لماذا حولت الداخلية قضية «فيديو الصفعة» على القضاء مباشرة؟

2012-12-25 - 1:35 م


مرآة البحرين (خاص): وزارة الداخلية هذه المرة لم تقل إنها "ستحقق" في حادثة ما بات يعرف بـ"فيديو الصفعة"، على ما جرت عليه عادتها خلال أكثر من عام، وتحديدا منذ أن صدر تقرير بسيوني.

هذه المرة، قالت الداخلية إنها "أوقفت الشرطي وأحالته للمحاكم العسكرية"، لماذا يا ترى؟! ربما لأن الفضيحة أكبر بكثير من كل ما حدث سابقا، وأن ما أثارته من ضجة ربما كان يفوق كل المرات السابقة أيضا.

أو ربما لأن أحدا ما سيتذكر في نهاية هذا العام أن الداخلية لم تقم بأي تحقيق من كل التحقيقات التي زعمت أنها ستجريها في مختلف الحوادث التي وجدت لها صدفة من يوثقها بدليل لا يمكن أن يرد: "كاميرا الفيديو"! انتهت ضجة تلك الحوادث في الإعلام، وانتهى بذلك اهتمام وزارة الداخلية بها، وتعليقها عليها، فلم تصدر ولا بيانا واحدا يوضح نتائج هذه التحقيقات المزعومة، لأنها لم تجر من الأساس.

لكن السبب الأهم، في تحويل هذا الشرطي إلى القضاء مباشرة، هو أن الداخلية غاضبة منه فعلا! فقد تسبب هذا الشرطي المرتزق للنظام، بخسائر كبيرة جدا، وفي وقت حرج للغاية، يجعل من الصعب إمكانية تعويضها.

يعاني النظام اليوم تحديدا من ضغوطات دولية هائلة بدأت تشتد منذ حلول الذكرى الأولى لتقرير بسيوني الشهر الماضي، والشواهد على ذلك كثيرة، ليس آخرها ما حدث مؤخرا في "حوار المنامة"، وكذلك في زيارة وفد البرلمان الأوروبي، ومن ثم المقال الذي نشره الكاتب الأمريكي "نيك كريستوف" قبل يومين في صحيفية نيويورك تايمز بعد منعه من دخول البحرين، وصولا إلى تصريح أحد كبار المسئولين علنا بأن "الإعلام العالمي يشوه صورة البحرين"!

لقد أثار هذا "الفيديو" ضجة كبيرة، واستلزم أن يصرح بشأنه وزير الخارجية بنفسه على شبكة تويتر، على غير العادة أيضا "أن يصفع شرطي مواطن بلا سبب شيء لا يمر دون محاسبة"!

أمين عام الوفاق الشيخ علي سلمان، بدا وكأن الحادثة قد استفزته بشدة "هذا انعكاس لسياسة رسمية تقوم على اضطهاد المواطن المسالم...سلوك يعبر عن نوعية نظام... هذا الشرطي هو النظام الظالم وهذا المواطن والطفل هو الشعب المظلوم"، سلمان قال غاضبا "إلى الدول التي تعتقد أن هذا النظام يمكن أن ينفذ توصيات بسيوني أهدي هذا المقطع المؤلم" مرفقا رابط الفيديو على "يوتيوب"!

على مدار أكثر من 24 ساعة، لم يكن هناك حديث في الخط الزمني لتغريدات "تويتر" في البحرين، سوى عن هذا الفيديو، وحتى المغردون الموالون للنظام دخلوا بقوة في الحديث عنه بين مبرر ومنتقد بشدة، وبين من نسج لذلك أوهام "مؤامرة"!

موقع "ياهو" الإخباري على شبكة الإنترنت، الذي يحتل المرتبة الرابعة عالميا في عدد الزائرين، نشر "الفيديو" على صفحته الأولى كخبر رئيس، والحصيلة أكثر من 232 ألف زيارة للفيديو على "يوتيوب"، وأكثر من ألف تعليق، خلال أقل من 24 ساعة!

"أثارمقطع فيديو تم نشره على موقع يوتيوب غضب و استياء العديد من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي... ويظهر في الفيديو رجل شرطة يطلب من مواطن  إظهار هويته فيجيب الرجل بأنه ليس معه بطاقة هوية، ويبدو المواطن في الفيديو يحمل ابنه على ذراعه، فباغته الشرطي بصفعة على وجهة ثم قام بصفعه مرة أخرى، وحاول الرجل أن يغطي وجه طفله حتى لا يراه وهو يصفع من قبل الشرطي" هكذا نشر موقع "ياهو" الفضيحة.

بدا واضحا أن شبكة "عالي نيوز" التي نشرت "الفيديو"، كانت تقصد توجيهه للخارج، فقد كتبت عنوانه "بالإنجليزية" فقط، وقد نجحت في ذلك تماما، ورغم الملايين التي يدفعها النظام للتزوير والفبركة والتكتيم الإعلامي وتحسين السمعة، إلا أن فيديو مدته دقيقة واحدة فضحه أمام العالم وأفسد كل ذلك، كما قالت إحدى الناشطات.

في أعقاب نشر هذا الفيديو، أكد ناشطون أنها ليست المرة الأولى التي يقوم بها هذا الشرطي تحديدا بضرب المتظاهرين في الشارع بهذه الطريقة، فقد سبق وأن قام بركل فتاة وصفعها على وجهها ثم أطلق عليها قنبلة غاز حين حاولت تخليص أحد المتظاهرين من بين يديه، في منطقة "عالي" كذلك، كما يتضح من هذا الفيديو

لطالما كانت هناك حوادث لجم فيها عناصر المرتزقة نهم وحشيتهم، خوفا من "الكاميرا"، كما كانوا يقولون للمتظاهرين علنا، بل لطالما أنقذ العديد من المتظاهرين بتهديد المرتزقة بالكاميرا، ولكن، كم عدد تلك الحوادث التي كانت أفظع من ذلك بكثير، في الشارع، في السجن، في المستشفى، وحتى في مقار العمل، ولم تتمكن الكاميرا من التقاط عارها!

اليوم تحديدا، انتشر تسجيل فيديو آخر للمرتزقة وهم ينكلون بشاب تنكيلا وحشيا مستفردين به في أحد شوارع "العكر"، ولكن الكاميرا لم تكن حاضرة في الحادثة التي نشرتها "مرآة البحرين" عن فقدان أحد المتظاهرين من "بني جمرة" لعينيه بعد إصابته بالشوزن الانشطاري من على بعد 5 أمتار في حادثة كادت أن تودي بحياته، كما أنها لم تكن حاضرة في الجفير يوم أمس حين لاحقت سيارات الأمن شابا لأسباب مجهولة، ثم اصطدمت به وأنزلته وانهالت عليه ضربا ليختفي أثره بعد ذلك!
 
أما وزارة الداخلية، فلا تحقق، أو لا تزعم أنها ستحقق، سوى في القضايا المصورة بالفيديو، ولا تأتي ولو حتى بإشارة إلى ما سواها من القضايا الكثيرة جدا جدا!!

إن "كاميرا الثورة" تربك النظام دائما، ولذلك هي دوما على وضع الاستعداد، حتى وإن راح ضحيتها شهداء مثل المصور "أحمد إسماعيل"، ورغم محاولات النظام العابثة لتقليد الأسلوب ذاته في مواجهة المتظاهرين، عبر تصوير كل شيء، إلا أنه يفشل دائما، لأن كل تصويراته تدينه هو لا غير، حتى وإن كان القضاء المجيّر يرى في هذه "الفيديوهات" الحكومية أمرا غير الذي فيها، كما حدث أخيرا في قضية "نبيل رجب"!
 
هامش:

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus