لواء سابق في البحرية الأمريكية: ماذا سيحدث إذا ما أجبرت عائلة «آل خليفة» الحاكمة في البحرين على التنحي؟

2012-11-02 - 12:33 م


"ذي هيل": دوگلاس كاتز (لواء سابق في البحرية الأمريكية)
ترجمة: مرآة البحرين
 
بالرغم من استمرار تصاعد العنف في جميع أنحاء العالم العربي، إلا أن تواجد الأسطول الأمريكي الخامس ومقره البحرين، لايزال يشكل مركزاً حيوياً لأمن الخليج العربي وإرساء الاستقرار الاقتصادي هناك.
 
إن مقتل السفير الأمريكي في ليبيا (ستيڤنز كريستوفر) و3 دبلوماسيين أمريكيين يمثل ذكرى قاتمة لمدى ضعف الشرق الأوسط وخطورته على دبلوماسيينا وجيوشنا ورعايانا في تلك البلدان التي لاتزال فيها الاحتجاجات واسعة الانتشار.
 
صحيحٌ أيضاً أن تواجد الجيش الأمريكي القوي، وخصوصاً (سلاح البحرية)، سيظل ضرورياً في ذلك الجزء من العالم، وسوف يستمر نقاش ذلك في الكونغرس مع الإدارة في الأسابيع والأشهر المقبلة، بغض النظر عن نتيجة الانتخابات الرئاسية القادمة. 
 
بالرغم من معرفتي وأخذي ما جرى في البحرين في العام الماضي بعين الاعتبار، فأنا لا أستطيع المساعدة! إنني قلقٌ بشأن الاضطرابات وأعمال الشغب المتصاعدة في بلدٍ أشعر بأني أعرفه جيداً. لقد تم تعييني في الاسطول الأمريكي كأول قائد عسكري ب(ثلاث نجوم) على المنطقة بعد حرب العراق الأولى، وأعرف دينامية البيئة وكيفية تقلبها هناك. إضافة لذلك، أتفهم أهمية البحرين بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي، وبالنسبة لحماية المصالح العربية والأمريكية في ذلك الجزء من العالم.
 
للأسف، لا زالت الاضطرابات في البحرين تثير تساؤلات خطيرة. ماذا سيحدث إذا ما أجبرت عائلة "آل خليفة" الحاكمة في البحرين على التنحي؟ لقد حكموا جزيرة البحرين منذ القرن التاسع عشر. هل سيترتب على ذلك فوضىً من شأنها أن تتسبب في عدم استقرار منطقة الخليج؟ هل هل سيجبر الأسطول الخامس على المغادرة؟ وإن حصل ذلك، فهل ستكون هناك دولة معتدلة أخرى من دول الخليج على استعدادٍ لاستضافة تواجد أمريكي عسكري (طويل الأمد)؟ إذا ما اضطرت البحرية الأمريكية لمغادرة الخليج، فمن الذي سيكون بديلاً لضمان تدفق النفط والسلع الأخرى من خلال نقطة الاختناق الحرجة (مضيق هرمز)؟ "حيث التقاء بحر العرب والمحيط الهندي". هل ستهيمن إيران على النقل البحري أو تعترض صادرات واحتياطات الطاقة؟ هذه أسئلة كبيرة يصعُب الإجابة عليها، ولكن يجب معالجتها، لأن هناك تداعيات عالمية شديدة لنتائجها.
 
لقد عملت الولايات المتحدة من أجل الحفاظ على التعايش السلمي في المنطقة منذ إرسال قواتها البحرية للبحرين في 1949. ومنذ ذلك الوقت، كانت مملكة البحرين تلعب دوراً رئيسياً في أمن واستقرار الخليج، ولا زالت صديقاً وحليفاً وثيقاً منذ ذلك الحين.
 
في رحلتي للبحرين ضمن نطاق عملي (1992-1994) تعرفت للمرة الأولى على ولي عهد البحرين سابقاً، والملك الحالي "حمد بن عيسى آل خليفة" وابنه وولي عهده الحالي الأمير "سلمان بن حمد آل خليفة". لقد كنت محظوظاً لرؤيتي إياهم في كثيرٍ من الأوقات، ولاجتماعي بالعديد من الوزراء الحكوميين، بما فيهم وزير الدفاع، الذي لا زال في هذا المنصب ولا زال صديقا لي. لازال جميع هؤلاء القادة (السابقين والحاليين) يعبرون عن التزامهم الصادق بأن كل بحريني قادر على تحقيق التقدم والازدهار والتطوير الشخصي، بغض النظر عن انتمائه الطائفي أو الديني.
 
لقد شاهدت الاحتجاجات بقلقٍ متزايد. لقد رأيت ردود الفعل المفرطة من جانب قوات الأمن البحرينية، ولاحظت الخطاب الحاد الذي تلاه عنفٌ غير منضبط من جانب المعارضة الراديكالية. قُتِل العديد من المتظاهريين المدنيين الأبرياء، وتم جرح وقتل رجال الشرطة. لم يسبق أن شهدت البحرين مثيلاً لذلك العنف والانقسامات التي لم أرها خلال زيارتي للبحرين عام 1990، أو حتى لدى زيارتي الأخيرة في 2009. هذه ليست البحرين التي أعرفها.
 
عندما سافرت للبحرين في أواخر الربيع من هذا العام، لم أتلق شعوراً بأن الحكومة كانت تحاول التقدم نحو مزيد من الديمقراطية التي من شأنها أن توفر فرصاً واستقراراً وتناغماً أكبر للداخل ولجميع البحرينيين. العملية بطيئة وغير منتظمة، ولكن هناك تحرك. مملكة البحرين هي أحد أقوى حلفائنا، ومن صالحنا دعم تلك الصداقة المستمرة حتى وإن كنا نمارس الضغط من أجل تشجيع التحرك باتجاه الإصلاح الديمقراطي.
 
خلال زيارتي الأخيرة، التقيت بالملك وولي عهده، وتحدثنا. لم نتحدث عن الأوقات الماضية فقط، بل تناولنا أيضاً الاضطرابات الحالية ورؤيتهم للمستقبل. أعلم بأن الملك يريد أن يكون قوياً، وقد كان ذلك واضحاً خلال حديثنا. أعتقد بأن الاحتجاجات التي اندلعت منذ العام نصف كانت مفاجئةً له، وقد أبدى أسفه لأعمال العنف التي نتجت من كلا الطرفين. إنه يدرك حاجته في لعب دورٍ أساسي للحفاظ على التوازن بين المصالح المتضاربة. أنا مقتنع كذلك بأنه يبذل قصارى جهده لتنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق (لجنة بسيوني)، بالرغم من اعترافهم بأنهم لا يستطيعون تنفيذها بالسرعة التي يطالب بها العديدون.
 
أما بالنسبة للسنوات المقبلة، فإنني أجد صعوبة في تصديق اضطرار آل خليفة للتنحي، أو مغادرة الأسطول الخامس مياه البحرين والخليج. إن كلاهما مهم لضمان السلام في المنطقة، ولاحتواء طموحات إيران في فرض هيمنتها على الممرات البحرية المفتوحة.
 
*دوگلاس كاتز - لواء متقاعد في البحرية الأمريكية، وقائد الأسطول الأمريكي الخامس سابقاً.


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus