أيمي أوستن بعد منعها من دخول البحرين: الأسرة الحاكمة وقواعدها الجديدة

2013-03-01 - 1:27 م


أيمي هولمز أوستن، ذا كايرو ريفيو*
ترجمة : مرآة البحرين


آل خليفة، عائلة سنية سادت الأغلبية الشيعة في البحرين منذ عام 1783، لديهم تاريخ طويل في التصدي للانتفاضات الثورية. وقد أضافوا مؤخرًا خمس تكتيكات جديدة إلى مسرحيتهم. تجربتي الخاصة مع استراتيجيتهم الجديدة حدثت في 29  كانون الثاني/يناير، عندما هبطت في مطار المنامة. وعلى الرغم من حذري من حقيقة منع  عدد من الصحفيين والمنظمات غير الحكومية، ونواب أوروبيين، ونشطاء من دخول البحرين، ظننت بأنني صاحبة سجل غير ملحوظ بما فيه الكفاية للدخول. فغير التحدث عن البحرين في المؤتمرات الأكاديمية القليلة الصغيرة، لم أكن أعتقد بأنني قد فعلت شيئًا لأكون على القائمة السوداء لأحد. والفضل يعود إلى الطبيعة الجليدية البطيئة للنشر الأكاديمي، فبحثي حول البحرين لم يطبع بعد.

ولذلك وجدت أن من المقلق أكثر هو منعي من الدخول وتحويل رحلتي إلى قطر "لأسباب أمنية"، وعندما حاولت الاحتجاج على القرار، وإخبارهم بأنه سمح لي بالدخول أثناء زيارتي الأخيرة، قيل لي بكل بساطة : "الجميع يعرف رحلتك الأخيرة". وفي الوقت الذي يحق لحكومات الدول تقرير من الذي يجوز له عبور حدودها ومن لا يجوز له، تمنع حكومة البحرين  وبشكل ممنهج  دخول المراقبين القادمين من الخارج.

سياسة منع حتى النقاد المحتملين تشير إلى واحدة من السمات المتناقضة لحكم آل خليفة: المفارقة الظاهرية للتعايش بين القوة والضعف. فمن جهة العائلة الحاكمة مهددة من قبل أكبر انتفاضة مدعومة شعبيًا في الربيع العربي. ولكن حتى اليوم، نجح الخليفيون في قمع ما يمكن أن يكون الحركة المعارضة الأكثر تنظيما في المنطقة.  ولهم أنصار خارجيون أقوياء بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية - ولكن من الصعب تجنب الانطباع بأنهم يعانون أيضا من عقدة انعدام الأمن إذا كانوا يعتقدون أن شخصًا مثلي مزعج بما فيه الكفاية لمنعه من الدخول إلى البلد. فهل الخليفيون في مأمن على عروشهم؟ أم أنهم يعدّون أيامهم في السلطة؟

عندما أعلن شباب البحرين بأنهم سيسيرون إلى القصر الملكي، بدت الرياض وواشنطن بأنهما موافقتان على أن الأمور قد خرجت من أيديهم. ولكن عندما تدخلت قوات مجلس التعاون الخليجي في منتصف آذار/مارس 2011، لم تنتهِ الانتفاضة الثورية. لكنها غيرت مسارها. من هنا عدم نجاح الربيع البحريني لا يمكنه أن يعزى بشكل كامل إلى التدخل السعودي والاسترضاء الأمريكي وحدهما. فقد لعبت القوى الخارجية بالتأكيد دورها، ولكن آل خليفة لعبوا دورهم أيضا.

العائلة المالكة بدأت مؤخرًا بإجراء "حوار" جديد لخلق انطباع بأنها تشرك المعارضة وتستجيب لمطالبها. وهذا في جزء منه استجابة للمسؤولين الأمريكيين الذين يصرون على أن المشكلة الرئيسية في البحرين على وجه التحديد هي عدم وجود هذا الحوار، بدلا من المشاكل الهيكلية الأكبر أو ما يتعلق بالسلطة.
ولكن بعد 20 ساعة من المحادثات الموزعة على 5 جلسات، لم يتفق المشاركون في الحوار الثلاثي (النظام، الموالون للنظام، والمعارضة) على جدول أعمال. وفي الوقت الذي قد تكون هذه المحادثات مهمة، فمن الضروري أن نرجع خطوة إلى الوراء والنظر كيف مكّن الخليفيون أنفسهم وأضعفوا المعارضة من خلال التغييرات الهيكلية في تكوين السلطة. وهذا يعني أن أي حركة معارضة - بغض النظر عن أساليبها، وأيديولوجياتها، أو رغبتها في التحدث مع النظام - هي أقل احتمالا لتحقيق انفراجة ديمقراطية حقيقية من قوى المعارضة في أعوام السبيعنيات.

البحرين عادت لعصيانها. ليس لأن المعارضة صغيرة أو مقسمة. بل، كما أرى، لأن النظام قد ناور لضمان أنه مهما كانت نتائج الحوار الحالي، فالأسرة الحاكمة سوف تستمر في الحكم. 

1- شلّ البرلمان: بعد 27 عام بلا برلمان (1975-2002)، أمير البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، قرر أن الوقت قد حان لإصلاح صورة البلد. وهذه كانت استراتيجية متناقضة ذات شقين والتي تضمنت إجراء انتخابات برلمانية في عام 2002، وتغيير لقبه إلى ملك وأن بلاده مملكة. ولكن، البرلمان الحالي المؤلف من مجلسين هو أقل ديمقراطية من سابقه المؤلف من مجلس واحد في السبيعينيات. مجلس النواب المعروف باسم مجلس الشورى يعمل بفعالية كـ "صمام أمان" للنظام، إذا ما كشف مجلس النواب المنتخب عن أنيابه. ثانيا، البرلمان هو مجلس استشاري وليس تشريعي. فهو لم يصغ قانونا واحدا في السنوات الـ 10 الماضية، لأنه من غير المسموح له القيام بذلك، ولكن يمكنه صياغة مقترحات فقط. وصياغة القوانين الآن هي من اختصاص الحكومة.

2- تمكين الملك: بموجب الدستور السابق، مارس الملك ( كان ما زال يدعى أميرًا) السلطة من خلال وزرائه. ووفقا للدستور الجديد، الملك يمارس السلطة بصورة مباشرة وبواسطة وزرائه. وفي السبعينيات، كان على الحاكم الحصول على موافقة البرلمان من أجل إعلان حالة الطوارئ. والدستور الجديد أراحه من ذلك الالتزام.

3- احتكار الوزارات: في السابق، مجلس الوزراء، كان مقسّمًا أكثر أو أقل بالتساوي، ثلث للأسرة الحاكمة وثلث للسنة، وثلث للشيعة. والآن، ما يقرب من نصف وزراء الحكومة يتم اختيارهم من آل خليفة. الحقائب الأكثر أهمية، بما في ذلك وزارتا الدفاع والشؤون الخارجية والمالية والداخلية، ووزارة العدل والشؤون الإسلامية، أصبحت الآن جميعها للأسرة الحاكمة.

4- حرمان الشعب: من نواح كثيرة السكان الشيعة الأغلبية محرومون من حقوقهم أكثر من ذي قبل. ومع معرفة آل خليفة أن قاعدة نفوذهم كانت صغيرة، بدأوا برنامج "استيراد السنة" من دول الجوار في التسعينيات ومنحوهم المواطنة ووظفوهم في القوات العسكرية والأمنية، التي لا يزال الشيعة مستبعدين منها. وفي العامين الماضيين، أصبح التمييز ضد الشيعة أوسع بكثير وامتد إلى المساحات التي كان من الممكن في السابق العثور على عمل فيها. وأصبح من المعتاد سؤال المرشحين إلى الاعمال عن انتمائهم الديني.

5- المنع من دخول البلاد: منذ بداية الانتفاضة  عام2011، بدأت الحكومة سياسة الاستبعاد ليس فقط للصحفيين رفيعي المستوى أو المنتقدين لنظام الحكم، ولكن لأي شخص مشبوه يحتمل أنه انتقد النظام. وقد وثقت بحرين ووتش أكثر من 200 حالة لأفراد منعوا من الدخول. موقعهم على الإنترنت يضم جدولًا زمنيًا تفاعليًا للعامين الماضيين والتقارير المختلفة، بما في ذلك تلك التي تصف تجربتي كـ "حالة خطيرة للغاية".

بطبيعة الحال، فإن استراتيجية النظام المعادية للثورة هي أكثر تعقيدًا من هذا. فالعائلة المالكة تستخدم مجموعة متنوعة من تكتيكات أخرى للاحتفاظ بالسلطة، بما في ذلك: سجن زعماء المعارضة، واستخدام التعذيب، وتفريق الاحتجاجات، واستخدام الغاز المسيل للدموع بشكل منهجي في القرى الشيعية حتى عندما لا تكون هناك احتجاجات، وطأفنة الدوائر الانتخابية. ثم هناك خليفة بن سلمان آل خليفة، رئيس الوزراء غير المنتخب والأطول حكمًا في العالم. فهو ما زال في منصبه منذ استقلال البلاد عام 1971 ويرأس معسكر المتشددين داخل الأسرة. هذه هي التحديات التي كان على المعارضة ان تتعامل معها لسنوات عديدة. وعلى النقيض من ذلك، فقد تم تسليط الضوء على القضايا الخمس التي نوقشت أعلاه لأنها تمثل تكتيكات جديدة نسبيًا من جانب النظام. ولأنهم أعادوا تعريف هياكل السلطة. هذه هي، باختصار، القواعد الجديدة للعبة: البرلمان أضعف، والملك أقوى، والشيعة محرومون، والوزارات محتكرة من قبل الأسرة الحاكمة، والمراقبون الخارجيون يمنعون من دخول البلاد.

ولكن، اللعبة لم تنتهِ بعد. فخلال الساعات التسع التي أمضيتها في مطار المنامة، وقبل أن يتم "ترحيلي" حاولت عدة مرات المطالبة بتفسير من المسؤولين المرتدين المرتدين البدلات لماذا منعت من الدخول. فتراوحت إجاباتهم بين "لا" وبين "لا أعرف ". وأخيرًا، غيرت الموضوع وسألت عن سبب وجود صورة جمال عبد الناصر على شاشة التوقف في كمبيوتر مكتبهم. وبنصف ابتسامة بالكاد تلاحظ قال: "ناصر كان زعيما جيدا".



*أيمي هولمز أوستن: هي أستاذ مساعد في علم الاجتماع في الجامعة الأمريكية في القاهرة. وهي مديرة فيلم إمبراطورية البؤر الاستيطانية 2012: التاريخ السري للوجود العسكري الأمريكي في تركيا. وقد ساهمت في "موبيلايزيشن"، و "بالتيمور سن"، و "الأهرام أون لاين".

27 شباط/فبراير 2013 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus