توترات البحرين، محفز لاضطرابات الخليج..

2012-12-18 - 8:37 ص


جيريمي بوين: بي بي سي 
ترجمة :مرآة البحرين

الصراع من أجل السلطة بين الشيعة والسنة تتجلى في جميع أنحاء المنطقة الشعار الذي كان جزءًا من التسجيل الصوتي للانتفاضات في الشرق الأوسط منذ بداية 2011 هو أداء فني إيقاعي لكلمات في اللغة العربية تعني: "الشعب يريد إسقاط النظام"

في ليلة مظلمة وممطرة في البحرين رددوها من وراء جدران مهزة البائسة والمتقشرة، القرية التي تقع على مشارف العاصمة المنامة.

تجمع بضع مئات من سكان مهزة في تحد للحظر المفروض على المظاهرات العامة التي فرضت في  تشرين الأول/أكتوبر.

انتظروا وصول الشرطة، وأخذوا يتناوبون أنشوده إسقاط النظام : "يسقط حمد" - في إشارة إلى ملك البحرين حمد آل خليفة.

المتظاهرون كانوا من الشيعة، الطائفة الأكثرية في البحرين. وآل خليفة، مثل معظم مؤسسات الدولة في البحرين، هم من السنة.

مواطنون من الدرجة الثانية

المشكلة في مهزة - وغيرها من القرى الشيعية في البحرين – هي أكثر من مشكلة محلية صغيرة.

البحرين حوصرت بالقوات الكبيرة التي تعيد تشكيل الشرق الأوسط والتي تشمل الضغوط من أجل التغيير ورغبات ومطامح القوى الكبرى.
البحرين هي أكثر فقرًا من جيرانها الأغنياء في الإمارات العربية المتحدة وقطر، وهناك مظالم اقتصادية مترسخة منذ فترة طويلة، ولا سيما فيما يتعلق بالبطالة والسكن غير اللائق.

وهي أيضا مربط الأسطول الأمريكي الخامس، الذي تشمل وظيفته الحفاظ على طرق تصدير النفط  وتذكير إيران بما يمكن أن يفعله الأمريكيون لهم إذا ما رغبوا في ذلك.

لكن السبب الوحيد الأكثر أهمية للاضطراب والعنف الصريح في الشرق الأوسط الجديد هو الطائفية الدينية.

البحرين تقع بين المملكة العربية السعودية التي يحكمها السنة وايران الشيعية، ولها تاريخ طويل من التوترات الطائفية بين الأغلبية الشيعية والأقلية السنية.
السنة يسيطرون على معظم المال والسلطة. وبعض العائلات الشيعية أحسنت صنعا ولكن خارج النظام، ولديها مناصب عليا. ولكن معظمهم كانوا يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية.

الشيعة والسنة يعادلون البروتستانت والكاثوليك في العالم المسيحي، فهم كثيرا ما تزاوجوا وعاشوا بسلام جنبا إلى جنب مع بعضهم البعض. ولكن في أوقات التوتر، وأحيانا لأنه كان يتم تأجيجهم من جانب الخطباء المتشددين، فإنه يمكنهم أن ينقلبوا على بعضهم  الآخر.

نفحة من الغاز المسيل للدموع

لم تستغرق الشرطة وقتا طويلا لتفريق المظاهرة في مهزة.

يبدو أن الأطفال يشعرون بها قبل أن يتمكنوا من رؤيتها، يركضون بحثا عن ملاذ قبل بضع ثوان من إعلان الشرطة نفسها بقنبلة صوتية وشمة من الغاز المسيل للدموع.

انتثر البالغون، وهرعوا إلى المحلات التجارية والمنازل. لم تقم الشرطة بأي محاولة لملاحقتهم، على الرغم من أن السكان المحليين قالوا إن في الاسابيع القليلة الماضية كان هناك مداهمات عنيفة متكررة في الساعات الأولى من الصباح.

وبعد عشر دقائق، انتقلت الشرطة إلى استدعاء من أمر طارئ آخر، وبات الشارع مليئا بالسكان الجريئين الذين بدأوا بالهتاف مرة أخرى.

صنعت النسوة صواني الطعام. وبدأ الناس في مهزة بالاستمتاع به.

وعندما حاول المحتجون في البحرين محاكاة الثورة في مصر ببدء المظاهرات الحاشدة في شباط/فبراير 2011،  كانت الشعارات الأولى تدعو للإصلاح، وليس للإطاحة بالأسرة الحاكمة.

ردت قوات الأمن إلى ما أصبح انتفاضة بوحشية كبيرة.

المتظاهرون الأوائل شملوا أيضا نسبة مقبولة من السنة، الذين كانوا قد ضاقوا ذرعا من الطريقة التي تدار بها البلد.

ولكن منذ الحملة الأمنية، ذهبت المواجهة وبشكل متزايد باتجاه الأسس الطائفية.
وفي لحظة انفتاح غير عادي لأسرة حاكمة شرق أوسطية، كلف الملك وقبل النتائج التي توصل إليها تقرير مستقل  حول ما حدث، والذي أكد أن قوات الأمن قتلت وعذبت المتظاهرين.

وبعد عام من هذا التقرير، المعروف باسم لجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، يتم اتهام الأسرة الحاكمة بعدم بذل جهود كافية لتنفيذ النتائج التي توصلت إليها اللجنة، من خلال أصدقائها في الغرب وكذلك منظمات حقوق الإنسان ومنتقديها داخل البحرين.

استعادة الوحدة 

وزارة الخارجية الأمريكية أطلعت الصحفيين عن قلقها إزاء تزايد العنف في البحرين، والحدود الموضوعة على حقوق حرية التعبير والتجمع، والاستخدام"المفرط" للقوة من جانب الشرطة وأجهزة الأمن.

الحكومة البحرينية تنفي هذه الاتهامات. وتقول إنها تعمل جاهدة لتنفيذ التقرير، وهي مصصمة على الجمع بين مختلف شرائح المجتمع، وهي تتأكد من أن قوات الأمن تتبع قواعد سلوك جديدة.

رفض وزير العدل خالد آل خليفة الاتهامات بأن النظام لا يزال يحمي ضباطًا كبارًا ومسؤولين يجب أن يحاسبوا على التجاوزات التي ارتكبت في ظل قيادتهم.

غياب المساءلة يعتبرها كل حلفاء البحرين. ولكن الوزير قال إن واشنطن لم تفهم ما كان يحدث.

"إذا كانت الحكومة تريد أن تغطي هذا ما كانت لتُنشئ اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق "، قال لهيئة الاذاعة البريطانية.

"نحن شجعان بما فيه الكفاية وقادرون على مواجهة هذا والتعامل معه. لا أحد سيكون قادرًا على التخفي تحت غطاء الإفلات من العقاب".

"ما نحاول القيام به هو المساءلة الملائمة لما حدث في البحرين... نريد إعادة الوحدة بطريقة تشفي الخطأ الماضي".

الشيعة المهمشون 

ولكن في غرفة جلوس تحولت إلى مزار لصبي قتل بالرصاص، كان لأم شيعية مفجوعة وجهة نظر مختلفة جدا.

جلست مريم عبد الله وتحيط بها صور ابنها علي الشيخ البالغ من العمر 14 عاما، الذي قتلته عبوة من الغاز المسيل للدموع أطلقتها الشرطة خلال مظاهرة مناهضة للحكومة في آب/أغسطس من العام الماضي.

عام بعد نشر التقرير، ولم يتم تنفيذ أي من اقتراحاته، قالت.

" لا أرى أي إصلاحات"، قالت السيدة عبد الله. "نحن بحاجة إلى المساواة بين الطائفتين، ولا سيما في الوظائف، وفي وزارة الداخلية والجيش، وحتى في وزارة العدل."

"هناك طائفية في هذا البلد والطائفة الشيعية، خاصة، مهمشة".
مثل أخوتهم السنة في المملكة العربية السعودية، العائلة الحاكمة في البحرين ومؤيدوها يعتقدون أن إيران تحرض على الاحتجاجات الشيعية في القرى المحيطة بالمنامة.

قالت مريم عبد الله إن هذا الاقتراح كان اهانة.

البحرين هي مقياس الضغط لمنطقة الخليج. فإذا لم يحل السياسيون في البلاد الأزمة هنا، فإن البحرين ستصدر المتاعب للمنطقة – وسوف تشحذ الطائفية بين السنة والشيعة - والمنافسة الخطيرة بين السعوديين وإيران.

الأمريكيون يخشون من أن البلد، دون تقدم سياسي عاجل، سوف يستمر بالتفتت – وأن ذلك، كما يقولون، لن تفيد سوى إيران.

13 كانون الأول/ديسمبر 2012 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus