هكذا تسللنا إلى عاصمتنا وصرخنا: تنح يا خليفة

2012-12-25 - 8:20 ص


الاثنين 24 ديسمبر 2012
"موعدنا اليوم في العاصمة"

مرآة البحرين (خاص): هكذا وصلتني الدعوة بشكل خاص وسري، كما وصلت إلى مجموعة من الشباب والشابات الذين قرروا كسر الطوق الذي فرضه النظام على المنامة. دعوة سرية وقبل وقت غير طويل من انطلاق المسيرة. الحفاظ على عنصر المفاجأة، كي لا يجري تطويق المنامة ومحاصرتها بالكامل وتحويلها إلى ثكنة عسكرية. 

مسيرات احتجاجية صغيرة بين حين وآخر في قلب المنامة أقوى تأثيراً من مسيرات حاشدة داخل المناطق المعارضة. السلطة تريد إبعاد المسيرات عن قلب العاصمة وحصرها داخل القرى والمناطق الساخنة فقط، وهي تريد من ذلك عزل الحركة الاحتجاجية من جهة، وممارسة عقابها الجماعي على المنطقة بأكملها دون أن يرى العالم ما تفعل.

كان الوقت المحدد لانطلقا المسيرة الساعة 3:30 ركبت سيارتي وانطلقت إلى المنامة. لم يكن غريبا أن أجد مجموعة من الأجياب عند القلعة، لكن الغريب أنها كانت بعدد أكبر من العادة، وترافقهم مدرعة. أما أزقة العاصمة فمليئة بمدنيين يمرون علينا كل حين يتفرسون الوجوه والأرجل، يطالعون أحذيتنا التي عادة ما تكون أحذية رياضة، وطالما سألونا عن سبب لبسنا لها، يبتسمون لنا بخبث، مرة راجلين ومرات بسياراتهم التي صرنا نعرفها جيداً. فمنذ أن زاد عدد مرات خروج المسيرات المفاجئة في قلب المنامة، صار تواجدهم شبه دائم هناك.

كنا نتحين الفرص ونبحث عن نقطة انطلاق آمنة علنا نتمكن من التجمع وتوزيع أعلام البحرين وحمل البنرات، استغرقنا قرابة ساعه كاملة، حتى تأكدنا أن الشارع صار آمناً. أسرع الشباب برفع (البنرات)، كنا قد غيرنا نقطة انطلاقنا مرات عديدة قبل أن يبدأ أحدهم بالهتاف. كبرّنا وكبّرنا، كنا قلّة، البعض يحاول توثيق الحدث بينما يتفرق آخرون لمراقبة الطريق. 

كان السوق عامراً بالناس، بعض كبار السن تغيرت ملامحهم مع انطلاق المسيرة. بعضهم يبتسم ويشاركنا الهتاف والبعض يرفع كفيه مبتهلا لله أن يحفظ هؤلاء الشباب وعلى وجهه نظرة ألم، لكن التشجيع كان هو سيد الموقف.

بدأنا المسيرة وجبنا بعض الطرقات، كانت أصواتنا هادرة رغم قله العدد، فللتظاهر في المنامة نكهة الحياة والتحدي والصمود. رفعت كل الشعارات. لا شعار ممنوع في وسط العاصمة. لا شعار غير مرحب به. لا شعار مستبعد. في العاصمة ننتزع حلمنا بوطن يحترم أبناءه لا يقتلهم ولا يستعبدهم.

خطوات قليلة ولا تلبث أن تصلنا الأخبار بأن المدنيين التابعين لوزارة الداخلية قد اتخذوا مواقعهم داخل السوق وبدأ انتشار المرتزقة. بسرعة كبيرة لُفّت البنرات وجُمعت الأعلام وبدأ الشباب يطلبون من الجميع التفرق والسير بشكل طبيعي حتى لا تُلفت الانظار.

تخلصتُ من وشاح كنت قد وضعته على كتفي مكتوب عليه we want Democracy (نحن نريد الديمقراطية)، وعدت   أسير وحدي تماما كما دخلت عاصمتي، غادرت وأنا مبتهجة وقد اعتلت شفتي ابتسامة رضا، فمرة أخرى رغم انتشار المرتزقة، ها نحن نجوب عاصمتنا هاتفين بحقنا في احتضان وطننا، وطننا فحسب، وإنا يا منامة لعائدون.


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus