مازن مهدي: «أنا مراسل وكالة أنباء عالمية»

2013-01-02 - 3:33 م


مرآة البحرين (خاص): لا تظهر الصور مازن مهدي، المصوّر ومراسل وكالة الأنباء الألمانية «دي بي اي»، إلا وهو راكض وسط غلالةٍ من الحرائق والدخان الكثيف للصدامات اليوميّة، فيما يمسك كاميرته بقوة.

لكن في إحدى المرّات كانت ثمة إضافة غير مريحة على هذا المشهد الحيويّ. فقد كانت الصورة تحوي أيضاً فوّهة بندقية بيد رجل أمن في وضعية التصويب وجّهها نحوه مباشرة، في الوقت الذي كان يهمّ راكضاً لمغادرة مسرح الأحداث. إزاء هذا المشهد، فأنت في البحرين.

لا يولي مهدي الاهتمام كثيراً، لإصدار تعليقات مثيرة على الأحداث. وقلّما سجّل في حسابه النشط على «تويتر» آراء تتجاوز النقل الحي للاحتجاجات التي تضرب بلده منذ 20 شهراً. لكنّ صوره تروي الحكاية كلها.

إنه صحافي مهتم بالمخاطرة، ونقل الحقيقة وحدها، كما تقع، وتسجلها عينه على الرقائق الرقمية لكاميرته. ولدى تظهيرها عبر خدمات الوكالات أو في حسابه الشخصيّ، غالباً ما كانت صوره تتكلم. حيث أنها كذلك، في «ربيع» سياسيّ وُصف بأن جزءاً كبيراً منه يدور في «عالم الصور»، فهو يدفع ضريبتها. 

أواخر العام الماضي 2011، صنفت منظمة «مراسلون بلا حدود» البحرين ضمن «أخطر 10 مناطق في العالم على مزاولي العمل الصحافي». بعد أيام من ذلك، 3 يناير/ كانون الثاني 2012، كان مهدي يتجرّع جانباً من هذه الحقيقة المرّة. باغته رجل أمن بضربة على رأسه، فيما كان يغطي اعتصاماً لأهالي موقوفين عند أحد مراكز الشرطة. 

وفيما كان يرفع يديه صارخاً «أنا مراسل وكالة أنباء عالميّة»، كانت مفرزة من الشرطة تواصل الالتفاف حوله، وتباشر جرّه إلى داخل مركز للشرطة بسماهيج، شرقي العاصمة المنامة، حيث أوقف 15 دقيقة، قبل أن تعود وتفرج عنه.

 
مثل هذه القصص غدت متكررة لألوان الانتهاكات التي يتعرض لها الصحافيون والمصوّرون منذ اندلاع موجة الاحتجاجات. وبالنسبة إلى مراسل يهوى المغامرة، والتواجد على الخطوط الأولى للصدامات في بلد قرر ألا يكترث للنقد، حتى من حلفائه الغربيين، فهي أصبحت لوناً من «روتين» العمل. 

ففي 2 أغسطس/ آب الماضي، كان مهدي منهمكاً في تغطية فعالية احتجاجية دعا لها تنظيم معارض بمنطقة بني جمرة على مقربة من الحدود البحرينية السعودية، حين تقدم منه أحد عناصر المخابرات المدنية، طالباً منه بطاقة مزاولة العمل الصحفي الخاصة به، ثم قام بسحبها طالباً منه مراجعة مركز للشرطة بشكل فوري. فيما كان ينهي تسليم بطاقته، فوجيء باقتراب عنصر أمن آخر، سرعان ما سدد له لكمة قوية على وجهه.

وفي 6 أبريل/ نيسان 2012 أوقفته الشرطة على هامش تظاهرة في النويدرات، جنوبي العاصمة المنامة، وقادته إلى مركز للشرطة، حيث تذرّعت «أن بطاقته الصحافية قد تكون مزورة». وقد خرج بعد التحقيق معه، لكن كي يعتقل ثانية وزميلين له في نفس اليوم أثناء تغطية احتجاجات ليليلة في السنابس، غربي العاصمة. في تعليقها على ذلك، قالت الشرطة إنها اعتقلتهم «حفاظاً على سلامتهم».

بعد يوم من ذلك 7 أبريل/ نيسان 2012، كان يغطي تظاهرة نظّمت من أجل إخلاء سبيل الحقوقي عبدالهادي الخواجة، حين دسّ شرطيّ خلسة قنبلة غاز مسيل للدموع بالقرب منه. رغم أن مهدي أكّد أن أحداً «من المتظاهرين لم يكن في الجوار ساعتئذ». وفي 16 أبريل/ نيسان 2012، احتجز ومصوريّ وكالتيّ «رويترز» و«أسوشيتد برس» لفترة وجيزة، بينما كانوا يغطون تظاهرة احتجاجاً على مقتل مواطن أردي قتيلاً بالرصاص. 

مازن مهدي، المصوّر ومراسل وكالة «دي بي اي» ما يزال يركض، ممسكاً كاميرته بقوّة، ومعه كل الصور التي تختزن التاريخ المرير للجزيرة الصغيرة الطافية وسط حوض الخليج العربي.

ينشر بالتعاون مع رابطة الصحافة البحرينية

 
 
 
بعض ما التقطته عدسة مازن مهدي

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus