بروفايل المندفعة الثورية معصومة السيد: ناصر! أنتُم قتلة

2013-01-03 - 8:18 ص


مرآة البحرين (خاص): الكثيرون يرونها مندفعة، ربما هذا عيبها، وربما ميزتها أيضاً، فالثورة لا تولد بغير اندفاع، ولا تستمر بدون مجموعة من المغامرين المشاكسين، ولا تنجح بدون حماسهم واندفاعهم. الناشطة معصومة السيد نموذج لهذا الاندفاع الثوري. تصفها إحدى الصديقات: "طيبة وحنونة جداً، صريحة وعفوية، مندفعة وثورية جداً، ستصور أي حدث بشكل عفوي مباشر دون أن تلتفت لما حولها".

معصومة من مواليد 1984، ابنة منطقة البلاد القديم القريبة من المنامة، خريجة فنون جميلة وتعمل معلّمة في مدرسة لؤلؤة الخليج قبل أن يطالها الفصل التعسفي بعد اعتقالها الأخير، وهي أم لطفلين بين الخامسة والثامنة من العمر: الحر ونوح. لا تتخلف عن أية فعالية ميدانية وتتواجد في الصفوف الأمامية من المسيرات، متظاهرة من الطراز الشجاع والعنيد، لم تكسرها سلسلة الاعتقالات التي تعرضت لها، ولم تلجم اندفاعاتها وهي ترفع يديها كلتيهما أمام قوات النظام: علامة النصر بيدها اليمنى، وعلامة يسقط حمد باليد اليسرى. 

كانت أول من اقتحمت منطقة الدوار المحاصرة سيراً على الأقدام في فبراير 2012. وذلك ضمن فعالية العودة التي أطلقت بعد عام كامل من محاصرة الدوار. تم توقيفها لساعات قبل إخلاء سبيلها، قالت لمرآة البحرين حينها:"لقد علمني الدوار كيف يكون لي وطن فأحبه، لهذا أعود مجدداً، وكلما شعرت بالحنين للوطن، ذهبت للميدان، لا أخشى البنادق، لا يرعبني الاعتقال، فأنا مأسورة بالعودة فقط".

 
اعتقالها الأول كان في فعالية احتلال شارع البديع في 15 ديسمبر 2011، وذلك عندما راحت تدافع عن زينب الخواجة التي تم سحبها وجرجرتها على الأرض بطريقة لا إنسانية، تم ضرب السيد واعتقالها مع زينب، وحين تقرر الافراج عن الاثنتين في 20 ديسمبر، رفضتا الخروج ما لم يطلق سراح المعتقلة (فتحية هيات) التي كانت رهينة السجن قبلهما بمدة.

في 3 ابريل 2012، دعت معصومة إلى اعتصام عند السفارة الأمريكية تضامناً مع إضراب الحقوقي عبد الهادي الخواجة عن الطعام، كانت الأخبار حينها بدأت تتسرب عن تردي حالته الصحية ووصولها إلى مرحلة الخطر، كما تم اعتقال ابنته زينب عند بوابة القلعة عندما ذهبت تصرخ باسم والدها، توجهت السيد مع عدد من الناشطات إلى السفارة التي تم تطويقها بالكامل لمنع الاعتصام. اعتقلت معصومة بعد رفضها الانصياع للأمر بالتراجع. أخلي سبيلها بعد أيام.

وفي يوم سباق الفورمولا في 22 من الشهر نفسه، كان هناك موعد آخر لاعتقال السيد، تمكنت من التسرّب إلى حلبة السباق مع عدد من الناشطات. وقفت أمام موكب ناصر ابن الملك المعروف بغطرسته وتعذيبه لعدد من المعتقلين، ارتدت كفناً مرسوم عليه صورة أحد الشهداء، ولافتة كُتب عليها بالإنجليزية "This is your goverment, you kill people". وبصوتٍ جَهور نادت معصومة: "ناصر"، التفت نحوها بتعجب، صرخت: أنتُم قتلة "You are killers". لم تنه معصومة عبارتها حتى تم الهجوم عليها ومحاولة جرجرتها لغرفة الأمن، قاومتهم فأخذوا يسحبونها بقوة، تمزق الكفن الذي كان عليها وتمزق جزء من قميصها كذلك.

تم توقيفها مع أخريات، وبسبب التركيز الإعلامي العالمي على البحرين بسبب حدث الفورمولا، تم اخلاء سبيلهن فجر اليوم التالي خوفاً من الفضائح. لكن لم تلبث أن تم اعتقالها مرة ثانية في 27 من الشهر نفسه من أمام بوابة القلعة (وزارة الداخلية) بعد أن وقفت مع ناشطتين تحملان لافتات تضامنية مع الخواجة وتم توقيفهن 45 يوما على ذمة التحقيق. 

أما اعتقال معصومة الأخير، فقد حدث أثناء خروجها في مسيرة احتجاجية في العاصمة المنامة في 21 سبتمبر 2012. تم اعتقالها بعد رش مادة حارقة في عينها وتعرضها للضرب. وجهت إليها مجموعة من التهم الكيدية بينها التجمهر غير المرخص والاعتداء على عنصر أمني هي الضابطة فريدة خميس. حكم عليها بالسجن لمدة 3 أشهر بالتهمة الثانية ولا تزال جلسات المحاكمة سارية بخصوص التهمة الأولى. تتعرض السيد إلى تضييق شديد في السجن ويمنع عنها إدخال الطعام أو الأقلام أو دفاتر الرسم حتى، كما لا يسمح لها بالاتصال بأهلها سوى مرتين في الأسبوع. 

 
اهتمت معصومة السيد بأطفال الشهداء بشكل خاص، كان لديها حلم بجمع أهالي الشهداء في جمعية، خاصة الأطفال؛ جمعية معنية بدعم عوائل الشهداء وعمل برامج ترفيهية لهم وفعاليات خاصة بهم. بدأت السيد مشروع "ابن الشهيد ابننا"، نظّمت عدد من الفعاليات الترفيهية المتنوعة لأطفال الشهداء، حضرها وشارك فيها أعداد من النشطاء والفنانين والمهتمين، تم استهدافها بسبب هذا المشروع. أيضاً، كانت السيد تبادر بشكل فردي بالدعوة إلى مسيرات في البلاد القديم، توجه دعوات خاصة عبر الرسائل الخاصة في تويتر وعبر الواتس أب للناشطين لكي يتواجدوا في الفعالية في الوقت والمكان المحدد، وكانت الفعالية تتم بشكل عفوي وبحضور جيد. 

المعتقل لم ينل من اندفاع معصومة، ولا من ثوريتها: أخبروني عن الثورة والناس؟، هو أول سؤال توجهه معصومة لمن يزورها من الأهل والأقرباء. 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus