محتجو حقوق الإنسان في البحرين ينفسون عن غضبهم من جديد

2012-12-26 - 11:05 ص


كيفن إيسون: ذي تايمز
ترجمة: مرآة البحرين

زينب الخواجة لن يمكنها حضور سباق الفورميولا واحد في اليوم المخصص للنساء  كما لن يمكنها الوقوف في الطابور لشراء تذاكر سباق الجائزة الكبرى المعروضة للبيع بسعر مخفض جدًا. فقد ألقيت زينب الخواجة ذات الثماني والعشرين ربيعًا في السجن بسبب مطالبتها بإطلاق سراح والدها الذي يقبع في زنزانته في أحد سجون البحرين منذ شهور عدة. 

بدأت ماكنة جهاز الدعاية للجائزة الكبرى في سباق البحرين 2013 في الدوران يوم أمس بعرض التذاكر الأولى للسباق الرابع من الموسم الجديد للبيع، مزخرفة عرضها بتخصيص يوم لسياقة النساء حول حلبة البحرين الدولية التي بلغت تكلفة إنشائها مائتي مليون جنيه استرلينيي. وفي الوقت الذي تضغط فيه السلطات في البحرين على أزرار ماكنة الدعاية في محاولة منها لاستثارة الاهتمام بسباق الجائزة الكبرى الأكثر إثارة للجدل على روزنامة الفورميولا واحد، يستمر قذف قنابل البترول في الشوارع، ويواصل نظام العدالة المدان عالميًا احتجاز المحتجين من أمثال الخواجة. 

الشخصيات الرئيسة في الاتحاد الدولي للسيارات FIA، الهيئة الحاكمة في رياضة سباق السيارات، بدءوا فعلاً يشعرون بالقلق لأن سباق الجائزة الكبرى في البحرين يوشك أن يكون باعثًا لإرباكٍ مرعب آخر، تمامًا كما حدث في أبريل/نيسان الماضي عندما انحرفت الرياضة عن أخلاقها ومزقت قوانينها الخاصة وقبلت 40 مليون دولارًا (حوالي 25 مليون جنيهًا استرلينيًا) من أجل أن تلعب أمام نظام حاكم أدانه العالم أجمع لمواقفه من حقوق الإنسان. 

"لقد كانت كارثة في العلاقات العامة على كافة المستويات" قال أحد المصادر أمس. "سيُقام السباق كما هو مقرر، ولكن عليك أن تتساءل ما الذي سيحدث هذه المرة. في أبريل/ نيسان الماضي، لم يكن المتظاهرون منظمون جيدًا، وربما يشعرون بأنهم أضاعوا فرصة استخدام السباق كمنصة إعلامية. هذه المرة لديهم إشارات تحذير كثيرة بأن السباق قائم، كما لديهم الكثير من الوقت لوضع الخطط. إنه وقت للدعاء بأن تمر الأمور بسلام." 

تحذر منظمة العفو الدولية من أن البحرين لم توقِف بعدُ أمام العدالة عناصر الشرطة والجيش المسئولين عن قتل المحتجين وضربهم وتعذيبهم، وأن الإصلاحات لم تنفّذ على الرغم من مرور أكثر من سنة على التقرير الدولي للجنة البحرين المستقلة لتقصي الحقائق (BICI) التي أقرت بوجود انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان. وتحذّر كوفادونغا دي لا كامبا،  الخبيرة في شئون البحرين من أن سباق الجائزة الكبرى يمكن أن يكون الحدث الذي يقدح زناد التنفيس عن الإحباط والغضب المكتوم. 

تقول دي لا كامبا "إن على الفورميولا واحد أن تدرس خياراتها جيدًا. هناك درجة كبيرة من الإحباط تراكمت نتيجة الوعود الجوفاء، والأمور الآن هي أكثر توترًا بسبب قلة ما تم إنجازه لمعالجة القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان التي كانت موجودة في وقت سباق الجائزة الكبرى الماضي."

سيكون سباق الجائزة الكبرى في أبريل/نيسان اختبارًا مزعجًا لأعصاب جان تود، رئيس الاتحاد الدولي للسيارات البعيد عن الأضواء. هو في مأزق لأنه يواجه إعادة انتخابه رئيسًا للاتحاد في نوفمبر/تشرين الثاني من العام القادم؛ وهو بحاجة إلى الأصوات الحاسمة في الشرق الأوسط والتي يمكنه الحصول عليها من سباق الجائزة الكبرى في البحرين، إلا أن حرجًا بمقياس ما حدث في أبريل/نيسان الماضي لن يُقنع الناخبين المتذبذبين بأن الفرنسي والرئيس التنفيذي السابق لفيراري يتحلّى بالمتانة الأخلاقية المطلوبة أو لديه القدرة القيادية الجديرة بالثقة. 

عندما انفجرت قنبلة بترول على مسافة بضعة أقدام من حافلة كانت تقل فريق "قوّة الهند" قبل أيام من بدء سباق الموسم الماضي، لم يكن لتود أي حضور، وتجاهل، متعمّدا، القوانين الخاصة بمنظمته التي تنص على وجوب عدم استخدام الفوميولا واحد كأداة سياسية. لقد جرى سباق الموسم الماضي تحت الشعار الرسمي "مُوحَّدون"، الذي كان رسالة سياسية موجهة إلى المجتمع الدولي بأن الأمور كلها على ما يرام في مملكة الجزيرة الصغيرة. 

في الوقت ذاته كان المحتجون يحملون لافتات تطالب بـ "حرية، وليس فورميولا واحد"، وذلك قبل أن تطاردهم الشرطة في الشوارع المليئة بكسارة الحجارة مطلقة عليهم القنابل المسيلة للدموع، والقنابل الصوتية، والطلقات الانشطارية. وفي عطلة نهاية الأسبوع أصيب رجل بطلقة أردته قتيلاً.

وعلى الرغم من كون عيون الفورميولا واحد محجوبة عن رؤية المظاهرات الحاشدة، إلا أن عددًا منهم قد عُني بالنظر إلى الإفراط في العنف من قبل السلطة والذي جلب لها إدانة دولية بسبب وقوع أكثر من 50 قتيلاً من المحتجين، وسجن الأطباء والممرضين، ومضايقة العشرات من النساء والأطفال الأبرياء.

في عطلة نهاية الأسبوع أصدر الملك حمد بن عيسى الخليفة عفوًا عن 247 سجينًا بمناسبة اليوم الوطني، ولكن ذلك جاء في أثر مطالبات من مايكل بوسنر مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشئون الديمقراطية وحقوق الإنسان، ونتيجة العمل على إسقاط التهم الموجهة ضد الناشطين المعنيين بـ "حرية التعبير السياسي السلمي". الناشط نبيل رجب ما زال قابعًا في سجنه، على الرغم من تخفيف حكم سجنه إلى سنتين في الأسبوع الماضي كعقوبة على إرساله تغريدات اعتبرت مسيئة للنظام البحريني. 

وتمثّل زينب الخواجة شوكة في جسد السلطة منذ أن سُجن والدها عبد الهادي على خلفية اعتباره واحدًا من قادة الانتفاضة التي أدت إلى إلغاء سباق 2011. وقد عُوقبت زينب بالسجن وبغرامة مالية في الأسبوع الماضي لأنها دخلت منطقة ميدان اللؤلؤة، وهي المنطقة التي كانت بؤرة للأحداث العنيفة في مظاهرات 2011. 

الدكتورة آلاء الشهابي، وهي مناضلة بحرينية بريطانية المولد، سُجن زوجها غازي خلال الانتفاضة، تعتقد أن قمع الحكومة قد سلب من المحتجين رموزًا قيادية مثل نبيل رجب الذي كان زعيمًا قويًا. وهي تعبّر عن يأسها من الحكومات ومن الرياضة، مثل بريطانيا والفورميولا واحد، التي تركز قلقها بحسب ما يلائمها سياسيًا؛ ففي حين قاطعت الحكومة البريطانية أوكرانيا في دورة ألعاب يورو 2012 لانتهاكاتها لحقوق الإنسان، نجد أن البحرين عربدت في سباق جائزتها الكبرى.

تقول الدكتورة الشهابي: "لا أعرف كيف يمكن للحكومة البريطانية أن تفعل ذلك. الشعب في البحرين يناضل. وهناك سياسة احتواء ما يعني أن الشعب لا يمكنه أن يتحرك. حُظرتْ التظاهرات، وأكثر من 30 شخصية من قادة الاحتجاجات جُرِّدوا من جنسياتهم، ما يعني أنهم أصبحوا محاصرين. الفورميولا واحد ليست أكثر من رياضة، ولكنها في نظر عموم الناس رياضة النظام الحاكم. ستأتي الفورميولا واحد إلى البحرين، ولكن الناس سينتظرون قدومها بمشاعر الغضب والإحباط." 

17 كانون الاول/ ديسمبر 2012 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus