فرصة البحرين للقيام بتسوية

2013-02-20 - 7:57 ص


جاكسن ديل: واشنطن بوست
ترجمة: مرآة البحرين

بعد عامين على الثورات العربية، أصبح الشرق الأوسط  أكثر استقطابا مما كان عليه في العصر الحديث -  الانقسام لم يعد بين الدكتاتوريين والديمقراطيين. فلقد أصبحت السياسات في مصر وتونس وليبيا معركة بين القوى العلمانية والإسلامية، والمسلمون السنة في سوريا والعراق ولبنان والخليج يعملون على مواجهة الشيعة.

القاسم المشترك في المنطقة هو صفر – كما هو الحال في الألعاب التي محصلتها صفر. حتى عند الأطراف الملتزمة اسميا بالديمقراطية، كما هو الحال في مصر، حيث تسعى الحركات السياسية إلى تدمير منافسيها أكثر من تقبل الحاجة إلى حل وسط وتسوية.

ومن خارج المنطقة، العالم يدعو إلى الحوار والمفاوضات. فقد تم حث المعارضة السورية السنية في معظمها لإجراء محادثات مع نظام بشار الأسد العلوي في معظمه. ويواجه الإسلاميون المصريون والحكومة التونسية مطالب عقد صفقات مع خصومهم العلمانيين. ولكن حتى الآن إيحاءات الانفراج ضعيفة أو غير صادقة.

كل هذا لتفسير أن ما حصل في البحرين الأسبوع الماضي يحتمل أن يكون مهما. قبل عامين ظهرت الحركة المؤيدة للديمقراطية في الدولة الجزيرة، والتي كبقية دول الخليج، تحكمها عائلة معينة، آل خليفة. عندما استجاب النظام بالقمع تحول الصراع إلى مواجهة،  بين الأغلبية الشيعية والنخبة السنية. وعلى مدى الأشهر الـ 18 الماضية، وصل الجانبان إلى طريق مسدود أنتج مظاهرات شبه ليلية في القرى الشيعية، ووفاة ما لا تقل عن 55 شخص، وسجن العديد من زعماء المعارضة مما يؤزم العلاقات بين البحرين وحليفتها العسكرية، الولايات المتحدة الأمريكية. 

الوضع كان يبدو قاتما حتى كانون الأول/ديسمبر عندما اقترح الملك حمد بن عيسى آل خليفة فجأة حوارًا جديدًا بين السنة والأحزاب السياسية الشيعية، ووافق في وقت لاحق على مشاركة ثلاثة وزراء، بما في ذلك أحد أفراد الأسرة الحاكمة. قبلت جمعية الوفاق، التي انسحبت من جولة سابقة من المحادثات في عام 2011، الدعوة وبدأت الاجتماعات يومين في الأسبوع ابتداءً من 10 شباط/فبراير.

وبلا شك، فرص التوصل إلى اتفاق لإنهاء الصراع ليست كبيرة. ولكن هناك أشياء موجودة في البحرين وليست موجودة في سوريا ومصر. فالبحرين لم تعانِ من المذابح التي عانت منها معظم الثورات العربية، وهي أيضا ثرية نسبيا، وعلاقتها مع الولايات المتحدة، التي تضع أسطولها الخامس في البحرين والتي منحت المملكة اتفاق التجارة الحرة، يعني أن واشنطن لديها المزيد من النفوذ. وعلى الرغم من أن إدارة أوباما تقاعست كثيرًا في الضغط على الأسرة الحاكمة، غير أنها حثت بقوة على تجديد الحوار.

وربما أفضل شيء، هو أن البحرين لديها بعض المعتدلين العاقلين في مناصب رئيسية في كلا الجانبين. في الأسرة الحاكمة، هناك ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، وهو خريج الجامعات الأمريكية وكامبريدج، وقد حث عائلته لابرام اتفاقية مع المعارضة – ويبدو أنه منفتح للخطوات الموصلة إلى الديمقراطية المطلوبة لإرضاء المعارضة.

وفي الجانب الآخر يمكن العثورعلى سياسيين مثل خليل المرزوق، وهو ممثل عن الوفاق وصاحب نفوذ وقد زار واشنطن الأسبوع الماضي ليرسم موقف الحزب. المحتجون المعارضون في الشوارع  يدعون وبشكل روتيني لقلب نظام الحكم ومحاكمة آل خليفة، ولكن الوفاق منعت هذه الشعارات في مظاهراتها – وقال المرزوق إن الوفاق تسعى "لتقاسم السلطة"مع الأسرة الحاكمة ضمن ملكية دستورية. المغرب، الذي يتعايش ملكها الآن مع حكومة إسلامية منتخبة، يقدم مثالًا على ذلك.

المشكلة هي في تحييد المتشددين من كلا الجانبين. على ولي العهد أن يتعامل مع عمه رئيس الوزراء خليفة بن سلمان آل خليفة، 77 سنة، الذي خطط للقمع والذي ما زال في منصبه منذ عام 1971 ويحظى بدعم كبير وسط السنة. والوفاق بدورها يجب عليها إيجاد وسيلة لإقناع الجزء الأكبر من الشيعة بقبول الصفقة التي تحفظ النظام الملكي.

ويقول المرزوق، وكلامه معقول جدًا، إنه لا يوجد سوى طريقة واحدة للقيام بذلك: إطلاق سراح القادة السياسيين الـ 13 الذين حكم عليهم النظام بالسجن مددًا طويلة ودعوتهم إلى المحادثات. وأضاف "من الواضح أن هؤلاء الناس لديهم الكثير من الأتباع"، و"الطريقة الوحيدة لكسب أتباعهم هو الإفراج عنهم". ومن ثم  يتم طرح اتفاقية الإصلاحات الدستورية، يقول المرزوق، للاستفتاء الشعبي ووجود فرصة معقولة للنجاح.

الإفراج عن السجناء يحتاج إلى عفو من الملك حمد.  وسيكون عملًا جريئًا وشجاعًا من شأنه أن يحسن الوضع في بلاده – وربما يخلق أنموذجًا للشرق الأوسط الذي مزقته الحرب.

18 شباط/فبراير 2013 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus