ميلك شيك بحريني

2012-12-10 - 9:14 ص


مارك لينش: فورين بوليسي 
ترجمة: مرآة البحرين 

زيارة كيم كارداشيان في 1 كانون الأول/ ديسمبر إلى البحرين لترويج ميلك شيك جذبت انتباه جميع من يستخدم تويتر في الشرق الأوسط. فزيارتها جذبت كل المعجبين الشباب المهووسين واحتجاجا صاخبا (ورد أنه انجلى في الوقت الذي وصلت فيه)، وهناك روايات متضاربة عما إذا خلصت فعليا إلى مزج الغاز المسيل للدموع بنكهة الميلك شيك. مستخدمو تويتر في الشرق الأوسط كان لهم يوم مشهود من الغضب والنكتة حول الخبر، والجميل جدا أن كل تغريداتي وتغريداتها (وتغريدتها التي أعاد إرسالها وزير الخارجية البحريني) حذفت الآن وهي "يا الهي هل أستطيع أن انتقل إلى هنا من فضلكم؟" تويت. إنه من السهل السخرية من كارداشيان. ولكن هل فعلت صديقة كاني حقا أي شيء غير إرادة  واضعي السياسة الخارجية  للمشاركة في حوار المنامة يوم الجمعة 2012.

ذهبت كارداشيان إلى البحرين والكويت لترويج " مِلْيَنز ميلك شيك". ومن الواضح أنها قضت وقتا ممتعا، معلنة في النهاية: "شكرا الشيخ خليفة على ضيافتكم المذهلة. أنا أحب مملكة البحرين".  لهذا، سخرت منها المعارضة البحرينية والمعلقون في الشرق الأوسط بشدة. وكانت الناشطة البحرينية مريم الخواجة أرسلت رسالة مفتوحة إلى كارداشيان تدعوها للقاء نشطاء حقوق الإنسان خلال جولتها. الملاحظة المضيئة الوحيدة، كالتي جاءت على حساب تويتر هذا Therwees @: " تغريدات كيم كارداشيان بشأن البحرين تقدم أخبارًا أكثر عن البحرين الحقيقية".

كارداشيان، مثل سباق الفورميولا واحد المثير للجدل في نيسان/أبريل، والذي ولّد الدعاية الإيجابية للنظام البحريني الذي نفذ عملية قمع وحشية لا يمكن وصفها في العام الماضي، ويواصل حملة قمع شرسة، ولم يكن آسفا أبدا. لجنة البحرين المستقلة لتقصي الحقائق دونت بشكل رسمي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان خلال الحملة:

تقرير لجنة البحرين المستقلة لتقصي الحقائق أثبت رسميا أن النظام البحريني ارتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان خلال محاولاته سحق حركة الاحتجاج. حيث ورد أن مئات المعتقلين تعرضوا لسوء المعاملة والتعذيب الممنهج، بما في ذلك تكبيل اليدين بشدة، والوقوف الإجباري، والضرب المبرح، والصدمات الكهربائية والحرق بالسجائر، والضرب على أخمص القدمين، والاعتداء اللفظي والحرمان من النوم، والتهديد بالاغتصاب والاعتداء الجنسي بما في ذلك إدخال أشياء في فتحة الشرج وشد الأعضاء التناسلية، والتعليق، والتعرض لدرجات حرارة عالية والتعري القسري والإذلال من خلال أعمال مثل إجبارهم على لعق أحذية الحراس، وايذائهم باستخدام الكلاب، وعمليات إعدام وهمية، وإجبارهم على أكل البراز ( تقرير لجنة تقصي الحقائق، صفحة 89 -728). وغالبا ما يمنع المعتقلون لأسابيع أو أشهر من الخروج إلى العالم الخارجي أو الحصول على محامين. هكذا،خلصت لجنة البحرين المستقلة لتقصي الحقائق، يمثّل "ممارسة ممنهجة لسوء المعاملة الجسدية والنفسية، والتي في كثير من الحالات بلغت حد التعذيب، فيما يتعلق بعدد كبير من المعتقلين المحتجزين لديهم" (الفقرة 1238، ص 298). وبعد ذلك كان هناك هدم لمساجد الشيعة، وفصل من الوظائف على نطاق واسع من القطاع العام والخاص والجامعات، والتحريض الطائفي في وسائل الإعلام وأكثر من ذلك بكثير. لا يوجد أخطاء سياسية اقترفتها المعارضة يمكن أن تبرر هذه الأعمال.

استجاب النظام البحريني بطريقة شكلية في أفضل الأحوال، وسعى لتقديم صورة امتثال دون أن يقوم فعليا بأي إصلاحات جدية أو فرض المساءلة الحقيقية. هيومن رايتس ووتش خلصت مؤخرا إلى أن البحرين قد فشلت في تنفيذ معظم توصيات لجنة البحرين المستقلة لتقصي الحقائق – وهو تقييم مشترك مع منظمة "مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط"، التي وجدت منذ بضعة أسابيع أنها نفذت فقط 3 من أصل 26 توصية. شريف بسيوني، الذي كان قد دافع في وقت سابق عن منهج لجنة البحرين المستقلة لتقصي الحقائق، يقول الآن أنه: "عدد من التوصيات  التي تخص المساءلة إما أنها لم تنفد أو أنه تم تنفيذها بفتور. فالنيابة العامة عليها بعد أن تحقق بأكثر من 300 حالة تعذيب مزعومة، بعضها ينطوي على بعض الوفيات في الحجز، ولم يجر أي تحقيق، ناهيك عن الملاحقة القضائية، فيما يتعلق بمسؤولية القيادة، حتى على مستوى الإشراف المباشر، للأشخاص الذين قتلوا في الحجز نتيجة للتعذيب".

وما هو أكثر من ذلك، فإن ممارسات البحرين من نواح كثيرة تزداد سوءا، وليس حسنا. أحكام سجن قاسية لنشطاء مثل نبيل رجب واعتقال الناس لانتقادات على تويتر، واستهداف الناشطين والنقاد، وإسقاط جنسية الناشطين، وحظر كل الاحتجاجات العامة لا توحي بأن هناك نظامًا آخذًا في التحسن. أعمال العنف التي اندلعت قبل بضعة أسابيع فقط تسلط الضوء على التدهور السياسي والاجتماعي المستمر في البحرين. حتى وزارة الخارجية الأمريكية، والتي تعرضت لانتقادات لفشلها في الضغط على البحرين فيما يتعلق بحقوق الإنسان والإصلاح السياسي، تحدثت مؤخرا  بانتقادات مطولة ومفصلة بشكل غير عادي عن حملتها المتصاعدة، وحذرت الأسبوع الماضي بأن المجتمع البحريني قد يتفكك. فلا ضغوط النشطاء المحليين ومنظمات حقوق الإنسان الدولية ولا التمحيص الإعلامي الدولي العرضي لديه تأثير كبير.

وكان النظام البحريني خلال العام والنصف الماضي قد ركز على مقاومة شركات العلاقات العامة أكثر بكثير من معالجة التدهور السياسي الحقيقي وكارثة حقوق الإنسان. ولقد انفقت الكثير من الأموال على شركات العلاقات العامة لإعادة تأهيل صورتها، وكل من يكتب أو يغرد عن البحرين أصبح معتادا جدا لردود الفعل الحتمية التي تتبع ذلك. إجراء سباق الفورميولا واحد المثير للجدل في نيسان/ أبريل كان جزءا رئيسيا من محأولة إظهار للمجتمع الدولي أن البحرين قد عادت إلى وضعها الطبيعي - تصوير قُوّض إلى حد ما بالإطارات المشتعلة، والنشطاء الغاضبين، والتغطية الإعلامية الحرجة التي أعقبتها. (فيديو ردة الفعل المفضل لدي في جميع الأوقات هو "الفشل الملحمي"  لكاتي بيري) فقصة  (مؤشر الرقابة) "إندكس أوف سنسرشيب" هذه تشير إلى أن أيًا كانت نواياها الشخصية، فإن زيارة كارداشيان تندرج تحت نفس فئة  محأولات إعادة تأهيل صورة البحرين من دون أي تغييرات سياسية ذات مغزى. وبالتالي فإن تلك الاحتجاجات والغاز المسيل للدموع الذي عطل التغطية الإعلامية الدولية لزيارتها أيضا من بعض النواحي هو علامة واعدة أن واقع القمع المستمر في البحرين والفشل في التعامل بصدق مع ماضيها القريب لم يتم غسله بعد.

إنه من السهل أن نسخر من كيم كارداشيان، من نجوميتها في تلفزيون الواقع  ومن 17 مليون متابع على تويتر وأي شيء آخر غير أنها تشتهر بأشياء أخرى وهو أن لديها أروع صديق على وجه الأرض. (وطبعا لا يوجد لدي أي فكرة عن أندرو دبليو كاي، الذي أثارت زيارته المفترضه كسفير ثقافي الكثير من الضجة في الأسبوع الماضي). ولكن على الأقل كارداشيان لديها عذر وهو أن لا أحد يتوقع حقا أن المشاهير يعرفون هكذا تفاصيل عن البلدان التي يزورونها. فماذا عن الأمور الأقل إثارة بقليل سوى أنه يفترض أنه من الأفضل ابلاغ واضعي السياسة في الشرق الأوسط؟

في عام 2011، ألغى المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بحكمة منتدى حوار المنامة في البحرين الذي استمر العمل عليه لفترة طويلة. ومن المقرر أن يبدأ حوار 2012  يوم الجمعة، 7 كانون الأول/ ديسمبر. ويتباهى بـ"أعلى نسبة حتى الآن من واضعي السياسات المعنية  بالأمن الإقليمي"، بما في ذلك "صحفيين على مستوى العالم وخبراء وقادة أعمال" (وإن لم تكن، فرضا، كيم كارداشيان). إلغاء الحوار العام الماضي كان دعوة صائبة. أود أن أرى حالة ما تقام لتجسيد قيمة استئنافها هذا العام، نظرا لأنها ترسل إشارة إلى النخبة السياسة أن القيام بأعمال تجارية في البحرين مرة أخرى هو أمر مشروع وطبيعي. من حيث إعادة تأهيل نظام غير نادم، ما هو الفرق بين استئناف سباق الفورميولا واحد بعد تعليق لسنة واحدة، وزيارة لترويج الميلك شيك، وعقد محفل ملف لامع للسياسة الإقليمية؟

أنا لا أقصد أن أخص بالذكر ألـ " أي أي أس أس"، وهي منظمة أحترمها كثيرا. في السنوات الماضية، حسب كل الروايات، كان حوار المنامة حدثا بارزا من نوعه (إفصاح كامل: لقد دعيت من قبل ولكن لم أكن قادرا على القيام بذلك). ولكن إذا أردنا أن نحاسب كيم كارداشيان، ألا ينبغي علينا كمجتمع السياسة أن نفعل الشيء نفسه لأنفسنا؟ على الأقل، دعونا نأمل أن الصحفيين وخبراء السياسة الذين يشاركون في هذا المحفل الإقليمي يشجعون مريم الخواجة على دعوتها لإيجاد الوقت خلال زيارتهم للقاء مع النشطاء ولفت الانتباه إلى حقوق الإنسان في البحرين أوالقضايا السياسية.

3 كانون الأول/ ديسمبر 2012 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus