الأزمة الجديدة في البحرين

2012-11-16 - 8:03 ص


تيد غالن كاربنتر: ناشنال إنترست
ترجمة: مرآة البحرين

أخذت البحرين تبرز بسرعة باعتبارها البارود الجديد الذي يشعل الشرق الأوسط. وعلى الرغم من أن هذا البلد لم يحظ بكثير من الاهتمام في وسائل الإعلام الغربية، المهووسة بإيران وسوريا، والانتخابات الرئاسية الأميركية، في حين أن التطورات الأخيرة التي تثير قلقا عميقا.

في 30 تشرين الأول /أكتوبر، فرضت وزارة الداخلية في البحرين ما يمكن اعتباره إعلان حالة طوارئ وطنية، وحظرت جميع التجمعات الاحتجاجية. وهددت الوزارة أيضا باتخاذ إجراءات قانونية ضد المجموعات أو الأفراد الذين تجرؤوا على الدعوة إلى مزيد من الاحتجاجات.

وكان هذا التحرك استجابة لتجدد المظاهرات المناهضة للحكومة التي بدأت في شباط /فبراير 2011 وأسفرت عن مقتل نحو ستين شخصا -- في بلد لا يكاد يبلغ عدد سكانه 1.2 مليون نسمة. وقد همدت تلك المظاهرات إلى حد ما في أواخر عام 2011 وأوائل عام 2012، ولكن كانت هناك موجات عنف رئيسية في الأشهر الأخيرة. كان ذلك صحيحا لا سيما بعد أن أيدت محكمة بحرينية أحكاما بالسجن في شهر أيلول /سبتمبر لـ 13  من زعماء المعارضة بينهم سبعة يواجهون السجن المؤبد.

هذه الأحكام فرضتها محكمة خاصة منحازة بشكل صارخ في حزيران/يونيو 2011. بعض الاحتجاجات المتجددة أصبحت عنيفة. ففي تشرين الأول/أكتوبر، توفي اثنان من رجال الشرطة بجروح أصيبا بها خلال هجمات بالقنابل حارقة أثناء المظاهرات.

ولكن يبدو أن محاولة وزارة الداخلية منع المظاهرات السلمية، قد أتت بنتائج عكسية. ففي صباح 5 تشرين الثاني/نوفمبر، انفجرت خمس قنابل في قلب العاصمة المنامة مما أسفر عن مقتل اثنين من المدنيين الأبرياء. هذا التطور قد أنتج تصعيدا دراماتيكيا للتوترات، حيث إن التفجيرات الإرهابية لم تكن في السابق ميزة المواجهة بين الحكومة وخصومها السياسيين.

جانبان من جوانب الصراع في البحرين تجعله شيئا غير كفاح في منطقة محدودة وفي بلد صغير غامض. من المرجح أن تكون البحرين واحدة من أولى القضايا السياسة الخارجية المقلقة التي على الرئيس أوباما أن يواجهها عقب إعادة انتخابه، حيث إن المنفذ الرئيسي للأسطول الخامس الأميركي، حجر الأساس لوجود واشنطن البحري في منطقة الخليج، يقع هناك. إذا تجاوزت الفوضى البحرين، فسيكون من الصعب والمكلف للولايات المتحدة إيجاد المرافق البديلة وخاصة للقيام بذلك بطريقة مناسبة.

والعنصر الآخر الذي يجعل من التطورات في البحرين أوسع أهمية هو أن البلد أصبح قمرة القيادة، جنبا إلى جنب مع سوريا، للتنافس السني- الشيعي المرير في المنطقة. الملكية السنية في البحرين تحكم ما يشكل 70 في المئة من السكان الشيعة، والنخبة السنية تشغل المناصب السياسية والاقتصادية في تمييز متفش ضد الطائفة الأولى. طهران تدعم علنا الفصائل الشيعية في البحرين، في حين تعتبر السعودية الراعي الرئيسي للملك حمد بن عيسى آل خليفة. في الواقع، كان يمكن للمعارضة التي يقودها الشيعة أن تسود في الموجة الأولى من الاضطرابات لولا تدخل السعودية وحلفائها الخليجيين بألفي جندي في آذار/مارس 2011.

نظام الطوارئ الذي فرضته وزارة الداخلية في تشرين الأول/أكتوبر كان موجها بوضوح ضد أكبر كتلة سياسية شيعية، الوفاق، التي نظمت العديد من المظاهرات المناهضة للحكومة في السابق. بيان للوزارة أصر أن كلا من الحكومة والمجتمع البحريني قد "ضاقوا ذرعا" من المظاهرات، وأن "هناك حاجة لوضع حد لها." حتى أن النظام كان أكثر تعنتا بعد تفجيرات 5  تشرين الثاني/نوفمبر. واتهم إيران بانها تقوم بتأجيج العنف وأن الوفاق تقوم بتنفيذ محاولات طهران. فرد قادة الشيعة باتهام الحكومة بتدبير التفجيرات لتبرير حملة أخرى على الخصوم السياسيين.

واشنطن عززت الانطباع بأنها تحاول أن تقود مسارا معتدلا ومسؤولا بشأن البحرين. حيث دعا مسؤولون أمريكيون الجانبين للامتناع عن الاستفزازات والدخول في حوار بناء. ولكن هناك ميلًا جليًا تجاه موقف الملكية. ردة فعل إدارة أوباما على التدخل العسكري بقيادة السعودية عام 2011، على سبيل المثال، كان أكثر بقليل من الانتقاد الفاتر والسطحي.

من المرجح أن تكون البحرين على رأس جدول السياسة الخارجية للرئيس في بداية ولايته الثانية، لكن الكثير قد يتمنون خلاف ذلك. ويبدو أن طهران نشطة بشكل متزايد في دعم المتمردين الشيعة. إلى حد ما، هذا يعكس التضامن الديني، ولكن يبدو أيضا وكأنه سداد السعودية لدعم الرياض الصارخ للتمرد السني بالدرجة الأولى ضد حليف طهران الرئيسي في المنطقة، سوريا بشار الأسد. الحكومة الإيرانية توضح للسعودية (والولايات المتحدة) أن لديها القدرة على إثارة القلاقل ضد حليف سعودي رئيسي.

الاضطرابات في البحرين توضح كلًا من الانقسام الداخلي بين السنة والشيعة و الصراع السني الشيعي على السلطة في المنطقة. كانت هناك تكهنات بأن اعادة انتخاب أوباما يهدف لأن يكون أكثر مرونة وبراغماتية فيما يتعلق بقضايا السياسة الخارجية. وقد غذى تعليقه الذي استشهد به "على المذياع " لدميتري ميدفيديف هكذا تكهنات. الشرق الأوسط هي من المناطق التي تحتاج إلى قدر أكبر من المرونة والبراغماتية.

على اشنطن إعادة النظر فيما إذا كان من المنطقي الاستمرار على نحو مطلق بدعم محاولات المملكة العربية السعودية فرض أو تحصين الهيمنة السنية في المنطقة. النظام الملكي البحريني هو نظام استبدادي بشكل كامل  يضطهد الأغلبية الشيعية. مواصلة دعم تلك الحكومة لمجرد أن إيران تدعم الجانب الآخر يسخر من التزام واشنطن المعلن للديمقراطية وحقوق الإنسان. يجب أن تكون السياسات المتعلقة بالبحرين على رأس قائمة المسائل لإعادة النظر فيها في ولاية الرئيس أوباما الثانية.
.
*تيد غالن كاربنتر زميل بارز في معهد كاتو،  ومؤلف تسع كتب وأكثر من 500 مقال ودراسة حول القضايا الدولية. وهو أيضا محرر مساهم في ناشنال إنترست.

13 تشرين الثاني/نوفمبر 2012


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus