حسين الجزيري: أنا لا أحلم.. أنا وحيدٌ في البياض.. والشوزن يستقر الآن في قلبي

2013-02-16 - 6:58 م



أرى السماء هُناكَ في متناولِ الأيدي
ويحملني جناحُ حمامة بيضاءَ صوبَ
طفولة أخرى. ولم أحلم بأني
كنتُ أحلمُ. كلُّ شيء واقعيّ. كُنتُ
أعلمُ أنني ألقي بنفسي جانباً...
وأطيرُ. سوف أكون ما سأصيرُ في
الفلك الأخيرِ. وكلُّ شيء أبيضُ،
البحرُ المعلَّق فوق سقف غمامة
بيضاءَ. واللا شيء أبيضُ في
سماء المُطلق البيضاء. كُنتُ، ولم
أكُن. فأنا وحيد في نواحي هذه
الأبديّة البيضاء. جئتُ قُبيَل ميعادي
 أنا وحيد في البياض،
أنا وحيدْ...
( بتصرف من جدارية محمود درويش)

مرآة البحرين (خاص): يوم الثلاثاء، قبل يومين من 14 فبراير 2013، يتحدث الشهيد حسين الجزيري مع صديقه عبر الفيس بوك، يعاتبه صديقه "لقد تأخرت في النوم"  كانت الساعة لا تزال قبل العاشرة صباحاً، يرد حسين قائلاً "كنت أحلُم.. حلمت انني استشهدت" يسخر منه صديقه ويظنه يمزح، لكن حسين يكمل: "بالشوزن اخترق قلبي". لم يكن يحلم، بل كان يرى حلمه يتحقق: سأكون يوماً ما أريد، شهيداً..
كانت أمه التي تنتظره أن يكبر ليصير رَجِلها ويخفّف عنها بعض تعب الحياة تقول له: متى تكبر وتأخذ الليسن (رخصة السياقة) عشان توصلني بدل المشي. فيجيبها: أنا سأستشهد، عليك أن تقودي السيارة بنفسك برخصة القيادة التي لديك، فإذا نظرت إليه بقلب الأم، أجابها: لديك ولدين آخرين غيري، لست ولدك الوحيد. كانت الشهادة حلم يقظته ومنامه. لقد اختار طريقه ومضى إليه.

يروي أحد أساتذته " جاءني حسين ذات مرة يشكو لي أحد المعلمين، الذي طالبه بنزع صور الأستاذ حسن مشميع التي لصقها في دفتره، قلت له ياولدي لا زلت صغيراً ما لك وللسياسية"، يضيف الأستاذ بأسى" لم أكن أعلم أنه حسم أمره.. ومضى".

قبل لحظات من اختراق الشوزن لقلبه الصغير، انتشرت صورة تظهره حاملاً راية حلمه: علم البحرين. لم يكن يحمل في يده غيره،  كان يشهره في وجه المرتزقة الذين لا لون لعلم جنسيتهم المكتسبة غير الدم، كان يجري مثل حمامة بيضاء بلباسه الأسود الذي يتهيأ للموت، فكانت الاختراقة الخالية من كل شيء سوى الحقد الأرعن، كانت اختراقة الأبدية البيضاء.

ها هو الحلم أصبح حقيقة، الشوزن الآن في قلب حسين الجزيري الذي أضحى "الشهيد" هو لقبه الذي يُقال من الآن فصاعداً قبل ذكر اسمه.. حسين الصبي الجميل الوسيم لن يعود بيننا، سيكون جسده بعد وقت قليل على أعناق المواطنين، يشيعونه إلى مثواه الأخير، بجانب الشهداء في مقبرة عبدالإمام في جدحفص، بجانب: عباس الشيخ، أحمد العرنوط، منتظر فخر، ومفجّر ثورة 14 فبراير الأول علي مشميع، وهو الآن المفجّر الثاني للثورة.. قبر الشهيد حسين الجزيري.

أحس برحيله، ركب أحد النشطاء صورته بجانب القمر المنير، وكتب: ياكوكباً ما كان أقصر عمرهِ.. وكذا تكون كواكب الأسحارِ.

وداعاً ياشهيد.. ستحيا من جديد، سيكون هو الشعار الذي ينطلق من حناجر المشيعين لحظة الوداع.. وداعاً ياحسين، لن يكون حلماً بعد الآن وأنت على باب القيامة، سيكون كل شيء واضحاً بوضوح جرحك الأحمر النازف.

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus