زينب الخواجة: البحرين الحليف الوحشي...

2012-12-28 - 9:08 ص


زينب الخواجة: نيويورك تايمز
ترجمة: مرآة البحرين

في وقت سابق من هذا الشهر، أصيب عقيل عبد المحسن - 19 عاما- في وجهه بسبب احتجاجه ضد الحكومة البحرينية. كان مضرجا بالدماء، تمزق الجانب السفلي من وجهه، وتهشم فكه، ويده المكسورة تتدلى بشكل غير متسق من معصمه. إنها واحدة من تلك الصور التي لم تكن ترغب في رؤيتها، والتي لا يمكنك نسيانها أبدا.

بعد عملية جراحية دامت لأكثر من 10 ساعات، وقبل أن يستعيد السيد عبد المحسن وعيه، كانت الشرطة تحرس غرفته في المستشفى. لو كان قادرا على الكلام، فلا بد وأنه قد تم استجوابه قبل دخوله إلى العملية الجراحية. فآخرون تركوا ينزفون دون عناية طبية بينما رجال الأمن يسألون أسئلة مثل: "هل شاركت في احتجاج؟ من كان معك؟".

البحرين، هي جزيرة صغيرة قبالة ساحل السعودية، تحكمها عائلة آل خليفة منذ أكثر من 200 سنة. وهي أيضا موطن الأسطول الأمريكي الخامس، الذي يحرس الممرات الملاحية في المنطقة، ويساعد المهمات في العراق وأفغانستان ويراقب إيران كلما ازدادت التوترات في المنطقة.

انضم الشعب البحريني المضطهد إلى الربيع العربي بعد وقت قصير من سقوط الرئيس حسني مبارك في مصر. ومع الأمل حديث الولادة، نزل البحرينيون إلى الشوارع في 14 شباط/فبراير2011. الأغنياء والفقراء، الشيعة والسنة، الليبراليون والمتدينون، كانوا يشعرون كما لو أنه يمكنهم التكلم بحرية للمرة الأولى في العاصمة، المنامة، في دوار يتوسطه نصب لؤلؤة. فجاء دوار اللؤلؤة ليكون رمزا للثورة البحرينية.

ولكن هذا الحرية المولودة حديثا لم تستمر طويلا. قوات الأمن التابعة للحكومة هاجمت المتظاهرين السلميين، ثم هدمت نصب اللؤلؤة. وفي آذار/مارس 2011، تدخلت قوات من السعودية المجاورة والإمارات العربية المتحدة لقمع احتجاجاتنا المؤيدة للديمقراطية.

أن تخرج إلى الشوارع، لا تحمل شيئا سوى العلم والمطالبة بالديمقراطية يمكن ان تكلفك حياتك هنا.  أن تهتف "يسقط الديكتاتور" يمكن أن تؤدي إلى تعرضك لصدمات كهربائية. وإلقاء خطبة حول حقوق الإنسان والديمقراطية قد تؤدي بك إلى السجن مدى الحياة. قتل الرضع بعد اختناقهم بالغازات السامة المستخدمة من قبل شرطة الشغب. وأُطلق الرصاص على المتظاهرين المراهقين وقتلوا.

ليس غريبا في البحرين العثور على أسر تتألف من أربعة أو خمسة أفراد كلهم في السجن في الوقت نفسه. والدي، عبد الهادي الخواجة، تعرض للضرب حتى فقد الوعي في شقتي أمام عائلتي، كما وثق تقرير لجنة البحرين المستقلة لتقصي الحقائق العام الماضي. ثم اقتيد بعيدا مع زوجي وشقيقه، وتم تعذيبهم جميعهم.

أطلق سراح زوجي في كانون الثاني/يناير، وأفرج عن أخيه بعد مدة ستة أشهر قضاها في السجن أواخر عام 2011، حكم على والدي بالسجن مدى الحياة. أقام أربعة إضرابات عن الطعام؛ وأطول فترة استمرت 110أايام وكادت تكلفه حياته. (أجبر على الغذاء بالقوة في مستشفى عسكري) ولكن على الرغم من كل هذه التضحيات، الكفاح من أجل الحرية والديمقراطية في البحرين يبدو بلا أمل لأن الحكام في البحرين لديهم حلفاء أقوياء، بما في ذلك السعودية والولايات المتحدة.

بالنسبة للبحرينيين، لا يبدو أن هناك الكثير من الفرق بين السعوديين والأمريكيين. كلاهما يدعمان نظام آل خليفة للحفاظ على مصالحهم الخاصة، حتى لو كان الثمن هو أرواح وحقوق شعب البحرين.

الولايات المتحدة تتحدث عن دعم حقوق الإنسان والديمقراطية، في حين أن السعوديين يرسلون قواتهم لمساعدة حكومة أل خليفة وأمريكا ترسل السلاح. الولايات المتحدة بحد ذاتها تقوم بإساءة كبيرة من خلال إبرازها معايير مزدوجة واضحة تجاه انتهاكات حقوق الإنسان في الشرق الأوسط. واشنطن تدين العنف من الحكومة السورية لكنها تغض الطرف عن الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان التي ترتكبها حليفتها البحرين.

الكيل بمكيالين هذا يكلف أمريكا مصداقيتها في المنطقة، والرسالة المفهومة هو أنه إذا كنت حليفا لأمريكا، حينها يمكنك أن تفلت من انتهاك حقوق الإنسان.

إذا كانت الولايات المتحدة جادة في حماية حقوق الإنسان في العالم العربي، فيجب عليها أن توقف جميع مبيعات الأسلحة إلى البحرين، وأن تجذب انتباه مجلس الأمن للأمم المتحدة إلى انتهاكات البحرين، ودعم جلسة استثنائية حول البحرين في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وبدء الحديث عن احتمال فرض عقوبات دبلوماسية واقتصادية. يجب على إدارة أوباما ايضا المطالبة بمساءلة المسؤولين البحرينيين رفيعي المستوى عن انتهاكات حقوق الإنسان، وبأن تسمح للمنظمات غير الحكومية، والمحققيين الحقوقيين في الأمم المتحدة والصحفيين بالدخول إلى البلاد والتحقيق في الانتهاكات.

في الوقت الحاضر، الحكومة البحرينية تعتقد أن لديها حصانة دولية. وترتكب انتهاكات حقوق الإنسان على نطاق واسع، وتواصل أعمالها التجارية كالعادة: وتستمر الحكومة في شراء الأسلحة وتفاوض على الصفقات المربحة، دون الحاجة لمواجهة أي عواقب حقيقية. هذا هو السبب في أن أبرز البحرينيين المدافعين عن حقوق الإنسان يقبعون في السجن. إلى أن تبدأ الولايات المتحدة بممارسة ضغط حقيقي على حليفتها، حكومة البحرين ليس لديها أي حافز للتغيير.

بغض النظر عن الثمن، سوف يبقى البحرينيون يطالبون بحقوق الإنسان والديمقراطية – التي تدعي الولايات المتحدة  الدفاع عنها. ومن المثير للغضب أن أمريكا لا تزال تدعم النظام الذي يدوس عليها.

25 كانون الأول/ديسمبر 2012 



التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus