حصاد البحرين 2024: تأبين شعبي واسع لشهيد الأمة السيد حسن نصر الله رغم الحملة الأمنية
2025-01-01 - 10:51 م
مرآة البحرين (أوراق 2024): وصلت ارتدادات اغتيال الأمين العام لحزب الله، سماحة السيد حسن نصر الله، في السابع والعشرين من سبتمبر 2024، إلى الداخل البحريني، فمنذ أن سقطت أطنان المتفجرات على الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، اهتزت القرى والمناطق البحرينية هي الأخرى.
على المستوى الشعبي، خيّمت حالة من الخشية في اللحظات الأولى لإعلان الكيان الصهيوني استهدافه لسماحة السيد، وكانت ليلة السبت بعد عصر تلك الجمعة السوداء، عصيبة وقاسية، جلس خلالها البحرينيون أمام شاشات التلفزيون يترقبون الأخبار الواردة حتى الصباح.
في ظهيرة اليوم التالي، بالتحديد في الساعة الثانية والربع تقريباًبالتوقيت المحلي، جاء إعلان استشهاد السيد ليمثل صاعقة زلزلت وجدان البحرينيين وحوّلت بيوتهم إلى مآتم.
بعدها بلحظات، خرجت أول تظاهرة غاضبة للتنديد بما حدث في منطقة بني جمرة غرب العاصمة المنامة، حمل المتظاهرون خلالها صور السيد نصر الله، وخرجوا على شارع البديع العام، لكن قوات الأمن قمعتهم بالغازات المسيلة للدموع.
في الأثناء، اعتقلت السلطات الأمنية رجل الدين البحريني الشيخ سعيد السلاطنة بعد نعيه السيد عبر مكبرات أحد المساجد في منطقته.
وبدت الحالة الرسمية منذ هذه اللحظة في حالة استنفار كبير، الأمر الذي أكدته تصريحات وزير الداخلية بعد ذلك بلغة غير متسامحة في التعبير عن الرفض الرسمي لتأبين السيد الشهيد بشكل قاطع، حيث توعّد الوزير من يقومون بذلك بـ"الإجراءات القانونية".
مساءً نشطت الحالة الشعبية أكثر، وخرجت تظاهرات في العاصمة المنامة ومناطق كرزكان والهملة وأبوقوة والسهلة، وبدأ المواطنون يتداعون لتنظيم مجالس التعزية وإهداء الختمات القرآنية داخل البيوت وفي المساجد والحسينيات، رغم الاستنفار الأمني الواسع.
ميدانياً، شنّت وزارة الداخلية، تنفيذاً لتهديدات وزيرها، الشيخ راشد آل خليفة، حملة اعتقالات واستدعاءات طالت المئات على خلفية فعاليات تأبين السيد نصر الله، واستحدثت تهمة جديدة تحت مسمى "تمجيد الإرهاب" لمؤبني السيد، أكدت الجهات الحقوقية بعد ذلك في إحصائيات منشورة، أن حالات الاعتقال فاقت المائة، بينهم رئيس المجلس الإسلامي العلمائي، السيد مجيد المشعل، والشيخ فاضل الزاكي، والشيخ علي المتغوي، ورئيس مأتم أنصار الحق، وكذلك بلغت حالات الاستدعاء.
في الأيام التالية، شهدت الساحة البحرينية 63 تظاهرة، قالت جمعية الوفاق في إحصائيات نشرتها، أنها تشمل شهر أكتوبر فقط، بينما شهدت الثلاثة أيام الأخيرة من شهر سبتمبر بعد اغتيال السيد، 33 تظاهرة شهدتها المناطق البحرينية تأبيناً لسماحته، بالإضافة لحالات تأبين جماعية داخل سجن جو المركزي.
وفي أول البيانات، نعت جمعية الوفاق الوطني الإسلامية، سيد شهداء المقاومة، مؤكدة بأن العالم الإسلامي فقد قائداً تاريخياً عملاقاً وصادقاً ووفياً للقضايا الإسلامية والعربية، وناصر المظلومين والمستضعفين والمحرومين، فيما قال نائب أمينها العام الشيخ حسين الديهي في تدوينات عبر منصة (إكس) "بقلوب مثقلة بالحزن والأسى، ننعى سيد المقاومة ورجل الإيمان والعزم والبصيرة، العبد الصالح الذي ارتقى شهيداً عظيماً بعد حياة مليئة بالعطاء والجهاد في سبيل الله".
من جانبها، نعى تكتل قوى المعارضة البحرانية في الخارج، استشهاد سيد المقاومة، داعية شعب البحرين إلى إعلان الحداد العام والمشاركة في مجالس العزاء في مختلف المناطق.
واستنكرت قوى المعارضة التي تضم إلى جانب الوفاق، تيار الوفاء الإسلامي، وحركة أحرار البحرين، وائتلاف شباب 14 فبراير، وحركة حق، وجمعية العمل الإسلامي، منع السلطات لمراسم التعزية ومسيرات تأبين الراحل، معتبرة ذلك انسجاماً مع علاقات التطبيع مع الكيان الصهيوني التي يرفضها شعب البحرين بكلّ فئاته وقواه الوطنية.
في ذات السياق، أصدر 9 من العلماء والرموز السياسيين المعتقلين في سجن جو المركزي بياناً نعو فيه سماحة السيد، جاء فيه: بعد أكثر من ثلاثين عاماً من مجاهدته للعدو الإسرائيلي وقيادته لتحرير لبنان، وإسناده لغزة وشعب فلسطين، تتوّج سماحة السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، بتاج الشهادة في أشرف معركة في نصرة القدس، وعلى أيدي أشرّ خلق الله على الأرض.
وبارك العلماء والرموز، الذين يتقدمهم الشيخ عبد الجليل المقداد والشيخ علي سلمان، بالإضافة إلى الأستاذ عبد الوهاب حسين والشيخ محمد حبيب المقداد، والشيخ سعيد النوري، الشيخ عبد الهادي المخوضر، الشيخ ميرزا المحروس، والأستاذ عبد الهادي الخواجة، والأستاذ محمد علي إسماعيل؛ لسماحة السيد بالشهادة، فيما قدموا التعازي للأمة الإسلامية برحيله، مؤكدين أن رحيله سيصبح انبعاثاً جديداً لنصرة الحق ونصرة الشعب الفلسطيني المظلوم.
وفي بيانه، عزّى سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم، أكبر المرجعيات العلمائية في البحرين، والمقيم في مدينة قم المقدسة، باستشهاد السيد، مؤكداً أن المصاب عظيم، والعزاء كبير.
وقال قاسم مخاطباً السيد نصر الله: "لقد تركت أيُّها القائد العظيم برحيلك إلى جوار ربّك العظيم جروحاً غائرة لاهبة ثائرة للفراق في قلوب الملايين الواعية المؤمنة الطاهرة، وفرحة غبيّة جاهلية في قلوبٍ قذرة يقطنها الشيطان".
وأكد قاسم في بيانه "اليوم يوم المسؤولية الشرعية الإلهية الكبرى التي تحيط الأمة، حكومات وشعوب، على كلّ المستويات، في المواجهة الجهادية الجادّة لما صارت إليه الصهيونية اللعينة من طغيان في سفك دماء الأمة وسحق كرامتها، والاستخفاف الشديد بشأنها والتهديد الشامل لوجودها".
وشدد قاسم "اليوم لا عذر لمسلم أن يحتفظ بكلمة، أو جُهد، أو مال، أو دم مما يمكن وفيه نفعٌ للمقاومة، والدفاع عن كيان الأمة وكلّ شبرٍ من أراضيها، ولا مجال للتسويف في البذل لذلك كلّه تداركاً للوقت قبل فوات الأوان".
ودعا قاسم أصحاب القرار في المقاومة إلى أن يرسموا لشعوب الأمة طريق مشاركتها العملية في المعركة الضارية، لافتاً إلى أن السكوت على مذابح الصهيونية لأبناء الأمة واغتيالات قادتها، والمواقف المتخاذلة، وقبض اليد عن البذل، والاحتفاظ بالحياة عن النصرة، هي جرائم كبرى.
ورفع "علماء البحرين" في الداخل، في بيان صادر عنهم، واجب العزاء إلى ولي الله الأعظم الحجّة بن الحسن المهدي (عج)، وإلى مراجع الدين العظام، والإمام الخامنئي، وجميع المجاهدين والمقاومين.
وأعلن العلماء في بيانهم استمرار الحداد العام إلى يوم الجمعة، داعين إلى المشاركة الفاعلة في جميع مجالس التَّعزية والقراءة الحسينية، والمشاركة في مظاهر الحزن والحداد وبقيَّة البرامج المعلنة في المساجد وغيرها.
ولم تستطع القوى السياسية في الداخل، نتيجة الإرهاب الرسمي، إعلان موقفها تجاه الحدث، لكن بعض الناشطين في المعارضة دوّنوا تعازيهم عبر منصة (إكس)، وأجبرتهم الأجهزة الأمنية بعد جلسات تحقيق، على إزالة منشوراتهم.
في الجمعة التالية (4 أكتوبر 2024)، طوّقت قوات الأمن منطقة الدراز، بعد تهديد إمام جمعة جامع الإمام الصادق (ع) بعدم التطرق للحدث، لكن الصلاة أقيمت جماعة بإمامة الشيخ هاني البناء، فيما تفاجأ المصلون أثناء انصرافهم للمشاركة في تظاهرة في الباحة الخارجية للجامع، بهجوم قوات الأمن، وإغراق المنطقة بالغازات المسيلة للدموع، واعتقال عدد منهم.
في الأسبوع التالي (11 أكتوبر 2024)، نعى خطيب الجامع، العلامة الشيخ علي الصددي، السيد نصر الله دون أن يذكر اسمه، لكن التلميح لم يعجب وزارة الداخلية، التي اعتقلت الصددي بعد ذلك، لمدة أسبوع، ومنعت صلاة الجمعة بشكل رسمي.
وقال الصددي في خطبة الجمعة التي استثارت وزارة الداخلية، بأن لبنان هبّ في اليوم الثاني لطوفان الأقصى، لنصرة أهل غزة وإسنادهم ونجدتهم في صورة من صور التآزر والتلاحم، لافتاً إلى أنهم أبلوا بلاءً حسناً جميلاً مباركاً، وبذلوا الكثير والنفيس في سبيل الله وعزّة الدين ومنعة المسلمين، وأرخصوا نفوساً شهداء على طريق القدس، وبرهنوا بلا شك على الوحدة الإسلامية.
وأضاف الصددي "ولعظيم بلائهم وشديد بأسهم وبالغ نكالهم تتبع العدو الصهيوني الغاشم قادتهم، وألزم نفسه تصفيتهم، وقد لبّوا نداء ربهم شهداء أبرار"، في إشارة لسماحة السيد حسن نصر الله.
وشهد الجامع، نفس أحداث الأسبوع الماضي، وتطورت في الأسابيع التالية إلى حصار أسبوعي لمنطقة الدراز، لمنع صلاة الجمعة، لا تزال حتى كتابة هذا الخبر نهاية ديسمبر، جارية منذ 3 أشهر.
وعلّق آية الله قاسم على الأحداث، في تدوينة عبر منصّة (إكس): "البحرين بلد الإسلام والإيمان، وشعبها شعب الإسلام والإيمان، يُطالَب وهو كذلك -وكأنّه في تل أبيب ومن حزب الليكود- بمعاداة غزة ولبنان ونصر الله وهنيّة، وكلّ قائد غيور من قادة الأمة، وكلّ بلد عزيز إسلامي حرّ، وموالاة نتنياهو. طلبكم مستحيل، وأمنيتكم جنونية".
- 2025-01-02حصاد البحرين 2024: منع الصلاة في جامع الإمام الصادق من جديد
- 2024-12-31أوراق 2024: حسين أمان.. أستاذ الجغرافيا الذي ضاقت عليه جغرافيا الوطن
- 2024-12-30حصاد البحرين 2024: مراسيم بالعفو الملكي وتردد في تبييض السجون
- 2024-12-29حصاد البحرين 2024: استشهاد حسين خليل الرمرام واندلاع انتفاضة داخل سجن جو
- 2024-12-29حصاد البحرين 2024: لجنة رسمية لمراجعة التجنيس والنتائج صفر