جستين غينغلر: الحوار الجديد في البحرين: إرسال الفريق البديل «الفريق ب»

2013-02-09 - 6:24 م


جاستين غينغلر: الدين والسياسة في البحرين
ترجمة: مرآة البحرين

ربما اقتضى الأمر  18 شهرًا، ولكن حمى الحوار عادت مجددًا إلى البحرين. المحادثات الجديدة المقرر بدؤها يوم الأحد تمثل الجهد الأول من نوعه منذ "الحوار الوطني" المخزي  في صيف 2011. وكانت المحاولة الأحدث في أوائل عام 2012 تحت رعاية وزير الديوان الملكي خالد بن أحمد قد فشلت بسبب مقاطعة الجمعيات السنية وغياب، على ما يبدو، البصيرة من جانب الحكومة.

ويبدو أن محادثات يوم الأحد ستمثل أرضية مفاهيمية وتنظيمية مشتركة بين الجهدين. الحوار الوطني في عام 2011 كان يستند على مبدأ " محاربة الحوار بمزيد من الحوار"، وللوصول إلى هذه الغاية دعت الحكومة جميع البحرينيين (والوافدين) القادرين على التواصل اللفظي. وكان في القائمة النهائية 300 مشارك تقريبًا، بما في ذلك ممثلون عن المجموعات والأفراد. وربما كان للمعارضة الرسمية خمسة مقاعد. وليس هذا فحسب، بل قام خليفة الظهراني رئيس مجلس النواب والصديق الحميم لخليفة بن سلمان بترؤس هذه العملية، مما جعل الحدث بأكمله مثل جلسة ممجدة لجمعية وطنية – ولكنها جلسة أقل فعالية إلى حد ما.

وكان الجهد الذي قاده الديوان الملكي في مطلع العام الماضي يسعى إلى القيام بنهج معاكس-  من أجل بحرين تقليدية أكثر – داعيا بذلك الجمعيات المعارضة إلى عملية غير معلنة فيها الكثير من التخمينات. وفي الواقع، أعلنت الجمعيات السنية مثل تجمع الوحدة الوطنية، وتحت انطباع بأنه تمت دعوتهم، مقاطعتها للمحادثات، في حين أن صحوة الفاتح عارضتها وتحديدًا بسبب عدم دعوتهم. وفي النهاية، وفي النهاية اكتشف تجمع الوحدة الوطنية الشيء نفسه، وانضم الاثنان  للدعوة إلى إدراج السنة. ولكن الدولة، التي أخذت على حين غرة، سحبت مفتاح المحادثات وتوقفت الشائعات والمقالات الصحفية الغامضة التي تتحدث عن الحوار القادم.

وهكذا وصلنا إلى المحادثات التي ستبدأ في 10 شباط/فبراير، أربعة أيام قبل الذكرى السنوية الثانية للانتفاضة. تخيل ! بيان رسمي بثته وكالة أنباء البحرين هنا،  والثمرة هي نسبة غريبة لـ 8-8-8  ممثلين عن البرلمان (بما في ذلك مجلس الشورى)، والجمعيات المعارضة، وما يطلق عليها الجمعيات السياسية" الوطنية".  "الائتلاف الوطني" الأخير يضم تجمع الوحدة الوطنية، الأصالة، المنبر، والجمعية التي أنشئت حديثا وهي اسم على مسمى "جمعية الحوار الوطني". ومن المثير للاهتمام، أن صحوة الفاتح ليست من بين المشاركين. (القائمة الكاملة للمنظمات المشاركة هنا. وخلافا للحوار الوطني في عام 2011، يمكن سردها على صفحة واحدة فقط لإحدى الصحف).

ومن الجانب الآخر أصبح الاأمر محيرًا تماما على الجبهات المختلفة. الأول، ذكرت غلف نيوز أول أمس أنه "سيتم تمثيل كل التحالفات بستة أشخاص" بدلا من الثمانية الذين تم ذكرهم. واحدة من المجموعات "الوطنية" انسحبت بالفعل. ولذلك فمن الواضح أن تصميم الاجتماعات لا زال غير واضح إلى حد كبير وأن تعديلات ما زالت جارية.

الثانية: والأهم من ذلك، ما زال من غير الواضح كيف سيكون دور الحكومة أو في الواقع الشكل الدقيق للاجتماعات. فموقف الحكومة الأصلي – بأنها  " تنظم وتدير المحادثات، ولكن لن تكون محاورًا" – قد تعرض لانتقادات شديدة من قبل الوفاق والجمعيات "الوطنية" الموالية للحكومة. هيئة الاذاعة البريطانية ( بي بي سي) طلبت توضيحًا، فردت الحكومة: "ممثلو الوزارات الحكومية سيكونون حاضرين في الحوار للإشراف وتقديم الاقتراحات إذا لزم الأمر، ولكن لن يكونوا موجودين للمشاركة في الحوار نفسه".  ولذلك، فهو تماما كما قالوا: الحكومة ستشارك ولكن لن تشارك. فلماذا يصعب عليكم فهم ذلك أيها الناس؟

وأخيرًا، ووفقا لراعي الحوار وزير العدل خالد بن علي: "لن تكون هناك أي مهلة زمنية للحوار وأنه سيتم وضع جدول أعمال من قبل المشاركين متى ما اجتمعوا يوم الأحد. والنتيجة ستكون التوصيات التي أقرها المشاركون والتي ستنقل إلى البرلمان للموافقة عليها. وإلى حد بعيد، ليس ببساطة إخضاع هذه العملية برمتها لبرلمان خال من المعارضة، ففي الواقع ثلث الموجودين في المحادثات هم بالفعل أعضاء في البرلمان. وبالتالي فإن البرلمان بكامله سيصدق على توصيات  تفاوضت بشأنها مجموعة فرعية منه مع المعارضة و "الوطنيين" غير البرلمانيين؟  نظام عجيب.

من جانبها، الوفاق لا ترغب في الانتظار لمعرفة عمّ ستتمخص الأمور. غلف نيوز تورد أن الجماعة تسعى للتأجيل إلى حين تقرير عملية متابعة وشكل أكثر وضوحا وفعالية، وتفضّل إجراء محادثات ثنائية بين المعارضة والحكومة. المشكلة، بالطبع، هي أن هذا  سيفسد التوقيت الذي وضعته الدولة قبل 14 شباط/فبراير بقليل، وحتى --- تعتمد على درجة تشكيك المرء، الغرض كله من هذه المبادرة. وعلى أي حال، في النهاية نبقى مع وجهتي النظر المألوفتين التاليتين من جانب المعارضة وتلك الموالية للحكومة، كما ورد في غلف نيوز:

شخصيات من المعارضة في كلمة لها في مؤتمر صحفي، قالت إنها تريد المزيد من التفاصيل قبل بدء المحادثات. قالوا يوم الاثنين: "نطلب المزيد من التفاصيل حول شكل المحادثات". وأضافوا : "نريد أيضا أن نعرف المزيد حول جوانب ونتائج المحادثات، بما في ذلك عدالة التمثيل، وجدول الأعمال، والإطار الزمني، وإدارة الحوار، ودور الحكومة، والنتيجة والضمانات من جانب السلطات".

وأما التحالف الوطني، مظلة تسع تشكيلات سياسية بعد انسحاب مجموعة واحدة، قالت يوم الثلاثاء إنها مستعدة للمحادثات، ولكن قالت إنها ستسعى لوضع حد للعنف في الشارع "لضمان سياق ايجابي للحوار". وقال أحمد جمعة، رئيس التحالف : "نحن لا نريد أن نكون جزءًا من الحوار فقط لمجرد إيجاد المحادثات". وأضاف : " نحن نريد أن نكون واضحين وإيجابيين من أجل الحوار ومن أجل المحادثات من خلال الإصرار على وضع حد لجميع أشكال العنف. نحن نرفض استخدام العنف لممارسة الضغط ونرفض أي تدخل خارجي في المحادثات. ونحن سننسحب ببساطة في حال وجود تدخل أجنبي".

وبعبارة أخرى، الوفاق تشكك في جدية المحادثات وقد تختار عدم المشاركة، والجمعيات السنية تشكك في الوفاق، وربما تخرج. وهذا يبدو ملائما تقريبا. 

وكما لو أنها تريد أن تعادي زملاءها المحاورين، الوفاق تفتح جبهة جديدة كاملة بشأن مسألة "التدخل الأجنبي" مع إعلانها أمس أنها قد تقبل دعوة وزارة الخارجية الروسية لزيارة موسكو "لتبادل الآراء حول كيفية الخروج من الأزمة السياسية في البحرين". ويبدأ أعضاء "الوفد"، الذين بقدر ما أرى لم يتم تسميتهم، اليوم ويستمرون حتى البداية المقررة للحوار في 10  شباط/فبراير. ويصفون هذه بأنها محاولة للضغط على الحكومة البحرينية. وفي الوقت نفسه، أشك في أن هناك أي سني سيربط بين هذه الزيارة والدعم الروسي لإيران الداعمة لبشار الأسد.

أما بالنسبة للقلق الثاني لأحمد جمعة، وهو العنف، فربما يكون الوضع قاتما بالتساوي. فتحالف 14 فبراير وغيره نظموا جدول احتجاجات واسعًا يمتد من 1 إلى 16 شباط/فبراير والذي من المرجح أن يحتوي على مشادات عنيفة بين المتظاهرين والشرطة. حتى أن هناك قلقًا متزايدًا، كما قيل لي، من هجمات أكثر عنفا على الشرطة أو حتى المدنيين والتي تستهدف إفشال عملية الحوار و"الهجر" الرسمي للثورة من قبل المعارضة. وهذا من شأنه أن يفترض أن للجناة ثقة في جدية المحادثات، ولكن، هذا أمر مشكوك فيه.

لقد قيل لي إن وزير العدل – لا أعني وزارة العدل بشكل عام – يسعى لتكون المحادثات جادة،  وهو متمسك  بقيادة هذا الجهد. ويقال إن هذا ينعكس على مشاركة وزراء إضافيين مجهولين يفترض أنهم سيمثلون الفصائل الأخرى للأسرة الحاكمة التي لا تؤيد بالضرورة العملية أو أنها قلقة بشأن انحرافها عن نطاق السيطرة. علاوة على ذلك، حسبما يقال، عدم مشاركة ولي العهد سببه ليس المبادرة لدعوته المفاجئة للحوار في حوار المنامة، ولكن لأن المعتدلين لا يرغبون في رؤية تكرار أحداث الحرق والسحق في آذار/مارس 2011. ولذلك، وكما شرحها لي ذلك الشخص:  البحرين ترسل "الفريق ب" في الوقت الذي يكون فيه استخدام  "فريق أ " – للشيخ سلمان – محفوفًا بالمخاطر وسابقًا لأوانه. ولسوء الحظ، يمكن للمرء أن يتصور كيف لهذه الاستراتيجية، بقدر ما يمكن النظر إليها على عدم وجود جدية، ربما تؤدي إلى الاستغناء عن الفريق "أ" تماما.

6 شباط/فبراير 2013 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus