هبّة 14 فبراير وهستيريا النظام

2013-02-16 - 7:23 ص


مرآة البحرين (خاص): ها هي هستيريا السلطة عادت لتبلغ ذروتها من جديد. هستيريا محضة، لا تعي إلى أين تذهب بنفسها والشعب، تريد فقط الوصول إلى أقصى درجات التحطيم، تحطيم الشعب، ولا تعلم أنها تحطّم نفسها لا غير. لم تتعلم هذه السلطة من العامين الماضيين شيئاً، ولم يصلها درس الشعب بعد، ولن يصل، باختصار لأنها (لا تريد)، لهذا هي تستنفد كل خيارات الشعب نحوها، وتُبقي خيار السقوط فقط.

نعم، لقد فاجأ 14 فبراير 2013 الجميع كما فعل مثيله قبل عامين. فاجأ الجماهير التي كانت مترددة بشأن قدرة الشباب على التحرّك وسط الانتشار الهائل لقوات الأمن في جميع شوارع البحرين وتكدسها بأعداد تفوق التصوّر عند مداخل المناطق المشتعلة. كما فاجأ السلطة التي استنفرت كل طاقاتها من الرجال والسلاح والعتاد وراحت تستعرض عضلات قوتها في جميع المناطق والشوارع قبل أسبوع كامل من 14 فبراير كي ترهب الجميع وتستنزف معنوياتهم.

الجميع كان متحفزاً لهذا اليوم، وفي الوقت نفسه، الكثير متردد بشأن النتيجة، لكن الشباب دائماً لديهم القدرة على الإبهار والادهاش. كانت صدمة السلطة أكبر من أن تتصورها. السلطة التي اعتقلت عشرات الشباب قبل أيام فقط من الذكرى الثانية للثورة، كي تسيطر على حراك الشارع، لم تكن تتوقع أن تعود الذكرى بكل هذا الزخم وكل هذا الحضور وكأنها هي ذاتها قبل عامين بل أكثر، فهذه المرة أتت محمولة بكل ما مضى من تراكمات، صارت غضباً أثخن.

بدأ ذلك اليوم بفتى شهيد "اخترق الشوزن قلبه"، تماماً كما بدأ 14 فبراير 2011 بفتى شهيد اخترق الشوزن جسده، كلاهما من المنطقه ذاتها: الديه. فكان شرارة الغضب التي أججت الاشتعال. لم تهدأ مناطق البحرين طوال 24 ساعة كاملة. الشوارع كستها الأحجار والحواجز والمواجهات والكر والفر. نجح الشباب في جعل كل الأنظار تتوجه لهم وحدهم. الحياة في البحرين تجمدت نحوهم. كان يوماً أطول من أن يتصوره نظام لم يعرف شعبه يوماً، ولن يعرفه. في هذا اليوم كان الشباب وحدهم هم أبطال المشاهد كلها دون استثناء. في المساء تعلن الداخلية عن قتل أحد رجالها على أيدي الشباب، لكنها كعادتها في امتهان الركاكة تتعثر في صياغة روايتها وتتناقض.

في اليوم الثاني 15 فبراير، خرجت مسيرة جماهيرية حاشدة دعت لها الجمعيات السياسية تحت عنوان "نداءات الوطن". الوكالة الألمانية قدرت عدد المشاركين فيها إلى 200 ألف مشارك، فيما قدرت جمعية الوفاق عدد المشاركين بـ280 ألفا. انتشرت المسيرة على مد البصر في مسافة  تصل إلى 7 كيلومتر، بين دوار أبوصيبع حتى دوار الدراز. في الوقت نفسه، وعلى مسافة قريبة، كانت مسيرة حاشدة أخرى دعا لها الائتلاف تحت عنوان "نازلين"، سارت نحو منطقة الدوار المحاصرة منذ عامين، شهدت مواجهات حامية استمرت لساعات. كان زخم المشاركة في المسيرتين يفوق كل التوقعات.

كان ذلك كافياً لتستنفر السلطة قواتها بأكملها للنزول إلى الشارع. بدت وكأنها جيوش معركة حقيقية، وكان القمع الوحشي لكل من يحاول الاقتراب من المنطقة المحرّمة (الدوار). استخدام غير مبرر للقوة طال حتى المشاركين في مسيرة الجمعيات السياسية المرخصة، انتشرت القوات على طول الشارع وتم قمع المشاركين العائدين نحو سياراتهم بشكل استعراضي فاقع.

في الليلة نفسها أعد النظام قصة أشبه بحكاية كارتونية، اختار لها منطقة كرزكّان: ضابط وأربعة آخرين يصابون بطلقات نارية. تكون بداية لمحاصرة المنطقة بالكامل واقتحامها بالقوات الخاصة والكلاب البوليسية والكوماندوز. والإعلان عن ضبط 4 من الشباب المسلحين. لكن الداخلية التي توثّق جميع مواجهاتها، وتنشر منها ما تشاء، وقد بثت مقطع أحد الشباب وهو يحترق بسبب زجاجة حارقة، لا تبث ما يثبت إصابة ضابطها ولا مقتل شرطيها.

إنها السهتيريا، لا تملك السلطة غيرها كلما وصلت إلى حافة الإنهيار، لكن ما لا تملكه السلطة هي هذا الشعب الذي صار يضحك بهستيريا استهزاء بهستيريتها البائسة.

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus