هل سيسلك البرلمان البحريني الطريق الذي سلكه البرلمان الكويتي

2012-10-31 - 3:05 م


الدين والسياسة في البحرين: جستين غينغلر
ترجمة: مرآة البحرين

كالعادة، كنت منشغلا جدا في الآونة الأخيرة بالتزامات الكتابة المختلفة. الأكثر أهمية من بينها كانت الأطروحة  المأسطرة لتدوين مخطوطة المشروع-- عملية تنقيح آسف أن أقول أنه بقي لدي الكثير لفعله. بالإضافة إلى ذلك،  يستنفد موسم اقتراح المنح الذي هو الآن على عاتقنا، وقت الفراغ الإضافي. وما هو أسوأ من ذلك، أن جميع هذه المقدمات تستغرق وقتا طويلا لا يطاق لتأدية دورها، وعلى ما يبدو هناك مردود فوري صغير لما هو استثمارات كبيرة في الوقت والطاقة. القطعة الواحدة الصغيرة التي اتخذت أخيرا طريقها من خلال الخط الأكاديمي هو هذا الاستعراض لشون فولي" دول الخليج العربية"، والتي نشرت قبل أيام قليلة في (IJMES)

ولكن منشور اليوم ذا الصلة أكثر بالبحرين هو مشروع كتابي آخر حديث: فصل لكتاب مقبل حول السياسة الطائفية في الخليج الذي أشرت إليه من قبل. الفصل، هو إطار نظري لفهم السياسة الطائفية للمنطقة، يفسر لماذا أن الحصيلة "الطائفية" هي في الواقع حالة خاصة للنزعة الخليجية الأعم نحو السياسة المستندة إلى الجماعة  بكل الأنواع. التفسير، وباختصار، هو مزيج من (1) الخصائص المؤسساتية المحددة التي تمنح امتياز التنسيق السياسي  على أساس الفئات الاجتماعية -- المناطقية ، الدينية ، العرقية، القبيلية، وما إلى ذلك - و (2) جهودا فعالة من جانب  حكام الخليج لإضفاء الطابع المؤسساتي للمنافسة السياسية المستندة إلى الجماعة، في مقابل تلك المستندة على الفرد، من أجل تحقيق أقصى قدر من رفاههم الاقتصادي والسياسي.

والآن،  نادرا ما يحتاج المرء إلى مناسبة خاصة ليشير إلى وجود سياسة المجموعات في البحرين. لا أحد تقريبا بحريني بعد الآن، ولكن بحراني ، أو عجمي، أو مجنس، أو هولي، أو شيرازي، أو خليفي، أو سني، أو أي شيء ، وليس من قبيل الصدفة، أنه الطريق الذي تحبه الدولة . في الواقع، عندما أطلقت المعارضة حملتها التي حظيت بتغطية إعلامية "لا سنية، لا شيعية، بحرينية بحرينية " في أوج المظاهرات الحاشدة في آذار/مارس 2011، لم تكن الحكومة مسرورة جدا، لأن الصورة تتعارض مع قراءتها (أو على الأقل مع تصويرها الخارجي) للانتفاضة. هؤلاء الذين وجدوا يرتدون الملصقات وغيرها من الأدوات التي كتب عليها " فقط بحريني" يتم فرزهم عند نقاط التفتيش الأمنية، وعموما يتم طردهم إما كمخادعين أو كبيادقة جهلة حسب الأجندة الطائفية للآخرين.

ولكن في الأيام الأخيرة بلغ تلاعب الحكومة بالجمعيات الاجتماعية في الدوائر السياسية مستويات ملحوظة حتى وفق المعايير المحلية. وهذا قد يتوافق مع افتتاحية سنداي بشأن الدورة الجديدة للجمعية الوطنية، أو أنها قد تكون مستقلة تماما عن البرلمان. مهما كانت الحالة، فقد خرجت البحرين عن طريقها لتضع فئات المجتمع المختلفة تحت التنيه، أسلوب ستيفن كولبرت.
 
التسلية بدأت الاسبوع الماضي عندما أرسل الشيخ راشد "رسالة شديدة اللهجة" إلى اثنتين من المؤسسات التابعة  للمجتمع الفارسي البحريني الكبير : مأتم العجم الكبير ونادي المنامة. وفقا لمقال نشرته صحيفة مرآة البحرين، فإن أعضاء المجتمع، والتي في العقود الأخيرة، حاولت أن تبقى بعيدة عن السياسة، قد هددت بـ "الترحيل" إذا ما وجدت "تشارك في أنشطة المعارضة." وعقب ذلك مباشرة، أصدرت هيئة شؤون الإعلام بيانًا صحفيًّا أعلنت فيه أن مسجد العجم الكبير "يجدد ولاءه للملك ويستنكر أعمال الشغب والإرهاب":

تلا ذلك تدافع في الولاء بين مختلف جماعات المجتمع المدني البحريني، وخاصة أندية الرياضية وكرة القدم، بما في ذلك تلك غير التابعة إلى العجم البحرينيين. الله أعلم لماذا، إنها ليست كما لو رغبت الحكومة في أن تعتقل و / أو تعذب الرياضيين الذين يفكرون بدعم المعارضة، أليس كذلك؟

حتما، وبطبيعة الحال، رسالة الدولة العلنية إلى البحرينيين الفرس لها الأثر العكسي من ذلك المقصود، أو في أي حال كان من المرجح فقط أن تقنع أولئك الذين كانوا راضين بالبقاء خارج السياسة في المقام الأول. بعد فترة وجيزة من رسالة مأتم العجم الكبير التي أعلن فيها إذعانه للملك حمد وإدانة المعارضة، أظهرت رسالة أخرى موقعة من "حركة عشاق الشهادة" (اسم لطيف) تقول،" في الواقع، على الرغم من أن "مأتم العجم الكبير هو واحد من أكبر الحسينيات في البحرين، إلا أنه لا يمثل جميع العجم ولا يمثلنا". لذلك، مرة أخرى، من خلال المطالبة بتصريحات رسمية  للدعم السياسي من مجموعة غير متجانسة من المواطنين، فقد نجحت البحرين فقط في دفع مَنْ مِنْ شأنهم أن يكونوا خصوما إلى العمل السري.

المجموعة الثانية التي وضعت تحت التنبيه هو الوجه المألوف : الوفاق. ففي تصعيد واضح لتهديدات "إجراءات قانونية" صادرة عن الشؤون الإسلامية / وزارة العدل والتي استمرت لعدة أشهر سابقة، استدعت يوم الأحد علي سلمان إلى مركز شرطة المنامة لاستجوابه . "ماذا فعل هذه المرة؟" تسأل؟ ربما كانت بسبب تجمع الوفاق الأخير في عطلة نهاية الأسبوع؟ أو خطبة الجمعة المثيرة للجدل؟ كلا، في الواقع، الاستدعاء يدل على أنه كان من المقرر استجوابه فيما يتعلق بـ"التدخل في الشؤون الداخلية لدولة صديقة"، وهي مصر، حيث عاد منها مؤخرا. وأتساءل عما إذا تحدث إلى صديقي القديم، عيسى القطان.

هذا صحيح: البحرين، التي شهدت في أواخر آب/أغسطس تسلل أربعة أعضاء، بما في ذلك الرئيس السابق ونائب الرئيس الحالي لجمعية الأصالة إلى سوريا (أو كما سمعت حينها، التسلل كان بالقرب من الحدود السورية - التركية) للعب بالأسلحة مع الجيش السوري الحر، ومن ثم التباهي علنا - نعم، هذا البلد نفسه الآن يستجوب رئيس الوفاق عن التدخل في شؤون بلاد أخرى. (وعلى النقيض من ذلك، أحد أعضاء الأصالة الذين ذهبوا إلى سوريا استقبله الملك حمد بعد أسبوع من العيد). في الواقع، على مدى عطلة نهاية الاسبوع  انتشرت الاخبار على تويتر عن مقاتل بحريني -21 عاما- قتل أثناء الحرب في سوريا. وباختصار، يبدو أن البحرين تحافظ على تفسير غريب بشأن ما يشكل تدخلا في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى (وربما الوصف الفعال هو بلدان "صديقة").

جريدة غلف ديلي نيوز أوردت تقريرا أن سلمان تم استجوابه بعد أن قام المجلس الأعلى للثورة المصرية (أيا كان ذلك) "حث السلطات البحرينية حظره وغيره من قادة الجمعية الإسلامية الوفاق من السفر إلى مصر، واصفا إياهم بأنهم" عملاء إيران " التي كانت "تهديدا لوحدة البلاد." (من الواضح أن الحكومة البحرينية تتخذ الآن أوامر سياسية من جماعات المجتمع المدني في الخارج). وبشكل أكثر دقة، وفقا لـ "المنسق العام" للمجلس: " وجود عملاء موالين لإيران على أرض مصر هو تهديد لوحدة البلاد والدين الإسلامي الحق". نعم، ينبغي على المجلس الاحتراس لئلا يدخل شيعة الوفاق الطائفية على المجموعة التي تملك أجندة سياسية متسامحة جدا . (بالنسبة لأولئك المهتمين، فقد نشرت صحيفة مرآة البحرين ما ادعت أنه النص الكامل لاستجواب سلمان. المنتديات السنية أيضا لها روايتها الخاصة).

ولكن القصة هنا أصبحت غريبة. في نفس الوقت الذي استدعي فيه سلمان للاستجواب تقريبا، ورد عن عيسى قاسم تصريحاته التي رفضتها مختلف الوزارات، أن البحرين تواصلت مع إيران - وتحديدا، مع المستشار الإيراني في البحرين-- للمساعدة في حل المأزق السياسي في البلاد. وفقا لقاسم، المبادرة بدأت في وقت مبكر من القمة الاسلامية في آب/أغسطس في مكة المكرمة، حيث تواصل الملك حمد مع وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي . وتكرر هذا التقرير في وقت لاحق عبر تويتر من قبل مسؤولي الوفاق، بما في ذلك خليل مرزوق، ونفاه الشيخ خالد وغيره. (وبطبيعة الحال، فقد تناولت سوسن الشاعر في صحيفة الوطن "علاقة" قاسم بالقنصل الإيراني مع العواقب الصحفية المتوقعة).

المجموعة الأخيرة التي أنذرتها حكومة البحرين، وأعتقد أنه ليس من قبيل الصدفة، هو البرلمان الذي أعيد فتحه للتو. المرء يتذكر، في غياب الوفاق، أن ذلك الجسم قد فقد إلى حد كبير سكونه التقليدي حيث تمتع برفاهية انتهاج أجندة تشريعية تتجاوز عرقلة المعارضة. هذا أدى إلى جمود كبير بين مجلسي النواب والشيوخ ، ناهيك عن الاشتباكات التي لا تنسى مع وزيرة الثقافة البحرينية الشيخة مي والذي تطلب تدخل خليفة بن سلمان نفسه. بعد "زيارة" الأخير للبرلمان مؤكدا التعاون التشريعي والتنفيذي ، انقلب النواب في أسلوب تقليدي للتركيز على عدو سياسي جديد، وهي الولايات المتحدة وسفيرها الماكر، لصالح وزراء الحكومة.

والآن، في خطابه السنوي أمام البرلمان يوم الأحد، أكد الملك حمد أنه لن يتم حل البرلمان الحالي لإفساح الطريق لانتخابات جديدة أو مشاركة الوفاق، على الرغم من أنه يقول أن "باب الحوار لا يزال مفتوحا". ولكن، وفي الوقت نفسه، توضح ملاحظاته وكذلك ملاحظات رئيس البرلمان الظهراني أن الحكومة تتوقع بالفعل جلسة أخرى صدامية نسبيا، وتحذر بشكل استباقي النواب بعدم انتهاج هذا الطريق. غلف ديلي نيوز تذكر، على سبيل المثال (التأكيد مني):

قال الدكتور الظهرانى إن جلالة الملك حمد قد أكد في مناسبات عديدة أنه لن يتم حل البرلمان. وشدد على أن لا أحد يستطيع أن يسئ للمبدأ الكامن وراء الاستجواب العلني للوزراء - هناك مبادئ توجيهية واضحة حول هذا الموضوع. عدد من مشاريع القوانين فشلت لأن الجمعية الوطنية لم تجلس إلى الدورة، بعد خلافات بين مجلس الشورى والبرلمان. وسوف يتم استعرضها مرة أخرى وإعادة تقديمها إلى الجمعية العامة.

 يفترض المرء أن الجمود البرلماني يجب أن يكون في ذهن حكام البحرين خصوصا بعد الأحداث الأخيرة في دول خليجية أخرى مع برلمان فعال، فالكويت، اضطر أميرها إلى حل الهيئة للمرة الخامسة منذ عام 2006 بسبب  معارضة عنيدة مع وجود نزعة لاختبار وزراء  الأسرة الحاكمة. أكان النواب البحرينيون  سيستلهمون من إخوتهم الكويتيين أم لا هو تخمين أي شخص، ولكن لا أستطيع أن أتخيل أن قضايا مثل الفساد والتجنيس السياسي، أو التنمية الاقتصادية المتفاوتة قد تبددت منذ آخر اجتماع للبرلمان. العديد من البرلمانيين قد يتحدون بسبب كراهيتهم للمعارضة، أو من أجل الولايات المتحدة، أو لقهوة ستاربكس المحروقة. لكن تمرير قرارات تدين المعارضة لا تجعلك تحصل على إعادة انتخابه عندما يتم ضرب معظم الناخبين في منطقتك عن طريق الركود الاقتصادي ما بعد مرحلة انتفاضة البحرين ومشاهدة مواطنين آخرين-- العائلة المالكة والأسر النخبة والمواطنين المجنسين – يفعلون ما هو أفضل على نحو غير متناسب .

البحرين لا تزال منشغلة في لعبة المجموعات السياسة ، يجبر البحرينيين الفرس على الدخول في مسار تتزايد فيه مخاطر لعبة القط والفأر مع الوفاق. ومن المفارقات، أن من بقي خارج السياسة الرسمية - البحارنة والعجم - يضعون الحكومة في مكان أكثر صعوبة، ويتركونها تواجه برلمانا مؤلفا على وجه الحصر تقريبا من أنصارها ( شكليا على الأقل) . هنا، ذرائع اعتذار المعارضة ما بعد 2005 لم يعد يحصل، لأن الوفاق وغيرها قد تخلت عن المرحلة. وفي حين أن قبل ان تتمكن الدولة من تجنب محاكم التفتيش البرلمانية وتصويرها أنها مبادرة المعارضة والتي يعارضها بإخلاص نواب موالون للحكومة ، ليس هناك الآن ما يمنع الأعضاء ولكن الخوف من زيارة أخرى لخليفة بن سلمان. ذلك الخوف قوي، بطبيعة الحال، ولكن على مدى العامين الماضيين أظهر نفسه ليكون مؤشرا على السلوك السياسي الذي لا يمكن الاعتماد عليه نوعا ما في منطقة الشرق الأوسط، لأنه من الصعب أن نستشف الفرق بين الخوف والكراهية . 

مستجدات 1: يبدو أن لدينا عددًا قليلًا من قراء صحيفة الوطن في DHS:

مستجدات 2: أوردت صوت المنامة  تقارير الرد الايراني على الجدل الدائر حول طلب الحكومة البحرينية الوساطة السياسية.العنوان  يوضح الأمور : "إيران: ملك البحرين، وزير الخارجية، والسفير طلبوا الوساطة".

ومن هيئة الإذاعة البريطانية، السعوديون ليسوا سعداء جدا عن التحقيق البرلماني في المملكة المتحدة في علاقاتها الخارجية مع السعودية والبحرين.

مستجدات3: ما ينظر إليه على انه استفزاز شديد، أعلنت الأوقاف الشيعية في البحرين أن مسجد الإمام الصادق في  الدراز، موطن الشيخ عيسى قاسم سيتم استبداله على مراحل بآخر أحدث وأكبر بكثير على أرض تبرع بها الملك. لا يوجد أي ذكر لمصير الشيخ عيسى قاسم - أي ما إذا كان سيتم إعادة تعيينه كإمام للمسجد الجديد - ولكن من المرجح أن يكون هناك معركة تختمر .

مستجدات 4: هجوم آخر بالقنابل وقع على الشرطة في قرية العكر. لا أنقل عن المتحدث باسم وزارة الخارجية في العادة، ولكنه مناسب في هذه الحالة : "[ استئناف محادثات سياسية]  لا تزال الطريق الوحيد الذي نراه ونشجع الجانبين أن يشمروا عن سواعدهم للوصول إلى مبتغاهم".

15 تشرين الأول/أكتوبر 2012 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus