محمد ميرزا.. الشاهد على استقواء أجهزة الأمن والإفلات من العقاب..

2013-02-27 - 9:04 ص


مرآة البحرين (خاص): في قرية الدير التي لا تسكنها هدأة المواجهات اليومية، تبزغ قضية الشاب محمد ميرزا البالغ من العمر 22 ربيعًا، نموذجاً فاقعاً على استقواء ضباط الأمن في مراكز الشرطة وتحكمهم بمصير المواطنين لعلمهم بحماية النظام لهم، ولتفشي سياسة الإفلات من العقاب التي وصفها بسيوني في تقريره.
فمنذ تسعة أشهر، وميرزا يقبع في سجن الحوض الجاف دون عرض على القضاء، مع تجديد حبسه كل 45 يوما. ومع قرار قاضي التحقيق بإخلاء سبيله في أكثر من مرّة، إلا أن ضابطاً أو أكثر من مركز شرطة سماهيج سيء الصيت (والذي شهد فضيحة اغتصاب الشاب حسن عون قبل فترة)، يمنعون إنفاذ قرار الإخلاء، بحجج يتم تلفيقها في كل مرة، ثأراً وانتقاماً، فقد أعجزهم عن الإمساك به لمدة عام ونصف. 

من أين بدأت قصة محمد ميرزا، وإلى أين وصلت؟

إن طحت في إيدي ما بتعيش..

بدأت قصة الشاب محمد ميرزا في منتصف العام 2010 ، تحديدا بعد انتهاء امتحانات الثانوية العامة بأسبوع ليجد نفسه قد دخل تجربة السجن لمدة 6 أشهر دون محاكمة. ومع انطلاق الثورة في 14 فبراير اطلق سراحه مع الرموز، ومع اعلان حالة السلامة الوطنية كان على السلطة أن تعيدهم مجددًا لحظيرتها. 

اختار محمد ميرزا أن يكون مطارداً، لمدة عام ونصف أنهك السلطة في مطاردة خيط دخانه. كان رشيقا في حركته وهروبه، تلمحه أخواته في المسيرات حاملاً كاميرته وملوحًا لهن بابتسامته العريضة دون ارتداء لثام الوجه، فتطمئن أمه أنه مازال بخير. أصبح منزله محطة للمداهمات اليومية وباباً لم يعد يقوى على احتمال تكسير أكثر، فترك مشرعاً للاقتحام. 

أصبح القبض على محمد ميرزا ثأرا شخصيًا وهاجسًا لضباط مركز شرطة سماهيج. يحرض الضابط يوسف الملا الموقوفين: " تعرف محمد ميرزا؟. اعترف عليه إنه هو إلي حرًق ووقًع وبنهدك (سنخلي سبيلك)." فيما الضابط يوسف الملا يهدده برسائل قصيرة في الهاتف: " إن طحت في إيدي ما بتعيش، إنت لو بتعيش مستحيل تطلع مرة ثانية" علاوة على التهديد بالاعتداء الجنسي.

ليلة القبض على محمد..

في الكمين الأول التقى أمه وأخته بالقرب من البيت، وفي لحظات تم احاطته بمسلحين مدنيين ثم سيارات مدنية ذات الدفع الرباعي أعقبتها دوريات قوات مكافحة الشغب لكن أخته دخلت في مشادة معهم استطاع أن ينساب بين أيديهم كالماء ويذوب بلمح البصر في أزقة بلدته التي خبرها جيدًا. 

في الكمين الثاني تم محاصرة مدخل منطقة الدير بالكامل، بالإضافة إلى بيت خالته الغائبة عن الوطن، تمت محاصرة المنطقة بأرتال من الأمن الوطني والشرطة، وعناصر مدنية مسلحة. كان جهاز التعقب لدى الشرطة يشير إلى مكان مخبأه. لم تسعفه خفة حركته وسرعة قدماه هذه المرة، كانت إحداهما مجروحة، قبض عليه بتاريخ 27-6-2012 أي بعد عام ونصف من المطاردة. صادروا هاتفه النقال الذي تعقبوه من خلاله بالإضافة الى عدساته الثلاث، كمبوتره المحمول ومدخراته. رشوا سريعًا مادة الفلفل على عينيه وعصبوهما بعدها مباشرة لمدة خمسة أيام مما أثر بشدة على بصره. قضى تلك الأيام الخمسة في الحبس الانفرادي تحت برودة المكيف. انقطعت أخباره وفي اليوم السادس اتصل لعائلته يعلمهم بأنه في سجن الحوض الجاف ويحتاج لبعض الثياب. 

آثار الشوزن وضغط التعذيب..

بعد ثلاثة أسابيع سمح لعائلته بلقائه، كانت الرضوض واضحة على جسمه من أثر التعذيب، وكان يعاني من صعوبة في فتح عينيه ومشاكل في السمع لم يعان منها سابقًا. بقاء رصاص الشوزن في ظهره ورقبته أثناء التظاهرات أدى إلى احتكاكها بفقرات الظهر نتيجة التعذيب، ما جعله الآن بحاجة ماسة لعملية جراحية ومعاينة اختصاصي وإلا أصيب بالشلل وفقا للطبيب المعاين في مستشفى السلمانية، فحصه منذ أشهر ووجه إلى ضرورة الإسراع في عرضه على استشاري. أيضاً تسبب احتكاك رصاص الشوزن في رقبته بضغطها على العصب، وصار بحاجة إلى عملية إزالة دقيقة لخرطوشات الشوزن، وأي خطأ أو تأخر في العلاج قد يعرضه إلى فقدان النطق وفق الطبيب.

إخلاء سبيل مع وقف التنفيذ..

بعد حبس احتياطي دام أكثر من ستة أشهر بتهمة الشروع في قتل شرطي، أخلى سبيله من قبل النيابة العامة، وعندما أخذ إلى مركز سماهيج، قام الضابط يوسف الملا بإسناد قضية جديدة له وهي التجمهر، وكان واضحاً الاستهداف الشخصي من الضابط الملا لمحمد ميرزا. 

تم تجديد حبسه لمدة 45 يوما، وللمرة الثانية على التوالي يصدر الأمر بإخلاء سبيله بكفالة 100 دينار، وذلك   بأمر من قاضي التجديد، لكن القضية الملفقة حالت دون ذلك من جديد. 

وبعد الانتهاء من القضية المزعومة، أمر قاضي التجديد بإخلاء سبيله للمرة الثالثة، ولكن عند ذهاب أهله لتسلمه من المركز تفاجأوا بتلفيق تهمة جديدة أخرى وهي حرق الإطارات، وهي تهمة كانت قد قيدت ضد مجهول منذ أشهر، لكن أسندت لميرزا بتلفيق الضباط نواف الهاشل ونواف جيران وتجديد حبسه 45 يوماً أخرى.

المحصلة التي قضى إليها محمد ميرزا حتى الآن، هي تسعة أشهر من التوقيف دون أن يحال إلى القضاء، بحجة الحبس الاحتياطي، وتلفيق 10 قضايا له من قبل الضباط في مركز شرطة سماهيج تحت حجج واهية وأسباب انتقامية.

ما يحدث لمحمد ميرزا، يثبت أن أمن البلد لا يمتثل لقانون، بل لثأر أشخاص محميين، وفالتين من المحاسبة والعقاب، يمتلكون درجات من مراكز القوة، ضد مواطنين لا يمتلكون سوى قوة الاحتجاج.




التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus