ريم خليفة وبراين ميرفي: انتفاضة البحرين على مفترق طرق بعد عامها الثاني

2013-02-07 - 7:01 ص


ريم خليفة وبراين ميرفي: أسوشييتد برس 
ترجمة: مرآة البحرين

المنامة، البحرين ( أسوشييتد برس) – شبان يرتدون الأقنعة يتوارون في الأزقة المظلمة للسوق القديمة في العاصمة البحرينية. ويهمسون "حتى النصر " وهم يوزعون نشرات تدعو إلى مزيد من التمرد بعد عامين من الاضطرابات المستمرة في المملكة الخليجية.

وفي الطرف الآخر من المدينة، قادة مجموعات المعارضة الشيعية يدرسون تحركاتهم المقبلة. أحد الخيارات هو فتح محادثات مع النظام الملكي السني كهبوط ناعم ممكن لانتفاضة الربيع العربي الأطول ضد سلطة حالية.

وجها الاضطرابات في البحرين لم يكونا أبدا أكثر وضوحا في الوقت الذي تسجل فيه النضالات في الجزيرة الاستراتيجية - موطن  الأسطول الامريكي الخامس-  عامها الثاني في الأسبوع المقبل.

يبدو أن الحرس القديم في الفصائل السياسية الشيعية منهك بسبب التوترات المتواصلة ومنفتح جدا إلى نوع من تسوية حفظ ماء الوجه مع القيادة السنية في البحرين. واشنطن والحلفاء الغربيون الآخرون للسلالة الحاكمة في البحرين يؤيدون هذه المفاوضات.

وفي يوم الاثنين، قال وزير العدل البحريني خالد بن علي آل خليفة، إنه من المقرر البدء بمحادثات سياسية أولية في 10  شباط/فبراير -  قبل أيام فقط من الذكرى السنوية الثانية للأزمة. وكانت وكالة أنباء البحرين الرسمية  سمتها بالخطوة الهامة نحو "إجماع وطني".

ولكن الاشتباكات وإراقة الدماء قد رفعت أيضا صوتًا آخر في شوارع البحرين: كانت شبكة غامضة من مجموعات شبابية وشيعة متشددين – ترتبط ببعضها البعض عن طريق وسائل الاعلام الاجتماعي –  قد تكتلت حول محور الغضب. فدعوات إسقاط النظام الملكي هي الآن جزء اساسي لمناوشات شبه يومية مع قوات الأمن.

"لا للحوار ! لا للاستسلام !" هتف عدة مئات من المتظاهرين خلال مواجهة أخيرة بين متظاهرين يحملون القنابل الحارقة وشرطة مكافحة الشغب التي تحمل قنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية.

قد يبدو ذلك موجة مقلقة بالنسبة للحكام السنة في البحرين، الذين تمكنوا من الحفاظ على قبضة نادرة على السلطة لعقود من الزمن في ظل ما وصفه منتقدون بأنه نظام ذو طبقتين. الأغلبية الشيعية الذين يشكلون نحو 70 في المئة من السكان يزعمون إعطاءهم مستويات متدنية ورأيًا محدودة في شؤون البلاد.

انتفاضة البحرين تسعى لترجيح الكفة نحو الشيعة. ولكن الانقسامات الموجودة ضمن الشيعة – سواء بالنسبة لقتال أصعب أو إجراء محادثات - يمكنها في نهاية المطاف إعطاء حكام البحرين مساحة أكبر للتنفس. فإذا أمكن جلب الفصائل الشيعية الرئيسية إلى المفاوضات، فإن المعارضة المتروكة في الشوارع ستتواصل كمصدر إزعاج لنظام الحكم ولكنها تشكل تهديدًا محتملًا أقل لسلطتهم.

قال توبي جونز، خبير في الشؤون البحرينية في جامعة رَتْجرز :" العناصر الصدامية في البحرين - التي رفضت بقوة الحوار لانه غير مجدٍ – بالتأكيد سترفع النبرة في الشوارع." وأضاف: "إنها تدعو لنوع من المقارنة  مع حركة الحقوق المدنية في الخمسينات والستينات عندما كان على النشطاء أن يستفزوا الشرطة بما فيه الكفاية لإثارة ردة فعل للشرطة ووحشيتها وبذلك تستمر الدوامة".

ليس من الصعب فقدان أثر البحرين الصغيرة على المسرح الأكبر للربيع العربي.

حصيلة قتلى البحرين خلال سنتين كان أكثر من 55 قتيلا وهو لا يتجاوز عدد القتلى في يوم واحد في سوريا. في انتفاضة البحرين لا يوجد مركز جاذبية واضح مثل ميدان التحرير في مصر. فقد تم إخلاء دوار اللؤلؤة- محور الاحتجاجات في البحرين- في اقتحامات للشرطة في الأسابيع الأولى من الاضطرابات، والآن الدوار محاصر على مدار الساعة بالشرطة، والأسلاك الشائكة، والحواجز الإسمنتية.

لكن التوترات في الجزيرة الصغيرة – عدد سكانها الأكثر من 550  ألف نسمة لا يساوون حيًّا في القاهرة - يتردد صداها في اتجاهات كثيرة ومهمة.

بقاء النظام الملكي في البحرين يمثل أولوية من أعلى المستويات لأشقائه القادة في الخليج، الذين حتى اليوم  خرجوا سالمين من الربيع العربي واتحدوا للقضاء على التهديدات المحتملة. ومن بين الحملات القمعية: اعتقالات مزعومة لمعارضين على شبكة الإنترنت في الكويت وقطر وتوجيه التهم ضد 94 شخص بتهمة التآمر لإحداث انقلاب في دولة الإمارات العربية المتحدة وارتباطهم بجماعات إسلامية مثل الإخوان المسلمين.

المشاكل في البحرين تمتد أيضا إلى مواجهات في الخليج العربي مع إيران الشيعية.

زعماء دول الخليج لا يفوتون فرصة لاتهام إيران أو وكلائها مثل حزب الله في لبنان، بالقول إنهم العقول المدبرة للاضطرابات في البحرين. المسؤولون الإيرانيون ووسائل الإعلام الإيرانية غالبا ما تصور المحتجين الشيعة في البحرين كمناضلين من أجل الحرية وأنهم ذووهم البعيدون. ولكن أي دليل واضح لم يبرز لدعم ادعاءات مساعدات مباشرة.

ومع ذلك، ادعاءات الخليج ترن بقوة في الغرب كجزء من مخاوف واسعة بشأن النفوذ الإيراني المتنامي.

وهذا هو مجرد جزء من توازن دبلوماسي دقيق للولايات المتحدة في البحرين.

ومن غير المرجح أن تقوم واشنطن بفعل أي شيء لتعكير العلاقات مع الملك البحريني الذي درس في الغرب، حمد بن عيسى آل خليفة، أو تعريض مصالحها العسكرية الحيوية مثل الأسطول الخامس للخطر، فقاعدة البنتاغون الرئيسية تواجه الوجود الإيراني العسكري المتنامي في الخليج وتحمي ممرات سفن النفط عبر مضيق هرمز.

ولكن الولايات المتحدة تشعر وبشكل متزايد بعدم الارتياح حول تدابير البحرين الحادة مثل تجريد 31 ناشطًا سياسيًا شيعيًا من الجنسية وتأييد أحكام السجن المؤبد لثمانية آخرين.

قال جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش : " لسوء الحظ، عام 2012 كان العام الذي أظهرت فيه الأسرة الحاكمة في البحرين أولويات القمع على الإصلاح" وأضاف : "هذا العام على الحكومة أن تعمل على إصلاح الخطاب عن طريق إطلاق سراح جميع المتظاهرين السلميين، بما في ذلك زعماء الاحتجاج الذين ما زالوا يتلقون أحكاما طويلة بالسجن بسبب ممارستهم لحقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي".

يبدو أنه ليس هناك ما يشير إلى أن البحرين ستخفف القيود على المعارضة. فالسلطات تستخدم عبارات مثل "المخربين" و "الإرهابيين" في الوقت الذي يزيد فيه العنف، بما في ذلك سلسلة من خمسة تفجيرات في تشرين الثاني/نوفمبر أودت بحياة اثنين من العمال الآسيويين.

لكن زعماء البحرين أيضا قاموا بإصلاحات ملحوظة، بما في ذلك إعطاء البرلمان المنتخب سلطات إشرافية أكبر والتعهد بتحقيقات أعمق في الانتهاكات المزعومة  لقوات الأمن. وعلى الرغم من التنازلات الملموسة، فقد تم رفضها من قبل العديد من الشيعة ووصفها بأنها مجرد واجهة زائفة فالنظام الملكي لا زال يسيطر على جميع المناصب والقرارات الرئيسية.

قال رجل الدين الشيعي الأكثر تأثيرًا في البحرين، الشيخ عيسى قاسم، في خطبة له في كانون الأول/ديسمبر: " السلطات لم تعد قادرة على الاستمرار بالمفهوم القديم في التملك والسيطرة المطلقة على الأرض والشعب"،  وأضاف: "هذا التصور القديم لم يعد ممكنًا اليوم في أي مكان على وجه الأرض".

جماعات المعارضة الشيعية المتشددة قد دفعت بوجهة النظر هذه إلى أبعد من ذلك تحت راية حركة 14 فبراير - تاريخ التظاهرة الرئيسية الأولى في عام 2011. فالنشرات المصورة التي وزعتها خلال الاحتجاجات تحدد هدفها بمصطلحات أساسية: معركة لتجريد النظام الملكي من صلاحياته وقيادته للبحرين.

قال جونز، أستاذ في روتجرز :"هذه المجموعات ليست سائرة نحو التتلاشى بسبب نوع من الحوار السياسي الممكن. فالكثير جدا قد حدث خلال عامين"، وأضاف "إنهم يشعرون الآن أنها لن تنتهي حتى يقولوا إن الامر انتهى".

الأطراف الشيعية الرئيسية رحبت في البداية بالدعوة لإجراء محادثات، ولكنها ترددت بعد الاقتراحات التي تقول بأن المشاركة ستكون فقط  لمسؤولين سنّة على مستوى منخفض. فمن دون وجود مشاركين من المستوى الأعلى، فإن فرصة وجود بنود رئيسية على جدول الأعمال مثل كسر سيطرة النظام الملكي على جميع التعيينات الحكومية العليا والأمن سيكون ضئيلًا.

"الحديث عن الحوار ما زال مجرد استعراض إعلامي"، قال جميل كاظم، مسؤول كبير في الوفاق، أكبر جماعة سياسية شيعية، والتي دعت إلى تجمعات سلمية إلى حين الذكرى الثانية للانتفاضة.

في الأزقة والشوارع الجانبية للأحياء الشيعية تحدث أنواع أخرى من المواجهات. شبان شيعة يقطعون الطرق بالإطارات المشتعلة وجمع الزجاجات الحارقة والحجارة تمهيدًا للوصول الحتمي لشرطة مكافحة الشغب.

" أيام الملك صارت معدودة"، قال محمد جعفر -18 عامًا-. "نحن لن نستسلم".

4 شباط/فبراير 2013 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus