حكاية مدينتين

2012-12-12 - 8:47 ص


ديفيد كينير: فورن بوليسي
ترجمة: مرآة البحرين

المنامة -- "أنا لست أميرًا للسنة في البحرين، أنا لست أميرًا للشيعة في البحرين. أنا أمير مملكة البحرين". هكذا قال ولي العهد  الأمير سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة لحشد تجمع في فندق ريتز كارلتون. كانت شاشتان كبيرتان ترسلان صورة وجهه إلى  القاعة، والعشاء كان سمك سلمون مشوي، والحلوى كسترد مع كريم كارميل.

حوار المنامة الذي يقيمه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجة، والذي كان قد ألغي في عام 2011 بسبب القمع الحكومي للاحتجاجات الشعبية، عاد إلى  البحرين هذا العام - ولم يخلُ من بعض الانتقادات. إنه نوع من الحدث الذي يجذب كبار الشخصيات في السياسة الخارجية من مختلف أنحاء العالم، حيث تحدث أكثر المناقشات إثارة للاهتمام بعيدا عن الميكروفونات، وحيث يخطبون الأمناء العامون لمجلس التعاون الخليجي حول تاريخ وساطة دولية في اليمن.

الحوار الذي أعطى الصحفيين والمسؤولين الأجانب فرصة ليروا بأنفسهم كيف  تضمد جراحات جرحى العام الماضي في المملكة، السيئة الصيت ببخلها في منح التأشيرات.

قال ولي العهد إن "الهدوء النسبي" عاد إلى  البحرين، ولكن الواقع هو أن الجزيرة لا تزال مقسمة بشكل عميق - ثقافيا واقتصاديا، وسياسيا. فالمؤتمر يعقد في ظل فقاعة: الشرطة في شاحنات مدرعة تقف حارسا على الطرق المهجورة، مسلحين بالبنادق وكاميرات الفيديو، والبار في فندق ريتز، تريدر فيكس، يعرض قائمة مزينة برسم لامرأة عارية الصدر تغني بحب بحار زائر.

لكن بحرينًا مختلفة موجودة على بعد مسافة قصيرة. اللمحة الأولى هو طلاء أرجواني غامق ينقط الجدران والمباني – وهي محاولة للحكومة لتغطية رسومات الجدران المناهضة للنظام. الشرطة في بلدة سترة، وهي منطقة ذات أغلبية شيعية معروفة بتطرفها، تحاصر المداخل الرئيسية لمعظم الأحياء. وداخل القرى ملصقات كتب عليها "الإرهاب هو صناعة الولايات المتحدة" – لإدانة الرئيس باراك أوباما وجون تيموني، الموظف الأمريكي الموكل بإنفاذ القانون متهم بقمع احتجاجات البحرين، كمجرمين.
"إذا كنت تريد أن ترى الشرطة، انتظر حتى الساعة 7:30  ليلا"، يقول الرجل الذي عرف نفسه باسم سيد عدنان في مهزة، وهي قرية داخل سترة. ويضيف "إنهم يقتحمون المنازل ويرون النساء وهن نائمات بدون " --- وأشار بيده إلى وجهه، ليدل على الحجاب. كانت المَظلمة الأكثر انتشارا لسكان سترة: آية الله عيسى قاسم، رجل الدين الشيعي القائد في البلاد، أصدر دعوة إلى  "سحق" أي شخص يُرى ينتهك حرمة امرأة.

بعض المواطنين في سترة مختبئون من الشرطة - لكنهم يفعلون ذلك على مرأى من الجميع، وهذا يتوقف على شبكة من نقاط المراقبة لإعلامهم عندما يُخشى أن تُقدم قوات الأمن. يوسف حسن علي -35 عاما- كان أحد هؤلاء الرجال --لديه سكسوكة ويرتدي قميص نايكي أبيض--  يقول إنه أمضى أربعة أشهر في السجن في وقت سابق من هذا العام، ومرة أخرى يكون هدفًا لغارات الشرطة المنتظمة للقرية. يجلس تحت خيمة مؤقتة في مهزة، قال إنه لا يزال لا يعرف لماذا؟

ويقول : "الغرض من هذه الحملة هو لإثارة الخوف والرعب في قلوب الناس" ويضيف: " عائلة آل خليفة، بأي حال من الأحوال  لا يمكنها أن تكون المستقبل بالنسبة لنا".

المظاهرات المناهضة للنظام محظورة رسميا في البحرين، ولكن المحتجين قد صنعوا بنجاح مكانة لثورتهم التي يتم التغاضي عنها من قبل الأجهزة الأمنية. في قرية الدراز في 9  كانون الأول/ديسمبر، علقت حركة 14 فبراير، مجموعة المعارضة المتشددة، اللافتات، وجمعت المنصة، ونظمت صفوفًا من الكراسي لمظاهرتها – الحدث الذي استمر لمدة ساعتين لم يكن لينجو من إشعار الشرطة. ومع ذلك، لم يكن هناك محاولة لفض المظاهرة.

في الدراز، الأمور الدينية مندمجة بسهولة مع الأمور السياسية. فواحدة من الملصقات عرضت رسمًا للشهيد الشيعي الحسين بن علي – فشرطة مكافحة الشغب كانت هو من تواجهه. وأخرى أظهرت طائرة هليكوبتر ودبابات تحاصر مسجدا ويقول الرسم: "هل أنت تقاتل بيت الله".
جَمَعَ نشطاء المعارضة الملثمون طاولات من الطعام وأعدوا جهازًا لعرض فيديو( بروجكتر) – نسخة عرض  ذات ميزانية منخفضة مقارنة بجهاز ولي العهد في فندق ريتز كارلتون.

"كنا نجلس هناك بسلام"، قال علي، وهو ناشط كان يرتدي ثوبا مخططا بلونين ويقود الاعمال الإجرائية في المسيرة، بينما كان شريط الفيديو يتحدث عن حملة الحكومة على المحتجين في دوار اللؤلؤة في المنامة العام الماضي. "هم الذين هاجموا... والآن يحاولون أن يقولوا إننا كنّا من هاجم الشرطة".

وعند اقتراب المسيرة من نهايتها، صاح صوت من الحشد "يسقط حمد". فتنبعث الحياة في الحشد، فيرفعون قبضاتهم ويكررون الطلب كما كانوا يفعلون لمدة عام ونصف: "يسقط حمد، يسقط حمد".

10 كانون الأول/ديسمبر 2012 

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus