كاثرين غالاغر: البحرين: إخماد صوت من لا صوت لهم

2013-02-17 - 8:54 ص

 
كاثرين غالاغر: الجزيرة الإنجليزية
ترجمة: مرآة البحرين

البحرين بلد صغير، تكاد لا تُذكر لولا وجود الأسطول الأمريكي الخامس، الذي تستضيفه. هي البلد التي لا يزال شعبها يقتال من أجل الديمقراطية رغم الثمن العالي والقاتل للحديث الجريء. البلد التي ما زالت، منذ عامين، تعيش على ضربات الحملات القمعية للشرطة والاحتجاز التعسفي وإطلاق الغاز المسيل للدموع.

زرت البحرين مرتين منذ 14 شباط/فبراير 2011، عندما بدأت احتجاجات الربيع العربي. المرة الأولى كانت  في نيسان/أبريل 2012، للقاء صديقي وزميلي نبيل رجب، نائب الأمين العام للاتحاد الدولي لحقوق الإنسان  ورئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان، وغيره من المدافعين عن حقوق الإنسان وضحايا عنف الدولة، والمسؤولين الحكوميين.
 
فقد كان رجب، أحد  أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين، قادرًا على أن يوفر لي قصص ما كان يحدث في بلاده خلال العام الماضي. فهو لسنوات، كافح من أجل توثيق وفضح انتهاكات السلطات البحرينية أمام العالم، ولا سيما أمام حليف النظام الأكثر نفوذًا، الولايات المتحدة.

والزيارة الثانية، بعد بضعة أشهر، كانت صعبة وذلك عندما عدت لأحضر استئناف حكم نبيل رجب في أيلول/سبتمبر. وكان رجب قد اعتقل وأدين لمشاركته ودعمه لـ "تجمعات غير قانونية" – التعبير الملطًّف للنظام في حرية تكوين الجمعيات. رُفِض منحه كفالة خلال الجلسة التي حضرتها. وفي أيلول/ديسمبر 2012، حكمت محكمة الاستئناف عليه بالسجن لمدة عامين لمشاركته في مظاهرات سلمية ولاستخدامه حسابه على تويتر في دعوة الآخرين للانضمام إلى الاحتجاجات. وأثناء احتجازه، تم عزل رجب عن سجناء الرأي الآخرين ووضعه في زنزانة منفصلة.

قضية رجب ليست فريدة فهذا هو ديدن المدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين.

قابعون في السجن

مثل رجب، عشرات البحرينيين يقبعون في السجون لمجرد أنهم ينظمون المسيرات للدعوة إلى الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. أصبح المدافعون عن حقوق الإنسان هدفا رئيسيا للنظام، الذي يعتقل المدافع تلو الآخر بسبب توثيقهم الانتهاكات المستمرة. العمل في مجال حقوق الإنسان هو الطريقة الأكثر ضمانًا للوصول إلى السجن اليوم في البحرين.

في تموز/يوليو 2011، وبعد الضغوط المتزايدة من المجتمع الدولي، قام ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة بتعيين مجموعة من الخبراء الدوليين للتحقيق في أحداث عام 2011. وقامت لجنة البحرين المستقلة لتقصي الحقائق بنشر تقريرها في تشرين الثاني/نوفمبر 2011، وقد حدد التقرير بوضوح ممارسات النظام القمعية : الاعتقالات التعسفية، والتعذيب، والمضايقات، والافتقار إلى محاكم مستقلة تحترم المبادئ الأساسية للمحاكمة العادلة، والفصل التعسفي، والقائمة تطول..
منذ نشر هذا التقرير، أدى الاستخدام غير المتناسب للقوة من جانب قوات الأمن إلى وفاة 24 شخصًا، تحديدًا أثناء الاحتجاجات وبسبب الاستخدام المفرط للغاز المسيل للدموع أو الرصاص المطاطي.

ولا يزال الإفلات من العقاب خلفية لانتهاكات حقوق الانسان التي ترعاها الدولة. حتى اليوم، لم يصدر إلا القليل جدًا من الأحكام التي تدين ضباط الأمن المتورطين بانتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة ومن أدين كان من العناصر ذوي الرتب المتدنية. وعلاوة على ذلك، يواصل النظام القضائي رفض اتهامات التعذيب المقدمة من قبل المعتقلين بصورة غير قانونية.

وكان  السجناء السياسيون مثل عبد الهادي الخواجة-- حقوقي بارز-- وإبراهيم شريف --الأمين العام لجمعية وعد-- قد قدموا شكاوى تعذيبهم خلال الاعتقال والاحتجاز إلى القضاء. وفي الواقع، استمعت لمهدي أبو ديب، أحد قادة جمعية المعلمين البحرينيين والذي سجن بسبب دعوته إلى إضراب، وهو يصف المعاملة العنيفة التي تعرض لها أثناء القبض عليه واحتجازه في جلسة استماع في نيسان/أبريل 2012.

لجنة البحرين المستقلة لتقصي الحقائق لم توثق فقط الحقائق، بل وزودت السلطات بعدد من التوصيات، بما في ذلك رفض الاتهامات التي تتعلق بالتعبير السياسي، ومراجعة جميع الإدانات والأحكام الصادرة عن محكمة الأمن الوطني في المحاكم العادية، وإقامة هيئة مستقلة ومحايدة للتحقيق في جميع مزاعم التعذيب وسوء المعاملة المماثلة، والتأكد من حصول المعتقلين على محامين وأنه يتم إبلاغهم بالأساس القانوني لاعتقالهم، وتعويض عائلات القتلى. وحثت اللجنة أيضا على إنشاء حوار وطني بين مختلف الأطراف.

استمرار الاعتقالات

بدعم من المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان، وافق الملك حمد رسميًا على هذه التوصيات. ولكن، أكثر من عام وهذه التوصيات لم يتم تنفيذها بالشكل الصحيح. وعوضًا عن ذلك، تتواصل الاعتقالات وقد تجاوز عدد القتلى منذ اندلاع الانتفاضة في شباط/فبراير 2011 الـ 80.

لنكن واضحين - الإفراج عن سجناء الرأي - والكثير منهم مدافعون عن حقوق الإنسان - هو شرط أساسي لإنهاء هذه الأزمة. وغير ذلك، ستتعمق التوترات في المجتمع وسيستمر القمع. وفي حين أن الحوار الوطني قد استأنف فقط بين الحكومة وجماعات المعارضة، فإنه من الأهمية بمكان أن تلبي المناقشات التطلعات المشروعة لجميع البحرينيين وأن تؤدي إلى تحسينات ملموسة على أرض الواقع.

على النظام أن يتوقف عن الخطاب التحريضي. يجب عليه أن يتوقف عن التشدق بحقوق الإنسان وهو ينتهك حقوق مواطنيه الأساسية. المجتمع الدولي وشركاء البحرين الرئيسيون - وخاصة المملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا، والتي، على عكس لهجتها في احترام حقوق الإنسان، تواصل تقديم المساعدات العسكرية إلى البحرين - يجب التأكد من أن البحرين تسمح لمواطنيها بالتمتع الكامل بحقوقهم دون خوف من العواقب الوخيمة.

والخطوة الأولى تكون بالافراج عن رجب وغيره من المدافعين عن حقوق الإنسان والمتظاهرين فورًا. فعندما يتاح لجميع البحرينيين ممارسة حقوقهم كاملة، وعندما يسمح للمدافعين عن حقوق الإنسان القيام بأعمالهم، عندها فقط  يتحسن الوضع في البحرين.

*كاثرين غاليغر هي نائب رئيس الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان في المجلس الدولي  ومحامي كبار الموظفين في مركز الحقوق الدستورية. 

14 شباط/فبراير 2013 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus