معنى استهداف محمد البوفلاسة

2013-01-22 - 3:13 م


مرآة البحرين (خاص): عاد ملف استهداف الناشط محمد البوفلاسة إلى الواجهة من جديد. وهذه المرّة، من خارج الحدود. من الغرب تحديداً، حيث يدير الموظف في الإعلام الأمني بوزارة الداخلية ومراسل «العربية»، العراقي محمد العرب، شبكة من الوكلاء «تحت الطلب».

منذ الإفراج عنه يوليو/ تموز 2011، لم يسترح البوفلاسة. لقد خسر وظيفته. شُهّر به. انتُهكت خصوصية عائلته. جُعلت على لسان الرائح والغادي. حُرم من جوازه. سُدّت عليه أبواب الدول الخليجية. وأبواب الرزق. وفتحت أبواب جهنم. حدّ حرمانه من رؤية والدته. 

ولم يكن كافياً، كل ذلك. الناشط البحريني الذي تحوّل إلى «مثال» لواحدة من أرفع معاني الوطنية البحرينية بجناحيها «المخضوضين»، يُراد له أن يصبح «أمثولة». عبرة لآخرين، ومن يُراد جعله «عبرة». 

يشكل ما يلاقيه البوفلاسة، على أيدي السلطات، وأعوانها، منذ 14 فبراير/ شباط، واحدة من صور «الحضيض» الذي بلغته هذه الجزيرة. هنا؛ حيث ما عاد الغريب، الأجنبي، يرعوي عن استثمار ميزان القوة؛ حيث حفظ زاوية رجحانه عن ظهر قلب، ودرجة ميَلانه والكتلة. وصار يوظفه لصالحه. كسْباً لمزيد من الفتات. قضْماً لمزيد من الخير العام. والأهم، مراكمةً لأبشع صور الحيوانية عند «البني آدم»: الجشع، والتعيّش، كالطفيليّ الحقير، على جراحات «الغير»!

وهذه المرّة، خصم البوفلاسة، هو محمد العرب، ووكلاؤه «في الخارج»، ممن يشغّلهم لنفخ السعار الطائفي، ويعدهم بالجنسية البحرينية. ومن وراء هؤلاء، يقف الحكم، بترسانة الدولة الضخمة التي حوّلها إلى شركة عائلية، يهرف منها ما يهرف، ويدفع لمن لديه القابلية أن يبيع نفسه، من أقاصي الأرض. إنها المكافأة!

لايتحلى العرب، ووكلاؤه ما وراء الحدود، بأي ذكاء. وهم يمثلون نموذجاً فاقعاً للأغراب المسترزقين «الطبول»، المستعدّين أن يستعدُوا كافة فئات المجتمع - ليس مجتمعهم على أيّ حال، ولا أهلهم أهله!-، لقاء حفنة من الدنانير، وحصادٍ رخيص من المنفعة «النذلة». 

جاهلاً بكل ذلك، راح معهم يراكمون سياساتٍ من العدائيّة. مرّة مع الشيعة، ومرة ثانية مع السنة، رافعتيّ هذا البلد المنهك. 

أُوكلت له مهمّة ترويض من يتمكن ترويضه، عبر إرهاب... «الميديا» المطواعة! وإذا كانت «الشيعية السياسية»، تبدو عصيّة على هذه المهمة «العبيطة»، لخصوصيّة بين أسبابها كمّ التسييس السابق، منذ التسعينات، والمنازلة الملحميّة التي تخوضها مع الحكم منذ 14 فبراير/ شباط. فليس أكثر من ترويض، إن استطاعوا، النسخة المقابلة لها، التي أخذت تفصح عن فاعلين جدد: «السنية السياسية». خصوصاً، وقد صارت الأخيرة تنخرط شيئاً فشيئاً في المجال العام. وتعبّر عن مقاربات أخرى. ليست مقاربات السلطة على أيّ حال! حتى وإن كانت لما تزل «خجولة» بعد.

هكذا إذن، تعمل التصوّرات الساذجة. ويعمل العرب، متسلحاً بذاكرة غبيّة. قصيرة الأمد. لم تقرأ تاريخ هذا البلد، ونضالات أبنائه، من السنة والشيعة على السواء. كما لا تتعدّى، قماشة جيبه المُلقّم من المال الحرام. 

على هذا، صرنا نعرف الآن حدّ الجدّ من الهزل في أكاذيب «الأنفاق». و«أكاديميات التغيير». و«30 ديسمبر». و«الطراريد الإيرانية». و«منظمات الكرامة». و«تهديده بالقتل» و«الطفل عمر». وعلى هذا بالضبط، فقد راح تدريجياً يخسر الشيعة والسنة. غار محمد العرب في طينة الكراهية. اصطلمت رجلاه في شعاب الدعاية الكاذبة التي غدت أضحوكة. ولم يتبقّ لديه من كل مجاميع هذا البلد الزاخر بتعدديته، غير كلّ سُبّةٍ نكرة: «منرفزهم» و«حارقهم» و«قاهرهم» و«ضاربهم» و«كايدهم» و«أسد تكريت» و«رافضهم» و«جلاد المجوس» و«مشحولهم» و«جالدهم». وباقي الجوقة التافهة «المريضة»!

أما، وقد فشل في كل ذلك. فلا أقلّ من «تأديب» البوفلاسة. جعله عبرة. هو الآن من يراد له أن يكون «عبرة». ومرّة أخرى عبر إرهاب «الميديا» المسخرة. لتنتصب الأشرعة، وليرتفع الزعيق المُسفّ: إنه هدّد فلاناً بالقتل! وما هدّد، وتوعّد، لكن «قيل» لهم!

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus