انتهاكات وفضائح في قضية متفجرات سلماباد: معتقلون يعذبون في مبنى مخابرات الجيش، وعبوات مصنّعة يشتبه بتورط الداخلية فيها

2012-11-28 - 8:40 ص

المؤتمر الصحافي للداخلية والذي تم فيه الكشف عن ضبط مواد كيماوية لصناعة متفجرات

مرآة البحرين (خاص): كانت مرآة البحرين أول من تنبأت بنية وزارة الداخلية فبركة مسرحية عن حيازة متفجرات(1)، وذلك قبل أسبوعين من إعلان الأخيرة عن ضبط ما أسمته وكراً لصناعة المتفجرات في منطقة سلماباد وفي مناطق أخرى. 

جاء ذلك بعد الإحراج الدولي الكبير الذي وضع فيه النظام البحريني أعقاب جلسة جنيف الأولى، والتي تم فيها إدانة وضع حقوق الإنسان في البحرين، وإصدار 176 توصية للحكومة البحرينية للعمل على تنفيذها، وكان ذلك أيضاً قبل جلسة المراجعة الثانية والتي كان على السلطة أن تعلن فيها موقفها من التوصيات.

في 27 يونيو/ حزيران 2012 الماضي، أعلنت وزارة الداخلية عن ضبط ما أسمته وكراً لصناعة المتفجرات في منطقة سلماباد(2). صرّحت أنها ضبطت مواد تزيد على 5 أطنان تستخدم في صناعة المتفجرات.

ومن فورها، أعلنت الداخلية أسماء وصور 20 مشتبهاً في قضية المتفجرات، نشرتها في الصحف ووكالات الأنباء، لا أحد يعرف كيف توصلت الداخلية إلى المشتبهين بهذه السرعة، خصوصاً أنها لم تُلق القبض على أي متلبسٍ في المستودع؛ أي مكان الجريمة المزعومة.

ثلاثة من الشباب تم إلقاء القبض عليهم بهذه التهمة: حسين العالي وجعفر عيد ومحمد المغني. الأخير لم يكن اسمه بين قائمة المشبوهين، سافر مع عائلته إلى إيران للمرة الأولى، وتم القبض عليه في المطار أثناء عودته، ووجهت له تهمة أنه عضو في إئتلاف شباب 14 فبراير، ثم أضيفت له لاحقاً قضية المتفجرات.

5 أشهر منذ أعلن عن ضبط ما سمي بوكر المتفجرات، والداخلية لا زالت في مغمغتها المشبوهة والركيكة الصياغة، الغموض يلف مفاصل كل شيء في هذه القضية، كما لا يزال المعتقلون الثلاثة في وضع إنساني صعب حسب التسريبات التي ترد من هنا وهناك. 
 
ما الجديد لدى مرآة البحرين هذه المرة؟

(مرآة البحرين) وبعد تحريات خاصة، استطاعت التوصل إلى تفاصيل في غاية الخطورة، تتعلق بالقضية ذاتها وبوضع المعتقلين، ما تعرضوا له وما لا يزالون يتعرضون له حتى الآن. 

الفضيحة الأولى: المعتقلون يعذبون في سجون عسكرية..

على خلاف ما يتم تداوله بين الناس وما أفاد به الأهالي، من وجود المعتقلين الثلاثة في مركز الرفاع الشرقي، وأنه قد تم نقلهم إلى هناك بعد انتهاء التحقيق في مركز التحقيقات في العدلية، فإن تحريات (مرآة البحرين) قد كشفت عن وجودهم منذ بداية اعتقالهم وحتى الآن في مبنى مخابرات الجيش، وهو سجن عسكري تابع إلى قوة دفاع البحرين، مقره الرفاع الشرقي.

مصادر (مرآة البحرين) تؤكد أن التحقيق والتعذيب والسجن تمّ في هذا المبنى العسكري، وهي سابقة أخرى في سجل انتهاكات حقوق الإنسان الحافل في البحرين، فبعد محاكمة المدنيين في محاكم عسكرية خلال فترة قانون الطوارئ والتي أدانها تقرير بسيوني بشكل صريح، يأتي سجن المدنيين في سجون عسكرية الآن إمعاناً في الاستهتار بوضع حقوق الإنسان في البحرين وبتوصيات بسيوني وبتقريره.

المصادر أعلمت (مرآة البحرين) أن المعتقلين الثلاثة يقضون في السجن العسكري سجنهم الاحتياطي في زنازين انفرادية منذ خمسة شهور، وأن الزنازين عبارة عن غرف صغيرة مظلمة دون أي ضوء، ولهذا لا يعرف المعتقلون حتى الآن أين يتم اعتقالهم، وقد تعرضوا إلى تعذيب وحشي على يد أفراد من الجيش لانتزاع اعترافاتهم في قضية المتفجرات التي أُلبست إليهم، والتي تعوّل الداخلية عليها، في تشويه صورة الحراك السلمي في البحرين، لضربه أمام الرأي العام الدولي.

الفضيحة الثانية: الفريق البريطاني يشتبه في مخابرات الداخلية..

بعد إعلان الداخلية ما أسمته بأوكار التفجيرات، مستودع سلماباد تحديداً، تم استدعاء فريق أمني استخباراتي بريطاني للتحقيق وتحليل الأدلة في هذه القضية المزعومة. الفريق مكون من خمسة أفراد من المخابرات الحربية (القسم الخامس)، المعروفة بMI5 (Military Intelligence, Section 5) وهو جهاز أمني واستخباراتي بريطاني يعد جزءاً من آلة الاستخبارات البريطانية(3)

مرآة البحرين تنبأت أيضاً، بالدور الذي يقوم به جهاز الشرطة البريطانية (سكوتلاند يارد) في التحقيق مع المعتقلين الذين تم اعتقالهم وإلصاق قضية المتفجرات لهم، وما إذا كان هذا الجهاز يحضر جلسات التحقيق الوحشي مع المعتقلين المتهمين(4).

لكن ما خيب هدف وزارة الداخلية، أن الفريق الاستخباراتي البريطاني، الذي أريد به تدويل القضية والأدلة، وتثبيت الاتهام على الحراك الشعبي، وبعد أن حقق مع المعتقلين، وقام بمعاينة الأدلة التي تم ضبطها وفق الداخلية، توصل إلى كون الأدلة غير كافية لإثبات ملكية المتهمين لها، كما أن الأدلة قد تم فحصها في مبنى استخبارات الجيش، وليس في موقع الجريمة، ما يعد تدميراً لأحد أهم الأدلة. جاء ذلك رغم تصريح قال رئيس الأمن العام اللواء طارق الحسن في المؤتمر الصحافي الذي أُعلن فيه عن قضية المتفجرات، أن وزارة الداخلية لديها أكثر من 1000 دليل مادي في قضية متفجرات سلماباد(5).

وبفحص شريط الفيديو الذي قدمته وزارة الداخلية لموقع الجريمة، لم يستطع أفراد الفريق المشاركون في التحقيق من استبعاد كون المخابرات البحرينية ضليعة ومتورطة بزج الأدلة المضبوطة في موقع الحدث، ولهذا فإن الحكومة البريطانية رفضت تقديم تقرير يفيد بأن المتهمين مسئولون عن هذه المواد في ظل افتقار القضية لأدلة كافية، خاصة مع وجود شبهات، تحيط بالمخابرات البحرينية التي يشتبه فريق البحث أنهم من قاموا بزرع الأدلة، ودس المواد المتفجرة في المنازل قبل تصوير الفيديو الذي قُدم كدليل، كما أن المواد قد تم فحصها في مختبر خاص تابع للمخابرات وليس في موقع الجريمة. وقد شارك في التحقيق في القضية، ما يسمى بمكتب أيرلندا الشمالية، وهو مقر المركز المشترك لتحليل الإرهاب، الذي يتبع جهاز الأمن، حيث عكف الفريق على تحليل الادلة في هذه القضية، بما فيها المواد المتفجرة المصادرة.

التعذيب حد الهلوسة..

وبالعودة إلى المعتقلين الثلاثة، فإنهم يعيشون وضعاً إنسانياً صعباً وفي غاية الإزدراء، وسط غياب المساءلة المُلزمة لانتهاكات الدولة المستمرة لحقوق الإنسان. المعتقلون لا يزالون في السجن العسكري ولم يتم نقلهم إلى السجن المدني بعد، كما لا يزالون يقبعون في زنازين انفرادية ضيقة ومظلمة، ولا يزال التعذيب مستمراً رغم كل تلك المدة، إلى الحد الذي وصل فيه اثنان منهم إلى الهلوسة، ووصل الحد بأحد المعتقلين إلى محادثة زوجته ليلاً ظناً منه أنها معه. 

ورغم أن سجن المدنيين في سجون عسكرية، يعد مخالفة صريحة للقانون وانتهاكاً صارخاً له، لكن الجهات المعنية تحكم قبضتها على الكشف عن حقيقة أوضاع الثلاثة أو أماكن احتجازهم. لا يعلم المعتقلون شيئاً عن مكان احتجازهم، يُنقلون معصوبي الأعين من مبنى استخبارات الجيش إلى مبنى التحقيقات الجنائية حيث يقابلون ذويهم، وتكون المقابلة مرصودة بكاميرات الفيديو، وبوجود رجل أمن في الغرفة ذاتها.

المعتقلون يتعرضون للتعذيب قبل الزيارة الأسبوعية وبعدها، ما حدا بالمعتقل جعفر عيد لرفض زيارة عائلته وطلب منهم عدم المجيء مجدداً، لأن ما يلاقيه بسبب الزيارة أكثر مما يمكن احتماله، حيث يعاني عيد من إصابة في رجله بسبب ما تعرض له من تعذيب، ومع وجود الإصابة   تصبح الزيارة نوعاً من العقاب الإضافي عليه، إذ يتم توقيفهم في الشمس لمدة تزيد عن 7 ساعات، بالإضافة إلى ما يتعرضون له من تعذيب جسدي غير محتمل. 

الأمر ذاته نقل عن المعتقل حسين العالي الذي تؤكد عائلته رؤيتها لآثار التعذيب على جسده في كل مرة تزورها فيه، وقد كشفت عن قلقها الشديد تجاهه خصوصاً بأنهُ مُصاب بالديسك وباحتكاك في الركبة، وحالتهُ النفسية تشهد انهياراً كبيراً من شدة التعذيب.

  • هوامش:
  • هوامش ذات صلة:

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus