عيد الشهداء: في ذكرى مفجري انتفاضة التسعينات «هاني خميس» و«هاني الوسطي»

2012-12-16 - 9:37 ص

قبر الشهيد هاني خميس، اغتيل بالرصاص في انتفاضة التسعينات

مرآة البحرين (خاص): حث "سعيد خميس"، أخو الشهيد "هاني خميس"، الجميع على المشاركة في مسيرات ذكرى "عيد الشهداء" التي تصادف يوم غد 17 ديسمبر/كانون الأول 2012.

وقال "خميس"، في تسجيل مصور "إن الله يختار عينات من البشر ليكونوا وقودا للأمة وشمعة تحترق فتضيء للشعوب"، وأضاف "لا بد للشعب من يوم مخصص للشهداء، لا يكون فقط لشهداء الستينات أو التسعينات أو شهداء 14 فبراير، بل يجب أن يكون يوم لكل شهداء البحرين".

ورأى "خميس" أن الشعب يجب أن لا يقف عند حد معين في مطالبته بحقوقه "نحن شعب مظلوم، منذ أن ولدنا للآن وكل فترة هناك شهداء يتجددون، يجب أن نبذل كل ما لدينا لتحقيق هذه المطالب، الكل المفروض يشارك في عيد الشهداء سواء في المنامة أو غيرها".

و"هاني خميس"، هو أول شهداء انتفاضة "التسعينات"، التي كانت تطالب بإعادة البرلمان وتطبيق مواد الدستور المجمدة، وقد قادها الزعيم الديني الراحل الشيخ عبد الأمير الجمري، واستشهد هاني قتلا بالرصاص الحي، خلال مشاركته في باكورة تظاهرات انتفاضة التسعينات بالسنابس، في 17 ديسمبر/كانون الأول 1994، الذي صار يعرف لاحقا بـ"عيد الشهداء".

وكما كتب ناشطون في تلك المرحلة، فقد "كان سقوط هاني خميس بداية مرحلة جديدة في البحرين تتميز بالدموية والإرهاب السلطوي في أبشع صوره" ومن هنا فقد "كان اليوم السابع عشر من ديسمبر 1994م منعطفاً خطيراً في مجرى السياسة البحرينية، وكانت دماء الشهيد هاني خميس عنواناً لمزيد من الصمود الشعبي والإقدام البطولي، فلم تكن الرصاصة التي مزقت جسد الشهيد إلا الطلقة التي فجرت الانتفاضة الشعبية بدون حدود ووضعت البحرين على رأس قائمة الدول التي يقوم النظام فيها على أساس القمع وسفك الدماء".

الشهيد "هاني عباس خميس"

 
أغنية المنشدين، وأول ضحايا انتفاضة التسعينات، الهانيان، "هاني خميس" (25 عاما)، من السنابس، و"هاني الوسطي" (25 عاما)، من جدحفص، اللذان سقطا في اليوم والمكان ذاته، 17 ديسمبر/كانون الأول 1994، منطقة السنابس.

يقول ناشطون، في تدوينهم لذكرى الشهيدين "كانت الانتفاضة قبل سقوط الهانيين شيئاً، وبعد استشهادهما شيئاً آخر. فالدماء الساخنة إذا سالت كسرت الحواجز وعبرت الحدود، والشهيد إذا سقط تهاوت معه كل معوقات الحركة" ويعتبر "الهانيان" أول شهيدين بالرصاص الحي منذ 30 عاما في ذلك الوقت، إذ كان أغلب الشهداء قبلهما يقتلون تحت التعذيب في السجون أو غيرها.

"هاني خميس"، وحسبما نشرت صحيفة الوسط في 19 مايو/أيار 2006، طالب في كلية الهندسة، وأحد أوائل المبدعين البحرينيين في "برمجة الكمبيوتر".

في السابع عشر من ديسمبر/كانون الأول العام 1994 كان هناك برنامج لخروج الكثير من المسيرات الاحتجاجية المطالبة بإلغاء قانون أمن الدولة وعودة العمل بدستور العام 1973، وكانت منطقة السنابس ضمن المناطق التي ستسير مسيرة احتجاجية.

شارك هاني في تلك المسيرة التي انطلقت من داخل منطقة السنابس باتجاه الشارع العام، وانطلقت المسيرة في الساعة الثالثة والنصف ظهراً إلا أن قوات الأمن التي كانت موجودة بالقرب من المنطقة بكثافة كبيرة رشت المتظاهرين بمختلف الأسلحة من الغاز المسيل للدموع والرصاص الانشطاري بالإضافة إلى الرصاص الحي.

أصيب هاني بطلقة لم تكن معروفة النوع، ولا المدى، وبعد الفحص تبين أنها "رصاصة حية"، أطلقت من طائرة "الهيلكوبتر" التي شاركت في قمع المتظاهرين، حيث أن الطلقة أصابت منطقة الصدر وخرجت من أسفل الظهر مخترقة الطحال والقفص الصدري، "بعض الشباب قاموا بنقل الشهيد إلى منزله، وعملوا على تضميده ومحاولة إجراء الإسعافات الأولية له".

وكما يحدث الآن في ثورة 14 فبراير، حدث أيضا في انتفاضة التسعينات، أن يخشى أهالي المصابين والجرحى من نقلهم إلى المستشفيات. شقيق الشهيد روى لصحيفة الوسط هذه المعاناة "لفت نظري الأنين الذي كان يصدره الشهيد من الألم، عند ذلك قمت بالاتصال بأحد الأطباء الذي بادر بالمجيء متحملا عناء ذلك على رغم التوتر الأمني في المنطقة آنذاك" وأضاف "وعند كشف الطبيب عليه قام بالاتصال بالإسعاف لنقله على وجه السرعة إلى طوارئ السلمانية إلا أنهم أخبروه بوجود قرار يمنع عليهم نقل مثل هذه الحالات".

ويضيف الشقيق "عند ذلك قمت برفقة أحد أشقائي بنقله إلى مجمع السلمانية الطبي ولقينا صعوبة بالغة في عملية نقله كون قوات الأمن كانت تطوق المنطقة، إلا اننا نجحنا في الخروج والوصول إلى طوارئ السلمانية، وعند وصولنا قام أحد رجال الشرطة الموجودين في القسم بالتحقيق معنا بينما كان الأطباء منشغلين بمعالجة الشهيد".

 
ويواصل "طباء الطوارئ الذين كانوا يبذلون قصارى جهدهم لإنقاذه كان جميعهم يسأل مستغربا هل هذه رصاصة حية، كما استعان الأطباء بعدد من الاستشاريين ولكنهم أدركوا أن جميع محاولاتهم لن تجدي وذلك لتأخر نقله ولأن الرصاصة أصلا أحدثت نزيفا داخليا مخترقة عددا من الأجهزة المهمة في جسم الشهيد" وبعد نقله إلى المستشفى بنحو ساعة ونصف انتقل هاني إلى جوار ربه.

وينقل ناشطون، أن الشهيد هاني سأل أخواته قبل ليلة واحدة من استشهاده هذا السؤال " لو قتلت أو أصابتني رصاصة أدت الى وفاتي فهل أصبح شهيداً؟".

"كانت وفاته بوابة لحماس شديد على الاستمرار في الصمود والتصدي ورفض سياسات القمع والإرهاب، وسوف يبقى يوم استشهاده مشهوداً، لأنه يسجل البداية الجدية للانتفاضة"، هكذا دون الناشطون ذكرى الشهيد هاني خميس، الباقية حتى اليوم.


الشهيد "هاني أحمد الوسطي"

 
هاني الوسطي (25 عاما)، استشهد بعد 25 يوما من عقد قرانه، يعمل في مجمع السلمانية الطبي براتب بسيط جدا، وتعاني عائلته من حالة مادية ضعفة، وقد كان منزلها آيلا للسقوط.

وقد وثقت صحيفة الوسط في 2 يونيو/حزيران 2006 تفاصيل استشهاد هاني الوسطي، ضمن ملف متكامل عن شهداء انتفاضة التسعينات.
وقالت الصحيفة نقلا عن شقيق هاني "خرج الشهيد من المنزل في نحو الساعة الثالثة ظهرا متوجها للمشاركة في المسيرة غير أنه لم يخبرنا بذلك، وكنا نجهل وجود تلك المسيرة وبحسب شهود عيان فإن المسيرة كانت سلمية ورفعت شعارات لتفعيل دستور 1973 وإلغاء قانون أمن الدولة".

وكما سجل ناشطون فقد "اعتدت قوات الشغب على المتظاهرين الذين لم يكن لديهم سوى حناجرهم وقبضات أيديهم التي ترتفع في الهواء معلنة الإصرار على المطالب".

أصيب هاني الوسطي أيضا، كما أصيب هاني خميس في المسيرة ذاتها، فـ"بينما كان هاني يمعن النظر إلى قوات الشغب أصابته رصاصة انشطارية مباشرة، وتناثرت أجزاؤها وأصاب شيء منها شاباً آخر يقف بجانبه في ظهره ورجليه. أما القسم الأكبر من شظاياها فقد أصاب هانياً في كل أجزاء جسمه وبالأخص في رأسه".

وحاول بعض الشباب نقله إلى مجمع السلمانية الطبي. لم يكن رفاقه يعرفونه لأنه كان ملثماً، وكانت الدماء قد روت لثامه، وبسبب كثافة الدماء لم يستطع مرافقوه معرفة موضع الرصاصة، وقد خرجت السيارة متجهة إلى المستشفى من مخرج "الإسكان"، ولكن قوات الشغب أوقفتهم، إلا أن الشباب قالوا إن الجريح سقط من مكان عال، فسمح لهم بالخروج وتوجهوا إلى مستشفى السلمانية".

وبحسب الشهود فإن "الشهيد كان يبتسم في وجه من حملوه بعد إصابته وقد فارق الحياة منتقلا إلى جوار ربه قبل الوصول به إلى مجمع السلمانية الطبي، وذلك بعد نقله عبر سيارة بيك أب من خلال استخدام طرق وعرة وضيقة".

تنقل الصحيفة عن شقيق الشهيد "في صباح اليوم التالي وبينما كان أحد أشقائي في عمله بمجمع السلمانية الطبي تم استدعاؤه للتعرف على هوية الشهيد ولأن الرصاصة أخفت ملامح وجهه لأنها اخترقت رأسه من أحد الجوانب لتصل إلى الجانب الآخر، إلا أنه بعد التركيز تعرف على أن القتيل هو شقيقه هاني".

شيع الشهيد في موكب مهيب، حيث أعلن عن استشهاده أثناء تشييع جنازة هاني خميس الذي دفن في صباح ذلك اليوم، وقد شاهد الكثيرون بقعة الدم الكبيرة في الموقع الذي سقط فيه. ظل والده يزور قبره بشكل يومي حتى توفي.

عشرات الشهداء ولا تزال ذكرى الهانيين حاضرة

 
كان الهانيان، أيقونة انتفاضة التسعينات، دخل اسمهما في العديد من المراثي والأناشيد وقصائد العزاء.

وحتى اليوم، لا يزال موقف عائلتي الشهيدين هو المطالبة بالكشف عن هوية من تسبب في استشهاد ابنيهما، ومحاكمتهم هم ومن أعطاهم الأمر بذلك، وأن تعترف بهم الدولة كضحايا، خصوصا أن المسيرة كانت سلمية تماما، كما أنهم لا زالوا يسألون عن إنصاف الضحايا وتعويضهم وجبر ما لحق بهم من ضرر، عبر مصالحة وطنية شاملة!

عشرات الشهداء خروا بعد سقوط الهانيين، سواء في انتفاضة التسعينات نفسها، أو في ثورة 14 فبراير، ولكن ذكرى الهانيين باقية، ومؤثرة، وستظل كذلك دائما.



التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus