جنايف عبدو: البحرين: الأبواب مغلقة...

2013-01-30 - 8:51 ص


جنايف عبدو: فورين بوليسي 
ترجمة: مرآة البحرين 

بعد ما يقرب من عامين من الاضطرابات السياسية، دعا هذا الأسبوع الملك حمد لحوار وطني متجدد. وفي الوقت الذي يبدو ان بعض الجماعات قد وافقت على المحادثات، تبقى النقطة العالقة الرئيسية: الدولة ستكون مجرد "وسيط"، ولن تشارك بشكل مباشر، وفقا لبيانات رسمية. وعلى الرغم من أن الأزمة في البحرين لم تسفر عن صراع طائفي عميق يتطلب المصالحة الوطنية، فإن مطالب السنة والشيعة هي الإصلاحات الاجتماعية والسياسية  التي لا يمكن سنها إلا من قبل الحكومة.

قبلت الوفاق،الجمعية السياسية الشيعية الرئيسية، دعوة العاهل البحريني يوم الأربعاء. ولكن قادتها مازالوا مشككين بعمق حول ما إذا كانت الحكومة جادة هذه المرة.

وقال الشيخ علي سلمان، الأمين العام للجمعية، في مقابلة أجريتها معه مؤخرا إن فكرة "الحوار عند الحكومة هي من أجل إجراء محادثات مع الشيعة والجماعات المعارضة السنية من خلف الأبواب المغلقة دون مشاركة الحكومة، وهو النهج الذي يعتقد أنه غير مجدٍ. بعض الفصائل داخل الدولة لا تريد الإصلاح، وهم بحاجة إلى فهم أن هذا هو الشيء الذي نحتاج إليه"، قال سلمان، الذي يفضل محادثات تتضمن الدولة.

إعلان الملك حمد بن عيسى آل خليفة ظهر أنه متابعة لدعوة ولي العهد للحوار الوطني في كانون الأول/ديسمبر. ولكن ستبقى في الاعتبار إذا ما تحدث الملك وولي العهد لقادة الدولة الآخرين، مثل رئيس الوزراء، أو باسم الفصيل الذي انفتح على الإصلاح فحسب. في الماضي، عندما بذلت الجهود لمعالجة مظالم المعارضة، انهارت المحادثات وذلك يرجع جزئيا إلى أن الفصيل المتشدد داخل الحكومة، تحت تأثير من بعض قادة السعودية، لم يؤمن بتقديم تنازلات للمعارضة.

ومنذ ذلك الوقت، أصبح المجتمع البحريني أكثر استقطابا وتطرفا. البحرينيون يتحدثون عن قصص التفرقة المفروضة ذاتيا في المطاعم وقاعات الجامعات، والأماكن العامة الأخرى. وقد كثف المعلقون على صفحات الإنترنت من الشيعة والسنة عداءهم الطائفي تجاه بعضهم البعض منذ دعوة ولي العهد. كتب أحد المعلقين السنة على منتدى البحرين: "لولا حكمة سموه، وصبره، لكنتم أنتم الخونة (الشيعة) في عداد القتلى أو المنسيين منذ فترة طويلة ... نحث أسودنا ونسورنا لقتل، وإطلاق النار، وسحق أي شخص يلقي عليك أيها (السني) المولوتوف أو يحاول الهجوم عليك بسلاح... العين بالعين والسن بالسن .

حتى بين الأصوات السنية الأكثر ضبطا، هناك خوف من أن يسلّم أي جهد للمصالحة قدرًا من السلطة السياسية للشيعة. إذا كانت هناك أي تسويات، قال أحد الناشطين الحقوقيين السنة، فسينمو نظام طائفي يحتفظ بأماكن للشيعة والسنة خاصة في المناصب الحكومية. وأضاف " يمكننا ان نصل إلى الحالة الموجودة في لبنان، حيث ان رئيس الوزراء يجب أن يكون سني ورئيس البرلمان شيعي".

عند هذه النقطة، هناك شكوك واسعة النطاق من نجاح أي محاولة لحوار وطني لا يتضمن الدولة بصراحة. وقالت وزيرة الإعلام البحرينية سميرة رجب لرويترز إن الحكومة ستطلب من جميع الأطراف ترشيح ممثلين، ولكن الحكومة سوف تكون فقط وسيطًا.

وتعتقد الحكومة على ما يبدو أن الاعتدال في الحوار – دون مشاركة مباشرة – يخلق المظهر بأن الصراع هو بين الشيعة والسنة وليس له علاقة تذكر مع سياسة الدولة. "الحكومة تستخدم القضية الطائفية حتى لا تلبي مطالبنا الديمقراطية"، قال سلمان.

في عالم مثالي، إذا ما تفاوضت الوفاق والجماعات السنية، بما في ذلك تجمع الوحدة الوطنية المعادية للشيعة، فيما بينهم، قد يجدون أن هناك اشياء توحدهم أكثر مما تفرقهم. الشيعة والسنة على حد سواء يريدون شكلا ديمقراطيا  أكبر للحكم والاقتصاد لتحسين وتوفير وظائف بأجور جيدة. فالاثنان يتساءلان لماذا البحرين هي ابن العم الفقير في الخليج؟ هكذا حوار قد يحرم الحكومة من واحدة من أقوى الحجج – وهي أن المشكلة في البحرين ليست حول غياب الإصلاح، ولكن في المقام الأول حول عداء الشيعة والسنة.

ولكن هذا السيناريو غير محتمل. ونتيجة لذلك، ينبغي على الولايات المتحدة استغلال هذه الفرصة لاستئناف المحادثات للضغط على تلك الفصائل الهامة داخل الحكومة البحرينية المرتاحة جدا للوضع الراهن: الاحتجاجات المنخفضة عرضيا والمعارك الليليلة بين الشباب الشيعة والشرطة، ولكن بمعظمها من الطبقة العاملة.

على حكومة البحرين ألا تجلس على الهامش. فالدولة بحاجة إلى أن تصبح مشاركا عن كثب. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي للدولة أن تتخذ خطوات ملموسة من البداية كبادرة حسن نية، مثل تنفيذ المزيد من توصيات لجنة البحرين المستقلة لتقصي الحقائق لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان ضد الشيعة. فتقرير اللجنة، المكلفة من الملك، صدر في تشرين الثاني/نوفمبر 2011. وعموما، فإن التقرير قد دعا الحكومة إلى اتخاذ خطوات واسعة ضمن قوات الأمن للحد من المعاملة العنيفة مع المحتجين والسجناء. ولكن حتى الآن تم تنفيذ ثلاث من 24 توصية فقط.

إن الوقت لمنهاج نظري لإنهاء الجمود قد انتهى. فمع اقتراب الذكرى الثانية لانتفاضة البحرين، أصبح من المرجح على نحو متزايد أن يكون الوضع الراهن غير قابل للاستمرار على المدى الطويل. فإذا كانت الحكومة تدعو للحوار فقط لتفادي الاحتجاجات المتوقعة للاحتفال بالذكرى السنوية الثانية، فهذا سيكون سوء تقدير خطير للأحداث على أرض الواقع.

*جنايف عبدو هو زميل في برنامج الشرق الأوسط في مركز ستيمسون ومؤلف دراسة مقبلة حول الطائفية والتي سينشرها مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط في معهد بروكينغز.

24 كانون الثاني/يناير 2013 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus