هل سوف يكون العنف غير المتصاعد في الكويت مغيرا لقواعد اللعبة في البحرين

2012-11-24 - 9:23 ص


جستين غنغلر: الدين والسياسة  في البحرين 
ترجمة: مرآة البحرين

ذات يوم في مطلع الشهر الماضي وصلتني رسائل بريد إلكتروني عدة غير محمومة تماما تسألني عما إذا كنت قد عرفت أي شيء عن لقاء يقال إنه مقرر عقده في الدوحة، حيث أقطن، بين أعضاء الحكومة البحرينية والمعارضة. ولأني لم أكن حقا على علم بها، قرأت باهتمام مقالا كتبه رئيس تحرير صحيفة أخبار الخليج أنور عبد الرحمن، يشجب فيه هذا "الاجتماع المشبوه في الدوحة" ويشبه هؤلاء المشاركين المحتملين بالخونة الذين قد عادوا منذ أسبوع فقط من مراجعة حقوق الإنسان في البحرين في الأمم المتحدة في جنيف.

على الرغم من أنه ثبت أن بعض معلوماته خطأ – فالحدث لم يكن منظما من قبل  كارنيغي إنداومنت --  يتبين للمرء أن هناك محاولة للجمع بين مجموعة من البحرينيين في شكل ورشة عمل. ولكن، الافتتاحية بقلم عبد الرحمن، المتحدة مع العديد من المقالات الأخرى في مختلف وسائل الإعلام، قد وصلت إلى حد ضربة وقائية على المشروع بأكمله، ولقد كانت تحذيرا أقل من كونه هادئا لأولئك الذين تمت دعوتهم أنه كان في مصلحتهم عدم الذهاب (ناهيك عن الخيانة المستمرة لقطر في الجرأة للسماح بمثل هذه اللقاءات على أراضيها). وقد ألغي هذا الحدث لنقص المشاركة، والمرء يشتبه، بأنه خوفا من حادث دبلوماسي محتمل.

وفي وقت لاحق، في نهاية تشرين الأول/أكتوبر، أوردت صحيفة الغارديان أن منظمة غير حكومية يديرها مساعد سابق لتوني بلير كانت "تقدم المشورة للبحرين حول حل النزاعات" مع " الحكومة البحرينية وشخصيات المعارضة... على تقنيات التفاوض وحل الصراع. مرة أخرى، البحرين لن تتسامح بالإيحاء إلا أنها تعارض وبشدة أي تسوية سياسية مع المعارضة والتدخل الأجنبي في هذه "المسألة الداخلية". وعلى الفور تم إرسال وزيرة الدولة لشؤون الجنون سميرة رجب لإنكار  قصة الغارديان بشكل صريح في تصريحات نقلتها في وقت لاحق وكالة أنباء البحرين.

الآن، لم أكتب هنا منذ زمن. وهذا يرجع جزئيا إلى زيادة في الالتزامات الأخرى. لكنه يعود أيضا إلى سبب أكثر جوهرية، وهو أنه من الممل إعادة صياغة نفس الأطروحة أسبوعا بعد أسبوع. "أمننة" السياسة في البحرين قد ألقت البلد في دوامة مدمرة ومستديمة، حيث إن عدم وجود حتى مجرد تلميح تسوية سياسية تشجع أساليب الاحتجاج المتطرفة على نحو متزايد، مما يعزز فقط مقاومة الدولة ( ومقاومة الموطنين "الموالين للحكومة" من ذوي التفكير الأمني)  لتسوية أو حتى حوار. في الواقع، في أعقاب تفجيرات أمس (التي وقعت في حيي القديم)، وزير الداخلية الشيخ راشد كان سريعا لاعلان أنه "لا يمكن التفاوض مع الإرهابيين". هذا فقط كذلك، بطبيعة الحال، نظرا لأن أولئك المسؤولين عن التفجيرات يفترض ألا يكونوا مهتمين بالحديث أيضا.

السؤال، وفقا لذلك، ليس عما إذا كانت البحرين من المرجح أن تواصل (أو، في هذه الحالة، حول) نفس المسار السياسي، ولكن السؤال هو ما الذي سيمنعها من ذلك وهذا يعني، ما هو الحدث أو التطور الذي سيكون تحويليا بما فيه الكفاية لتغيير حسابات الحكومي حول الحل السياسي الفعلي الضروري أو المفيد  للصراع في البحرين في مقابل الجمود الحالي المصطنع ( الذي بلغ الآن اشهر من العمر) والمفروض عبر حملة أمنية كاسحة؟ ( حملة أمنية التي، اعتبارا من أسبوع مضى، تشمل الآن حظرا كليا على المظاهرات).

 
في المقام الأول، يمكن للمرء أن يستبعد القنابل الأنبوبية المحلية الصنع وغيرها من الأعمال التي تستهدف في الظاهر جذب انتباه الحكومة أو، على الأرجح، المجتمع الدولي. وللحظات فإن سرقة العناوين بعيدا عن سوريا  ليس له دور كبير يذكر إذا كان العنوان هو شيء من هذا القبيل " قتل اثنان في هجوم إرهابي للمعارضة البحرينية". ونفس الشيء، إن استهداف الأجانب في المناطق المليئة بهم – و "العدلية، موقع إحدى الإصابات، والتي ربما كانت الأكثر شعبية من الجميع – من غير المرجح أن يجذب أنصارا إضافيين. والأهم من ذلك هذه الأعمال التي لا تصب إلا في سرد أولئك الذين في الدولة وفي المجتمع الذي هو أكثر معارضة " لتسوية مع الإرهابيين". خذ الصورة أدناه، على سبيل المثال، والذي مصدره منتدى سني رئيسي بحريني يشبه حادث يوم أمس بتفجير حزب الله في لبنان.

هذه الأحداث لا تقوي فقط عزيمة أولئك الذين يعارضون الحوار، فبالاضافة إلى ذلك، فهي تعطي القوة لأولئك الذين ينادون بمزيد من التصعيد في الحملة الأمنية الحالية، أبرزها الإقفال الفوري للوفاق واعتقال علي سلمان وبالأخص عيسى قاسم كمحرضين مزعومين على العنف. وبالفعل في الشهر الماضي تم استدعاء السابق للاستجواب، في حين ذكرت مرآة البحرين في 1 تشرين الأول/أكتوبر أن أحد مستشاري الملك حمد، نبيل الحمر، أعلن أن "عددا من المحامين البحرينية" يستعدون لرفع دعوى قضائية ضد عيسى قاسم "الأسبوع المقبل" – أي هذا الأسبوع -  فيما يتعلق بخطبته الشهيرة "اسحقوهم". (تذكر هذه؟)

وكالعادة قيادة هذا الاتهام في هيئة التحرير في صحيفة الوطن. في العناوين الخمسة على صفحتها  (الإلكترونية) (اليوم)، أهم موضوعين هما عن عيسى قاسم. واحدة، أحدهما يعرض صورة لأحد ضحايا يوم أمس، تقول: "النواب وأعضاء مجلس الشورى : تحريض قاسم هو وراء تطوير الأساليب والآليات الإرهابية".
وتماشيا مع الدورة العامة للعنف والاتهامات المتبادلة التي هي الآن السمة المميزة للبحرين، فإن الاستجابة من الجانب الآخر –سواء فيما يتعلق بأحداث يوم أمس تحديدا، فضلا عن أكبر هجوم على عيسى قاسم – كانت متحدية بنفس القدر. 

ويواصل مجلس العلماء المسلمين  -  لست متأكدا بالضبط من يمثل هذا – انتقاد "الهجوم على آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم." وفي بيان جديد صدر الأحد، المجلس يقول إن "الدفاع عن رمز الفقه هذا... هو الدفاع عن جميع المستهدفين من [زعماء المعارضة]،" وكلمات مثل، " وفقكم الله [ جميعكم ]  لحماية أمن هذا الوطن والدفاع عن رموزه المخلصين. "

وقد انضمت حركة 14 فبراير أيضا في الرسم المبهرج أعلاه، والذي يقدم تحذيرا عاما ليس لشخص على وجه الخصوص: "هو شيخنا [عيسى] قاسم: احذروا"

لا الوفاق ولا علي سلمان  يتبنون لهجة تصالحية. والوفاق العالقة بين التهديدات المزدوجة لحلها من قبل الحكومة وعدم الاعتداد بها في الشارع،  تواجه تحقيق توازن غير مستقر، على أقل تقدير. وقد تناولت محافل المعارضة  في مقابلة لعلي سلمان على قناة الميادين (ليس لدي أي فكرة ما هي)، والتي ورد أنه قد قال، "إذا دخل شخص ما بيتي  فسوف أقتله دفاعا عن النفس. " البعض بالطبع يأخذون كلمة "شخص ما" على أنها تعني "ضابط شرطة"، في حين يقول آخرون إنها كانت بيانا عاما قد تم تضخيمه حاليا إلى حد كبير لإثبات الادعاءات حول التحريض تجاه العنف.

 
الوفاق أيضا لم تسدِ إلى نفسها جميلا بما كتبته على تويتر عن تفجيرات يوم أمس، والتي كما ترون أدناه يجري تفسيرها على أنها فرصة ضائعة أخرى لإدانة أعمال العنف.
 
وأخيرا، مع مهرجان عاشوراء المشحون سياسيا والذي يأتي بعد أسبوعين تقريبا، البعض – وبشكل أكثر تحديدا، مجموعة الشيخ عبد الوهاب حسين وهي حزب الوفاء --  تحاول وضع المناسبة فى الاستخدام السياسي الأكثر وضوحا بوصفها "بعاشوراء المقاومة ". كما أعلنت وزارة الداخلية أن الحظر على التجمعات العامة الجديدة لن ينطبق على المواكب العاشورائية، وربما ليس من المستغرب أن هذه الأخيرة تتحول إلى مسيرات سياسية حقيقية.
 
وباختصار، إذن، ليس هناك ما يدعو للاعتقاد بأن هجوم الأمس يمثل شيئا جديدا غير عادي في البحرين. بالتأكيد لن تحث الدولة إلى إعادة التفكير في استراتيجيتها الأمنية الحالية، ولن تدعو للضغوط خارجية من أجل أن تفعل ذلك. على العكس تماما، أعمال العنف هذه لن تولد سوى حملة أكمل لأن العائلة المالكة ذات التفكير الامني والمواطنين قد حصولوا على دعم أكثر من أي وقت مضى لحججهم، والأهم من ذلك، تبدو الوفاق شريكا لا يمكن الاعتماد عليه أكثر في الحوار السياسي. لذلك، على الرغم من محاولة البعض رسم الوفاق كعقل مدبر لأعمال العنف، والحقيقة هي أن هذا العنف يمثل شيئا مثيرا للقلق بالنسبة للدولة: حركة احتجاج خارجة تماما عن أيدي المعارضة الرسمية (الأكثر اعتدالا).

في الواقع، من وجهة نظر الدولة، سيكون من الأفضل لو أن الوفاق كانت وراء العنف،  فمنذ ذلك الحين والمجموعة يمكنها بمصداقية الالتزام لإنهاء ذلك كجزء من المفاوضات السياسية. وكما هي عليه الآن،  مع "وفاق" لا تؤثر تقريبا على قيادة الشباب الثوري البحريني، فإن أي وعد من الوفاق لإنهاء الأنشطة الاحتجاجية العنيفة في مقابل تنازلات سياسية هو غير موثوق به تماما ولا يعطي الحكومة أي حافز للدخول في حوار في المقام الأول. وهنا تكمن مشكلة التزام كلاسيكي.

لذلك، أعود إلى السؤال المطروح في البداية: إن لم يكن التصعيد الأخير في أعمال العنف، فما الذي قد يجبر الحكومة على إعادة النظر في استراتجية أمنها السياسي الحالي؟ في السابق كنت قد اقترحت أن هذا التنقيح في التفكير قد يدفع على الأرجح  بتغيير جوهري في الديناميكيات السياسية الداخلية  بدلا من / الإقليمية الخارجية : سؤال لا مفر منه عن الخلافة في المملكة العربية السعودية، والتي قد تلفت انتباه المملكة بعيدا عن البحرين، تحول ( غير محتمل على ما يبدو) في سياسة الولايات المتحدة تجاه البحرين، أو تعبئة المواطنين السنة في المملكة العربية السعودية – تتجاوز الاحتجاجات الدائمة في المنطقة الشرقية -  تثير النشاط السني في البحرين.
والآن،  أيا من هذه السيناريوهات الثلاثة قد آتت أكلها. ولكن إذا كنت قادرا على تعديل الفقرة الأخيرة قليلا، وتغيير المملكة العربية السعودية إلى الكويت، ثم قد ترى أين أريد أن أصل بالفكرة. تخيل، على سبيل المثال، أن الجمود  البرلماني الجاري في الكويت يؤول إلى أزمة سياسية كاملة، وتستكمل باشتباكات عنيفة بين المتظاهرين وشرطة مكافحة الشغب. وكما هدد الأمير بالفعل، فقد تم نشر الجيش الكويتي لقمع الاحتجاجات بالقوة، وتصبح الانتفاضة الشعبية الوحدة في الخليج (باستثناء في الوقت الراهن الحالة في المملكة العربية السعودية)  اثنتين.

هكذا سيناريو سيكون لديه أثران هامان بالنسبة للبحرين. أولا، لان ليس هناك شك في تورط إيراني أو "تدخل خارجي" في حالة الكويت، ولان المعارضة الكويتية هي تحالف غير متجانس نوعا ما من القوميين والليبراليين والشباب والقبائل، وهلم جرا، فإنه سيكون أكثر صعوبة بالنسبة للولايات المتحدة ودول غربية أخرى شطب الثورة الكويتية على أنها "حالة خاصة" لا تمثل جزءا من الانتفاضات "الشعبية الديمقراطية الحقيقية " التي تشاهد في باقي أجزاء العالم العربي. فإذا لم يعد ينظر إلى البحرين على أنها حالة معزولة وفريدة من نوعها، وبعبارة أخرى، ولكن كجزء من ظاهرة أكبر "لمطالب الإصلاح السياسي في الخليج"، ثم فإن السرد الكامل الذي يحيط بالدعم الأمريكي والغربي لحكومات دول مجلس التعاون الخليجي – بما في ذلك البحرين–يتغير. (بطبيعة الحال، البعض بالفعل يتساءلون،ولكن دون جدوى،عن السياسة الأمريكية على البحرين) وبما أن الانتخابات الأمريكية ستقرر في ذلك الوقت، فربما يكون لدى واشنطن المزيد من الإرادة السياسية لتفعلها–على افتراض أن أوباما قد أعيد انتخابه. وأخيرا، يمكن لقرار المملكة المتحدة الأخير في إطلاق استعراض برلماني لعلاقاتها مع المملكة العربية السعودية والبحرين أن يزيد من عزلة الولايات المتحدة.

 
الثاني، أنه من الممكن أن ثورة كويتية يمكنها إعادة تنشيط القوة الكبيرة  للبحرينيين (السنة) الذين خوفهم ونفورهم من المعارضة حالت حتى الآن دون سعي منسق ومستدام  لأجنداتهم السياسية وحل مظالمهم. ولكن هذه المظالم السياسية لا تزال قائمة على الرغم من ذلك، والأفراد قد يكونون أكثر عرضة للتغلب على خوفهم من تمكين الشيعة التلقائي إذا تم النظر إلى المعارضة الكويتية ( السنية أيضا في غالبيتها) أنها تحقق مكاسب سياسية جوهرية – على سبيل المثال، عدد لا بأس به من المقاعد الوزارية أو وزراء منتخبين. وعلاوة على ذلك، لأن البرلمان البحريني  المستأنف حديثا يتكون الآن بالكامل تقريبا من هؤلاء المواطنين "المواليين للحكومة"، الذين يتمتعون بالفعل بآلية مؤسساتية يمكن من خلالها دفع جدول أعمال إصلاحي إذا رغبوا في ذلك. وتدل على أن السنة في البحرين  يستيقظون من سباتهم الأخير، ومن ثم، هل يمكنها دفع الحكومة لإنهاء الدورة الحالية من الأزمة السياسية الدائمة.

وزراء خارجية الخليج سيلتقون (غدا) في المنامة "استعدادا" لقمة دول مجلس التعاون الخليجي الشهر المقبل، والذي سيعقد في البحرين. أظن أن واحدا من بنود جدول الأعمال سيكون كيفية وقف الشرر السياسي المتقوقع في منطقة الخليج من التحول إلى حريق إقليمي أوسع.

آخر المستجدات: الشيخ فواز يعلن على موقع تويتر أن البحرين تعود الآن إلى أساليب 1990، فسحب جنسية 31 ناشطا، بما في ذلك العالم البحريني المحترم عبد الهادي خلف ونائبين سابقين في الوفاق (جلال وجواد فيروز). وقد نشرت الـ BNA  قائمة باسمائهم باللغة الإنجليزية. (ومن المثير للاهتمام، أن القائمة الإنجليزية تحذف كلمة "خلف" عن عبد الهادي، لذلك من المفترض أن لا تعرف هويته بسهولة).

6 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus