بعد يوم من دراسة «مركز البحرين لحقوق الإنسان»: استئنافات بالجملة من النيابة ضد براءة القتلة والمعذبين

2012-10-29 - 2:02 م


مرآة البحرين (خاص): في جولة أخرى من جولات الالتفاف على القانون، والتظاهر بتحقيق العدالة، أعادت النيابة العامة قضايا "القتلة والمعذبين" إلى المحكمة مجددا، نظرا لما قالت بأنه "تراءى" لها من ثبوت التهمة عليهم.

وقال المحامي العام الأول عبد الرحمن السيد أن النيابة العامة "راقبت" ما صدر من أحكام في هذه القضايا، وأخضعتها للفحص والتدقيق، وبعد "الدراسة المتأنية" لأسباب الأحكام الصادرة على ضوء "الأدلة المقدمة" في كل قضية، قررت النيابة الطعن في هذه الأحكام بطريق الاستئناف بناء على ما ذكرته فيه من أسباب.

هذه الاستئنافات التي جاءت "بالجملة"، تشمل القضية التي برأت فيها المحكمة في 27 سبتمبر/أيلول 2012 (أي قبل شهر من الآن) كل من قاتل الشهيد "عيسى عبد الحسن"، وقاتل الشهيد "علي المؤمن"، وقد أشارت النيابة بأنه قد سبق للمحكمة أن عدلت وصف التهمة الموجهة للمتهمين في القضية الثانية من الضرب المفضي إلى الموت إلى القتل العمد!

واستأنفت النيابة كذلك في القضية التي برأت فيها المحكمة في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2012 الضابطة المتهمة بتعذيب الصحافية نزيهة سعيد!

جاءت هذه الاستنئنافات بعد يوم واحد من صدور دراسة لمركز البحرين لحقوق الإنسان، خلصت إلى أنه لا يوجد أي متهم بالمسئولية عن القتل أو التعذيب من عناصر الأمن، رهن الاعتقال، بما فيهم قاتل الشهيد "هاني عبد العزيز" الذي أدين بتهمة "القتل الخطأ" وحكم بالسجن لمدة 7 سنوات!

عدد المقبوض عليهم "صفر" وعدد المفلتين والمبرأين "ما لا نهاية"

 
اضغط لتكبير الصورة
وشملت الدراسة التي أجراها مركز البحرين لحقوق الإنسان 27 حالة قتل خارج نطاق القانون، و15 حالة لقضايا التعذيب الوحشي تضم عددا كبيرا من ضحايا التعذيب. ويصل عدد جميع الضحايا في الحالات الـ 42 إلى أكثر من 200 ضحية، كعينة فقط من بين آلاف ضحايا التعذيب.

وتبين الدراسة أن هناك 8 حالات وقضايا قامت النيابة العامة بإعلان التحقيق فيها أو حولت بعضها للقضاء إلا أنه لم يُبت في بعضها والبعض الأخر لازال في أروقة المحاكم. وفي المقابل هناك 5 حالات وقضايا تم فيها تبرئة الجناة سواء من قِبل النيابة العامة أو من قِبل المحكمة رغم تقديم كل الأدلة التي تدينهم.

كما وجد المركز أن هناك حالة واحدة تمت فيها الإدانة وهي لقاتل الشهيد "هاني عبد العزيز"، حيث قضت المحكمة بسجنه 7 سنوات، لكنه أكد أن الجاني المدان لم يكن مقبوضا عليه ولم يتم القبض عليه، كما أنه أعاب الحكم لأنه "لا يتناسب وحجم وبشاعة الجريمة".

أما ما عزز استمرار سياسة الإفلات من العقاب، فهو الـ 28 حالة أخرى من الحالات الـ 42 محل البحث، والتي أكدت الدراسة إنه "لم يتم فيها أي إجراء سواء كان تحقيقا أو إحالة للقضاء"!

 كما تبين للمركز بأنه لم يتم التحقيق أو محاكمة او إدانة أيّا من المسئولين من أصحاب الرتب العليا، وأن من تم التحقيق معهم كلهم من أصحاب الرتب الدنيا (شرطة)، فلم يتم التحقيق أو التحويل للقضاء لأي من مسئولي قوة دفاع البحرين أو الحرس الوطني أو جهاز الأمن الوطني أو وزارة الداخلية أو الحرس الوطني. وأوضحت الدراسة بأنه من النتائج أيضا عدم محاسبة أيا من أفراد العائلة الحاكمة الذين تورطوا في الانتهاكات بشكل مباشر أو غير مباشر بما فيهم نجلي الملك الأمير ناصر وخالد بن حمد.

الملك وابناه ومشيره "متهمون" والمحاكم الدولية بديلا

 
اضغط لتكبير الصورة
وفضلا عن إدانتها للمحاكمة الشكلية وغير الجادة مع المتهمين من الرتب الدنيا، طالبت الدراسة بمحاسبة كبار المسئولين وأفراد العائلة الحاكمة المتهمين بممارسة التعذيب وخصوصا نجل الملك ناصر الذي قدم الضحايا شهادتهم ضده أمام المحكمة مباشرة، كما طالبت بمحاسبة رئيس جهاز الأمن الوطني السباق والحالي، وجميع أفراد ومسئولي الجهاز، وطالبت كذلك بمحاسبة المشير خليفة بن أحمد رئيس قوة دفاع البحرين لتورطه بشكل مباشر في إدارة العمليات في "فترة السلامة الوطنية"

وحملت الدراسة ملك البلاد مسئولية الانتهاكات بشكل مباشر لعدم تدخله في وقف سياسة الإفلات من العقاب وباعتبار أنها أضحت سياسية ممنهجة تمارسها بشكل واضح النيابة العامة والقضاء.

وأشارت نتائج الدراسة إلى أن سياسة الإفلات من العقاب لاتزال راسخة في عقيدة السلطة وأجهزتها الأمنية كثقافة أساسية مستفحلة، وأنها أداة من أدوات القمع وتمهد لسقوط المزيد من ضحايا العنف الرسمي المفرط الذي مازالت تمارسه السلطة في البحرين كخيار وحيد للتعامل مع المتظاهرين السلميين.

كما ترى أن هذه السياسة هي إحدى أهم معوقات الحد من الانتهاكات ومن أهم مؤشرات عدم تطبيق توصيات اللجنة البحرينية المسقلة لتقصي الحقائق والتي أوصت بشكل واضح بالتحقيق في الانتهاكات ومحاسبة الجناة حسب التراتبية في المسئولية، مشيرة إلى أن التقرير وثق حالات القتل والتعذيب والاستخدام المفرط للقوة.

وعبر المركز عن قلقه من هذه السياسة المنهجية في الإفلات وتوفير الحصانة للجناة وتمكينهم من الاستمرار في مهامهم ومواقعهم الأمنية دون محاسبة، وقال إن ذلك هو ما أفضى إلى مزيد من القتلى بين صفوف المتظاهرين السلميين.

وقالت الدراسة إن هذه القضايا لا تسقط بالتقادم ومن حق الضحايا وذويهم أن يلجأوا للمحاكم الجنائية الدولية خارج البحرين.


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus