ندرك أنها تضحية... ولكن!

2013-02-02 - 12:46 م


*إيمان الحبيشي

تشييع الطفل الشهيد قاسم حبيب
يومٌ برزت فيه الأمومة كلها للطفولة كلها
خرجت كل نساء البحرين متشحات بالسواد مغرورقة عيونهن بالدموع شادات قبضاتهن لعنان السماء
كثيرات هن النساء اللاتي يخرجن من منازلهن لسوح الميدان مودعات الإخوان والأبناء
كثيرات هن النساء اللاتي يودعن الشباب راضين بإيداعهم في المعتقلات قانعين بإصابات الأجساد مقبلين المناحر التي يعتقدن أنها قد تكون موضع شهادتهم
لكن أيضا حين تخرج الأمومة للسوح تضع بعين اعتبارها أنها قد لا تعود وأن طفولتها التي تواريها المنزل وتخبئها ككنز نغيس هناك بمأمن عن كل الاخطار يحوم حولها خطر اليتم فحسب.
تظن كل أم أنها قد تعود لتلثم تلك الطفولة قبلاتها أو قد لا تعود!
إما أن تعود لتجد أن هؤلاء الأطفال الذين أحكمت عليهم الأقفال وخرجت تبحث لهم عن مستقبل أفضل ووطن يتسع لهم جميعا يُطعهم كرامة ويأمنهم من الخوف، تجدهم صرعى على ذات الفُرش رغم إحكام الإقفال فذاك ما لم يكن بالحسبان!
رصاص سلطة البحرين يصل لقلوب شبابنا فيرديهم صرعى برضانا... ندرك أنها تضحية 
سيارات سلطة البحرين تدهس أضلاع شبابنا فتحيلهم قتلى برضانا... ندرك أنها تضحية
هراوات مرتزقة السلطة تطبع على أجساد قتلانا فنودعهم بعد فراق السجن للقبر مباشرة... تضحية لابد منها
أما الطفولة الحالمة التي أمنت على أنفسهم بمنازلها فما عذر تلك الغازات الخانقة التي تحيط برقابهم فتعصرها حتى تكسر بعظامهم الحياة!
لمَ يتعمدون إغراق مأوانا بها؟ هم يدركون أن المتعتمين بداخل الدور إما شيبا أو أطفال. فكل شباب الدور وبناتها هناك في السوح يرفعون القبضات!
هي سياسة قتل الحلم ووأد الإرادة.
يظنون أن استهداف الحياة في أجساد الصغار سيقتل فينا الحلم الذي نحياه
ألا يدركون أنهم يستفزون الأمومة كلها لتنهض لمواجهتهم؟!
الأمومة: تلك العاطفة الرحيمة الجارفة وقود ثورة النساء هنا في البحرين
هو استهداف الطفولة والشباب
في كل تشييع لشهيد، خاصة أولئك الورود التي تفتحت للتو على سني الحياة، آخرها الطفل الجميل قاسم
تبرز الأمومة كلها تحتضن الطفولة وتواريها التراب لتقسم أن تكون كل أم ثائرة لقطرة دم سقطت من كل طفل...
ثورة ليس سلاحها الرصاص
ولا يغذيها الشعور بالانتصار
هي ثورة سلاحها الإرادة
يغذيها الانتهاك 
انتهاك كل مشاعر الانسانية... ليغدو الإنسان محاربا مدافعا حالما. يعيش ضرورة إيقاف الظلم لا ضرورة تحقيق الحلم فحسب... 
ساقطة أنظمة تعدت على الأمومة .. لأن الأمومة غريزة لطالما انتصرت!
_____________

التعليقات والردود التي تنشر تعبر عن رأي أصحابها، ولا تعبر عن رأي "مرآة البحرين" بالضرورة. نستقبلها على البريد التالي: editor@bahrainmirror.com
 

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus