قاسم: الشعب لا ينتظر حواراً خدعةً ويهمه تحقيق مطالبه والإصلاح

2013-02-02 - 11:13 ص


مرآة البحرين (خاص): أكد الشيخ عيسى قاسم أن "الشعب لا ينتظر حواراً خدعةً كما يسمِّيه البعض، ولا حواراً جادَّاً كما يسمِّيه البعض الآخر، ولا يهمُّه أنْ يسمع كلاماً قليلاً أو كثيراً بشأن الحوار، ولا يعطي للحوار أيَّ قيمةٍ في نفسه".

ولفت قاسم، خلال خطبة الجمعة أمس في جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز، إلى أن "تصريحاتُ المسؤولين الرسميِّين ما زالت تصرُّ على أنَّ الخلاف بين عددٍ من الجمعيَّات السياسيَّة أو بين طائفتين، وأنَّ موقعها الطبيعيَّ في الصراع القائم أنْ تكون حكماً بين الطرفين وهي ترى لنفسها العدالة والنزاهة والموضعيَّة الكافية التي يتطلَّبها هذا الموقع، ويساعدُ على ذلك مع كون الصراع بعيداً كلَّ البعد عن منفعهتها ومضرَّتها أنَّ الطرفين (هذه الجمعيات وهذه الجمعيات) يقفان منها، في تصويرها موقفاً واحدا في كلِّ ما تأخذ به سياستها، وألَّا ميل من هذه الجمعيَّات أو تلك على الإطلاق لدعم السياسية".

وتابع "هذا يعني أنَّ قوَّات أمنٍ تابعةً إلى قسم من الجمعيَّات السياسيَّة أو متسلِّلةً من الخارج هي التي تقمع المتظاهرين في شوارع البحرين"، فـ"ليست هناك قوَّات حكوميَّة لأنَّ الحكومة بريئة، طرف بعيد عن الصراع - مِمَّن يطالبون بالإصلاح بالطريقة السلميَّة، وبسلاحها يسقط من يسقط من الشهداء، وجُرِحَ مَنْ جُرِح، وعلى يدها امتلأت السجون من المعتقلين والموقوفين، كلُّ ذلك على يد قوَّات تابعة للجمعيَّات السياسيَّة أو متسلِّلَة من الخارج، وأنَّ لها سجوناً ومحقِّقين ومُعَذِّبين، ولها محاكمُ تصدِّر أحكامها القاسية على الأعداد الكبيرة من الجمعيَّات المتقابلة وجماهيرها التي تطالب بالحقوق". 

واعتبر قاسم أن "معنى ذلك أنَّ البلد محكومة للجمعيَّات السياسيَّة، لقسم من الجمعيَّات السياسيَّة، أو لقوَّاتٍ وأجهزةٍ متسلِّلةٍ من الخارج... ولا يقول هذا الرأي إلَّا معتوه". وأشار إلى أن "الضمان لتنفيذ هذه التوصيات فهو الشعبُ كما يقول التصريح الرسميّ، ووسيلة الشعب في الضغط لصالح التنفيذ لأيِّة توصيةٍ يراها تنصبُّ في مصلحة الوطن هي وسيلته في المطالبة بالإصلاح"، متسائلاً "ماذا عند الشعب من وسيلة ضغط؟ الوسيلة نفسها التي يستعملها في المطالبة بالإصلاح وهي مسيراته واعتصماته، والتي يتلقَّى جزاءها قتلاً وجرحاً وسجناً وويلاتٍ وتعذيبا؟ فهل هذه هي الضمانة التي يقترحها الجانب الرسميّ لتنفيذ وصايا الحوار؟".

وإذ أكد أنه "إذا كان التوافق الوطنيُّ المطلوب للحوار هو من جنس سابقه، وسقفه سقفه، ومستوى نتائجه مستوى التوصيات"، تساءل قاسم "لماذا هذه الجولة الثانية وتكرار التجربة والبحث من جديدٍ عن نتائج لا تمثِّل حلَّاً للمُشْكِلْ ولا ترقى للطموح العادل للشعب ولا تحقِّق مهمَّاً واحداً من مطالبه؟". وأوضح أن "لا منظور للشعب غيرُ الإصلاح الحقيقيّ، ووضع العلاقة بين الشعب والحكومة في نصابٍ صحيحٍ يتسِّم بالعدل، ويقدِّر للشعب وزنه وكلمته في الشأن العامّ الذي ترتبط به مصالح دينه ودنياه وآخرته"، مردفا "لا أقلَّ من ضمانة دستورٍ عقديٍّ مُتَوافَقٍ عليه بين طرفين، هما طرف الحكم وطرف الشعب، وكما لا ينيب عن الحكومة أحدٌ فيما تريد إلَّا بإذنها فكذلك لا يمكن أنْ يقرِّر عن الشعب".

واستغرب "كيفَ يُغَيَّبُ مُغَيَّبون، مُغَيَّبُ السجون و مُغَيَّبُ الخارج، عن حوارٍ هم مِن أولى أهل الأولويَّة بشأنه ونتائجه، ومن أشفق أهل الشفقة على مصلحة الوطن، وأصدق أهل الصدق، وحملة الراية في الدفاع عن حقوقه والمطالة بحريَّته؟". 

وعلّق قاسم على ترحيب دُوَلٍ كبرى والأمم المتحدَّة بالحوار بالتساؤل "هل جاء بعد معرفة تفاصيله ومدى قيمته، والاطمئنان إلى كفاية نتائجه في تقديم حلٍّ عادم للأزمة السياسيَّة الحادَّة في البحرين؟ أو جاء بخلفيَّة حسن الظنِّ في نيَّة السُّلطة لسوابق مقنعة وتجارب دالَّة؟ أو لا خلفيَّة لهذا الترحيب من شيءٍ من ذلك وأنَّه لغرضٍ يناسب سياسة تلك الدول والمؤسَّسات التابعة لها؟".
 
وذكر أن "مئات الألوف من أبناء هذا الشعب استفادوا من الميثاق، وحتَّى من الدستور المُخْتَلَفِ عليه، ومِمَّا عرفوه من المواثيق الدوليَّة وحقوق الإنسان وحريَّة التعبير، أنَّ من حقِّهم أنْ يشاركوا في المسيرات والاعتصمات السياسيَّة السلميَّة"، مشددا على أن "العاصمة جزءٌ من هذا الوطن وهي عاصمة الجميع، ولا يصحُّ حرمانهم من التعبير عن رأيهم السياسيّ وبالطريقة السلميَّة على أرض العاصمة". 

وقال "إذا كان الأمر كذلك -مئات الألوف يفهمون هذا الفهم- وكان الجزاء للمشاركة في مسيرةٍ مُخْطَرٍ عنها في العاصمة أو غيرها اقتيادُ المشاركين في صورةٍ مهينةٍ للتوقيف لمدَّة 45 يوماً، ويحتاج أمر المشاركة إلى التحقيق طوال هذه المدَّة؛ فإذاً لِتَخْلُو الشوارع و لِتَخْلُو البيوت في البحرين من مئات الألوف من مواطنيها لجرم المشاركة في المطالبة بالحقوق والإصلاح بالأسلوب الملتزم بالسلميَّة".

واعتبر الشيخ قاسم أن "النتيجة لهذا الفهم ولهذا اللون من العقوبة أنَّ مئات الألوف من أبناء البحرين لا بُدَّ أنْ يكون مقرَّهم السجن، وأنْ تخلو منهم شوارع البحرين وبيوتها"، متسائلاً "هذا الذي يُؤْخَذ بتهمة المشاركة، ما الفرق بينه وبين من لمْ يُؤْخَذ؟"، مضيفا "إذا كانت المشاركة في مسيرة سلميَّة مُخْطَر عنها يستوجب التوقيف لمدَّة 45 يوماً والمحاكمة والحكم القاسي المترتِّب على المحاكمة، فإذاً يجب أنْ يخضع مئات الألوف في البحرين لهذا الأمر، أهُوَ تكرُّم ؟ ولماذا هذا الانتقاء؟".


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus