لماذا الناس مستاؤون من زيارة كارداشيان الغريبة إلى البحرين؟

2012-12-08 - 9:27 ص


ماكس فيشر: واشنطن بوست 
ترجمة : مرآة البحرين

في نهاية هذا الأسبوع وقبل شهر واحد  تقريبا من سفر كيم كارداشيان إلى جزيرة البحرين في الشرق الاوسط، تم جمع 28 من المسعفين والأطباء في البلاد أمام قاعة المحكمة. وكان قد تم اتهامهم بعد معالجة بعض المتظاهرين الذين ما زالوا يتظاهرون حتى الآن لأكثر من سنة، مطالبين بالديمقراطية وتحسين حقوق الإنسان. رفع أخصائي في الأذن والأنف والحنجرة يدعى نبيل تمام، أحد المتهمين، يده. وكان القاضي لتوه قد رفض دعوى محامي الدفاع بأن موكليه قد تعرضوا للتعذيب، وكان عند تمام ما يقوله. "اسمي نبيل تمام"، قال ذلك عندما أقر له القاضي بذلك، وعلى ما يبدو ظنا منه أنه أحد المحامين. "أنا واحد من الطاقم الطبي، تعرضت للتعذيب". ولكن القاضي أغلق الجلسة.

تلك الرؤية بخصوص البحرين، والتي نقلتها أليسا ماسيمينو رئيسة منظمة حقوق الإنسان أولا في افتتاحية حديثة في (واشنطن بوست)، مختلفة تماما عن صيغة كارداشيان التي أظهرتها للعالم. فرحلتها لفتح وخلق الدعاية لسلسلة مِلْيَنز ميلك شيك، وتغريداتها الجياشة ("أنا أحب مملكة البحرين")، قد جذب سخرية وانتقادات واسعة  لفقدان الوعي أو الازدواجية الموجودة لدى إحدى المشاهير تجاه أزمة البحرين.

لذا كم كانت الرحلة سيئة حقا؟ فالحالة التي تقابلها واضحة ومباشر. كما يشرح مارك لينش في صحيفة فورين بوليسي: زيارة كارداشيان " تخلق الدعاية الإيجابية للنظام البحريني الذي نفذ حملة وحشية لا يمكن وصفها في العام الماضي، ويواصل حملة قمع شرسة ولم يكن نادما أبدا". المملكة غازلت بقوة الموافقة الدولية ومظهر الحياة الطبيعية، وعلى ما يبدو كوسيلة للتقليل من أهمية حملتها، ولذلك زيارة كارداشيان تبدو أنها انتصار كبير. أطلقت فيديو زيارتها هذا، المحمل بإيقاعات راقصة وصراخ المعجبين. وحثت: " كل شخص في الولايات المتحدة عليه أن يأتي للزيارة".

النشطاء البحرينيون لم يكونوا حاسمين بقدر المراقبين والمدافعين الأجانب عن حقوق الإنسان في الشرق الأوسط. مريم الخواجة، الناشطة البحرينية البارزة التي ذهبت إلى المنفى بعد تعرض والدها للضرب والسجن، أرسلت رسالة مفتوحة تشكر فيها كارداشيان لزيارتها وتشجعها للقاء قادة حقوق الإنسان. وكتبت: "نظرا لشهرتك، فمن المستحيل أن تبقى رحلتك غير سياسية".

تبين أن الخواجة كانت على حق. فخلال زيارة كارداشيان ظهر تقريبا 50 متظاهرا. ولم يظهر أنهم ذات صلة بالصراع السياسي الذي أسفر عن مقتل عشرات المحتجين وأرسل عدد من النشطاء إلى السجن -  وكالة أسوشييتد برس وصفهتم بأنهم "إسلاميون متشددون"، والشعار الوحيد الذي حملوه كان "الله أكبر" [على غير عادة احتجاجات المطالبين بالديمقراطية]– باستثناء أن قوات الأمن، كما كانت عادتهم بشكل متزايد، فرقتهم بالغاز المسيل للدموع.  فالذي كان يمكن أن يكون بطريقة أخرى مشهدًا جانبيًا صغيرًا أصبح  تذكيرا بالغاز المسيل للدموع والاحتجاجات التي ميزت البحرين، ولو في ظل ظروف مختلفة جدا.

لم يعد بوسع الأمريكيين، الذين ربما يقدرون اسم كارداشيان أكثر من شعب البحرين، الحليف المقرب من الولايات المتحدة، إلا أن يلاحظوا قصة ملتوية عن نجمة تلفزيون الواقع الميالة للفضيحة وأنها نوعا ما تورطت بالغازات المسيلة للدموع في الشرق الأوسط. هذا التقرير لـ ( أي بي سي) إلى حد ما يفاقم المشكلة عن طريق معالجة القصة باعتبارها زلة سخيفة لأحد المشاهير بدلا من قضية تحريض محتملة لنظام يرتكب انتهاكات حقوق الإنسان، ولكن ربما القضية هنا هي أن كلمتي "البحرين" و "الغاز المسيل للدموع" وجدتا طريقهما في الأخبار.

يبدو أن الأمور أصبحت سيئة للغاية في البحرين وذلك أن حتى زيارة شخص هو صديق محتمل للنظام وأحد المشاهير الأمريكيين البارزين وإشادته الوهاجة لا يمكن تغطيتها دون بعض الذكر، كيفما يمر،  للأزمة. أخبار الـ (أي بي سي)، نشرت بايجاز، دون تفسير، تغريدة لرضا أصلان يرجع فيها السجن والتعذيب المزعوم للأطباء الذين عالجوا الجرحى المحتجين – إلى انهم أطباء مثل نبيل تمام.

ربما هذه الحادثة تشير إلى أن البحرين يمكنها فقط أن تخفي مشاكلها بدل معالجتها لفترة طويلة. ويكتب لينش، "ولذلك فإن تلك الاحتجاجات والغاز المسيل للدموع التي عطلت التغطية الإعلامية الدولية  لزيارة [كارداشيان] أيضا هي في بعض النواحي علامة واعدة أن واقع قمع البحرين المستمر والفشل في التعامل بصدق مع ماضيها القريب لم يتم تطهيره بعد".

وقد أخبرني برايان دولي، مدير في منظمة حقوق الإنسان أولا والذي أمضى جزءا كبيرا من العامين الماضيين بالتركيز على البحرين، بأنه يعتقد أن جهود العلاقات العامة التي تبذلها البلاد قد بدأت تأتي بنتائج عكسية. وقال :"لست متأكدا أن زيارة كارداشيان كانت حقا ربحا صافيا لحكومة البحرين،" وأضاف: "الكثير من التغطيات قد أعادت تركيز اهتمامها ببساطة على أزمة حقوق الإنسان التي يحاولون إنكارها".

ربما جلب بصيص من الاهتمام الدولي للأزمة في البحرين، ولو عن غير قصد، هو الأفضل وهذا ما يمكن أن تأمله  الغالبية الشيعية المحاصرة في البلاد. وفاء السيد، محللة سياسية من البحرين، تمزح على تويتر: "بدون إساءة، ولكن الطلب من كيم كارداشيان أن تعلق على الوضع السياسي في البحرين هو مثل الطلب من سنجاب إعداد وجبة عشاء مؤلة من ثلاث فقرات". ربما لم تكن بحاجة إلى التعليق على هذا الوضع، أو حتى أن تكون على بينة من ذلك، على كل حال.

3 كانون الأول/ديسمبر 2012 

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus