التي ساهمت خلال أكثر من عقد في تأجيج النعرات الطائفية والتحريض على الطائفة الشيعية. 

ورأى الكثيرون أن مرسوم الملك يمكن البناء عليه أو اعتباره مدخلا لخطوات متلاحقة تنتهي بتسوية الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد، لكن لا زالت تلك الأمنيات بعيدة بالنظر إلى الواقع. 

ولعل واحدة من الملفات التي تعكر صفو الاستقرار في البلاد وتهدد مستقبلها، هي استمرار سياسة التوطين، ضمن مشروع متواصل لتغيير التركيبة الديموغرافية في البلاد بدأه الديوان الملكي بشكل ارتجالي في العام 2001، قبل أن يضع له مخططا شاملا ضمن ما عُرف بـ «تقرير البندر». 

وكشف المحامي راشد البنعلي عبر صفحته على منصة انستقرام إن البحرين استقدمت عشرات السودانيين حديثا، وأنه رصد خلال عودته أخيرا على متن رحلة من القاهرة عشرات الوافدين الجدد. 

وقال البنعلي إنه اندهش من أن حوالي 90% من الركاب هم من حاملي الجنسية السودانية، وأضاف «قمت بسؤال أحد الركّاب عن سبب قدومهم للبحرين فقال إن والديه حصلا على فرصة عمل هناك». 

وفي ذات السياق، قال آخر إن مستشفى السلمانية يعج بأطباء مصريين تم استقدامهم حديثا للعمل في المستشفى، على الرغم من وجود المئات من الطواقم الطبية عاطلين عن العمل منذ سنوات طويلة. 

وبدلا من الاستجابة إلى مطالب بحرنة الوظائف في القطاع الحكومي، قامت الحكومة ببحرنة الموظفين بمنح الأجانب الجنسية البحرينية وتوفير منازل إسكانية لهم، ضمن مشروع التوطين نفسه. 

وعلى الرغم من هيمنة الأجانب على آلاف الوظائف في التربية، الصحة والإعلام، إلا أن الحكومة تزعم أن نسبة الأجانب لا تتجاوز 14% في قطاع الخدمة المدنية.

أما الأجهزة الأمنية والعسكرية فإن غالبية العاملين فيها من الجنود والضباط هم من الأجانب الذين تم توطينهم في البحرين لغرض العبث بالتركيبة الديموغرافية في البلاد، وهم يحصلون على امتيازات كبيرة في الخدمات والتعليم. 

ومنذ العام 2011 انتهجت الحكومة ذات النهج في إغراق الشركات الحكومية بالعاملين الأجانب، وقد طال قطاع النفط والصناعات التحويلية تغييرات هيكلية كبيرة بإحلال الأجانب مكان بحرينيين هذا إذا لم يتم تجنيسهم هم الآخرين. 

في ظل كل هذه المعطيات، لا يمكن الحديث عن مصالحة وطنية حقيقية، فالبحرينيون يشعرون أن العائلة الحاكمة تقوم بفرض أمر واقع عبر تحويلهم إلى أقلية في بلادهم، تعيش على الهامش دون خدمات، فرص ولا حتى مستقبل. 

لقد سبق وأن اعتبر ولي العهد سلمان بن حمد آل خليفة «حل ملف التجنيس» واحدا من بنود سبعة للحل السياسي ضمن مبادرة طرحها فبراير من العام 2011 للخروج من الأزمة السياسية، قبل أن تدخل البلاد في نفق لا أحد يعرف كيفية الخروج منه حتى اليوم. 

وطرحت المعارضة أفكارا لتسوية هذا الملف من خلال مقاربات إنسانية بالتدرج، ولا شك أن الحلول الجذرية لهذا الملف لن تساهم فقط في تعزيز الوحدة الوطنية بل تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين التي أُثقلت بكتلة من عشرات آلاف المجنسين ومئات آلاف الأجانب، جاء بفكرتها أشخاص موتورين. 

لا أحد ينسى أن من أشرف على تقرير البندر هو وزير الديوان الملكي خالد بن أحمد آل خليفة وابن أخته أحمد بن عطية الله آل خليفة وهم من خانوا الملك وسرقوا من ميزانية الديوان الملكي أكثر من نصف مليار دينار، وهم بالتأكيد ليسوا أمينين للتخطيط لمستقبل الحكم والبلاد. 

إذا كانت هناك إرادة جادة للإصلاح السياسي وتعزيز اللحمة الوطنية فإن حل ملف التوطين لا شك سيكون أحد أهم المداخل لحلول مستدامة في البحرين، لأنه ليس من المعقول أن تقبل طائفة من الناس العيش في ظل نظام سياسي يهدف للقضاء عليها تدريجيا.