«عقدة الفتح».. بين خطاب الملك وكلمات أهالي الشهداء

2012-12-21 - 9:04 ص


مرآة البحرين (خاص): لم تخل كلمة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، التي ألقاها بمناسبة عيد جلوسه الذي يحتفل به في 16 و17 ديسمبر/كانون الأول من كل عام،  من "عقدة الفتح" التي تلازم العائلة الحاكمة منذ دخولها البحرين في عام 1783 "ما آل إلينا من آبائنا وأجدادنا من إرث جليل.. منذ تأسيس البحرين كدولة مستقلة في عهد جدنا الفاتح رحمه الله عام 1783م أي قبل أكثر من قرنين من الزمان كدولة عربية مسلمة، حتى عهدنا الحاضر".
 
"عقدة الفتح"، كما يسميها أحد الباحثين التاريخيين، من أبرز العقد النفسية المؤثرة في سلوك العائلة الحاكمة وتعاملها مع شعب البحرين، حسبما يرى هذا الباحث نفسه، إذ تشكل لديهم عقدة "الفتح" الخوف المستمر من أهل البحرين، حسب تعبيره.
 
إن مفهوم "الفتح" الإسلامي، يعبر عن غزو جيوش المسلمين لبعض المناطق خارج حدود الدولة الإسلامية وإدخال الإسلام إليها، ومن المعروف أن البحرين دخلت الإسلام طواعية في السنة الثامنة للهجرة، في رسالة مؤرخة ومحفوظة بالمتحف الوطني بعث بها النبي (ص) إلى أهل البحرين عن طريق "العلاء الحضرمي"، واستجابوا لها فورا، ومن المعيب أن يستمر المفهوم ذاته في أدبيات رأس النظام حتى هذا اليوم!
 
 إن الملك، لا يزال يهدد بفتح آخر للبحرين، كلما حاول الشعب صده وصد حكم عائلته المستبد، فهو في خطابه يواصل لغة التهديد بالسلاح "مشيدين برجالنا في قواتنا المسلحة وقوى الأمن والحرس الوطني الذين هم على استعداد دائم لتوفير المناخ الملائم للتنمية والتطوير، بتحقيق الأمن والاستقرار ومواجهة جميع التحديات بما يعود بالخير والنفع على الجميع"، الجميع هنا هم قبيلته بالطبع!
 
في الجانب الآخر، فإن الاحتفاء بعيد "الشهداء" الذي يحتفل به الشعب في 17 ديسمبر/كانون الأول من كل عام، كان له طابعا مغايرا هذا العام، في ظل أجواء ثورة 14 فبراير المستمرة منذ أكثر من 22 شهرا.
 
فدماء الشهداء الذين راحوا ضحية استبداد النظام القبلي وغروره وأطماعه ومعاداته للشعب، لاتزال تفور مطالبة بالعدالة وإقامة دولة العدل والقانون التي يسود فيها حكم الشعب لا غير، وهذا ما بينه وأكد عليه أهالي الشهداء في كلماتهم المسجلة التي ميزت ذكرى "العيد" هذا العام.  
 
فاطمة، أخت الشهيد "علي طاهر"، الذي استشهد في 1996، قالت "إن الشعب يدين للشهداء بتحقيق مطالبهم وتحقيق العدالة لهم وللوطن، وإن يوم اتحاد الشعب على هذه المطالب كان منتظرا منذ زمن طويل".
 
بينما قال والد الطفل الشهيد "علي بداح"، الذي استشهد في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، إن ولده الشهيد كان يقول إن الثورة وقفة حر لا يركع إلا لله، في دعوة إلى استمرار الثورة حتى تحقيق النصر، مشيرا إلى أن ذكرى الشهداء خالدة باقية على مر السنوات منذ الخمسينات وما قبلها.

أخ الشهيد "هاني خميس"، أحد مفجري انتفاضة التسعينات وأول شهدائها،  قال "إن الله يختار الشهداء ليكونوا شموعا نيرة للأمم وإن على الشعب أن لا يقف عند حد معين حتى يحقق المطالب ويرجع الحقوق لأصحابها حتى لو بذل الغالي والنفيس من أجل ذلك".
 
والد الشهيد "علي المؤمن"، الذي قتل في دوار اللؤلؤة بتاريخ 17 فبراير/شباط 2011، قال إن "ذكرى الشهداء لا تغيب عنا، وأنا أتذكر إخوتي شهداء التسعينات الذين لليوم لم يؤخذ بحقهم بل غيبت ذكراهم بعنوان الإصلاح طيلة العقد المنصرم، ولا يزال قتلتهم أحرارا طلقاء مستمتعين دون حساب" وأضاف "لا يجب أن نخدع بأي مزاعم إصلاحية دون القصاص من القتلة، فلا عفا الله عما سلف وكل ذي حق يأخذ حقه ونحن أهل سلم وسنأخذ حقوق الشهداء بالطرق السلمية".
 
والد الشهيد الطفل "سيد هاشم"، والذي قتل في 31 ديسمبر/كانون الثاني 2011، اتفق في كلمته مع بقية عوائل الشهداء على وجوب المشاركة الفعالة بيوم عيد الشهداء 17 ديسمبر/كانون الأول، وقال إنه يوم يذكر بكل شهداء البحرين، وإن على الجميع أن لا ينسى مظلومية الشهداء وأن لا يتخلى عن حقوقهم.
 
هكذا، كان رد أهالي الشهداء على خطاب الملك، حتى قبل أن يصدر، فالقصاص ممن قتل أبناء البحرين، على مر تاريخ المواجهة مع النظام، هو حق لا تراجع عنه، وتحقيق مطالبهم بإرجاع الحكم والسيادة للشعب، لا مناص أو رجعة عنه، في حين كانت صوره التأييد الشعبي لعوائل الشهداء وخطابهم متجلية بوضوح في التظاهرات الكبرى التي نظمها احتفالا بالمناسبة "ائتلاف شباب 14 فبراير"، ودعمتها القوى السياسية الأخرى.

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus