«هيومن رايتس ووتش»: البحرين فشلت في الإصلاح ولم تحاسب أيا من المرتكبين

2013-03-02 - 1:10 م


مرآة البحرين: قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن "النظام البحريني لم يحرز تقدماً فيما يتعلق بوعود الإصلاح الرئيسية وفشل في إطلاق سراح النًشطاء السياسيين المحبوسين بغير وجه حق، أو محاسبة المسؤولين رفيعي المستوى المتسببين في أعمال التعذيب".

وأوضحت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة سارة ليا ويتسن، خلال مؤتمر صحافي عقدته أمس الأول الخميس في المنامة، إن "مشروع قانون الجمعيات الذي تبنته الحكومة قوّض من الحقوق القليلة التي تتمتع بها الجمعيات الأهلية المُستقلة في ظل القانون الحالي"، مشيرة إلى أنها "توصلت إلى هذه التقييمات بعد لقاءات مع كبار المسؤولين، ومع السُجناء السياسيين".

وأضافت "كل ما يُقال عن الحوار الوطني والإصلاح ليس له قيمة طالما استمر حبس أبرز النُشطاء السياسيين والحقوقين في البلاد من دون وجه حق، وفي الوقت نفسه يظل المسؤولون عن التعذيب والقتل في مناصبهم"، لافتة إلى أن "الحد الأدنى لما ينبغي للمرء أن يتوقعه بعد الانتهاكات الخطيرة التي ارتكبتها قوات الأمن خلال انتفاضة (فبراير/شباط 2011، هو اعتراف كبار القادة بقوات الأمن بمن فيهم وزراء الداخلية والدفاع، بالمسؤولية عن إخفاقات قواتهم، وهي الإخفاقات الذي اعترفوا بها وسيحاسبون المتسببين فيها".

وخلال زيارة إلى البحرين استغرقت 5 أيام وهي الأولى التي تسمح بها الحكومة البحرينية منذ ما يقرب من العام، التقى ثلاثة من ممثلي "هيومن رايتس ووتش" مع وزير الداخلية الفريق الركن راشد بن عبد الله آل خليفة، والنائب العام علي فضل البوعنين، ونواف عبد الله حمزة رئيس "وحدة التحقيقات الخاصة" المنوط بها التحقيق في تجاوزات الشرطة ومسؤولية القيادة، وكذلك قائد الأمن العام اللواء طارق حسن، وجون تيموني كبير مستشاري وزارة الداخلية، وممثلين عن وزيري التنمية الاجتماعية، وحقوق الإنسان.

وبحسب المنظمة، فإن وزارة حقوق الإنسان التي تم إنشائها حديثاً سهلت زيارة "هيومن رايتس ووتش" حيث التقت مع مدير الشؤون القانونية في الوزارة، محمد الفيظي، وحثته على "لعب دور فعال ومُخاطبة الحكومة بشأن أوجه القصور في مجال حقوق الإنسان، والدفاع عن الإصلاحات المطلوبة."

وأكدت "هيومن رايتس ووتش" أن السلطات البحرينية كانت قد سهلت اجتماعات مع المسؤولين الحكوميين اتسمت بالصراحة والصدق، لكن الحكومة تعنتت بشكل غير معقول في السماح للمنظمة بالدخول إلى البحرين، ورفضت وتجاهلت العديد من الطلبات للحصول على تأشيرات دخول خلال العامين الماضيين، ورفضت تماماً دخول ممثلين عن المنظمة.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2011، توصلت اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، التي تتألف من خبراء دوليين عينهم الملك حمد بن عيسى آل خليفة، إلى إثباتات بأن قوات الأمن البحرينية عملت وفق ثقافة الإفلات من العقاب وأن الانتهاكات لم تكن لتحدث من دون علم القيادات العليا في هيكل القيادة لقوات الأمن.

وتوصلت "هيومن رايتس ووتش" بناء على مناقشات مع المسؤولين إلى أن "السلطات لم تحقق أي تقدم في التحقيقات مع كبار المسؤولين ومحاكمتهم على أسوأ الانتهاكات التي تم ارتكابها أثناء احتجاجات عام 2011، إذ تسببت هذه الانتهاكات في مقتل الكثير من المُحتجين والمارة، وإصابة المئات بإصابات خطيرة، والقبض على الآلاف، بالإضافة إلى أكثر من 300 إدعاء رسمي بالتعذيب وسوء المُعاملة.

وأخبر المُدعي العام ورئيس "وحدة التحقيق الخاصة" المنظمة بأن التحقيقات حول المتسبب في فشل قوات الأمن سوف تنتهي بحلول صيف عام 2013. لكنهم لم يوفروا معلومات عن التقدم في سير التحقيقات، أو بشأن أي من المسؤولين الذين يتم التحقيق فيما قاموا به، أو رُتبهم، حيث أُدين أربعة فقط من الضباط ذوي الرُتب الصغيرة، وضابط برتبة مُلازم أول بتهمة قتل إثنين من المُتظاهرين، وإصابة ثالث إصابات خطرة.

كما أبلغ رئيس الأن العام اللواء طارق الحسن "هيومن رايتس ووتش" أن قيادات وزارة الداخلية أدركت أنها ارتكبت "أخطاء جسيمة" في تعاملها مع التظاهرات الحاشدة التي اندلعت في البلاد في 2011. ومع ذلك، قال خالد، وزير الداخلية، إن التحقيقات الداخلية "توصلت إلى أن الأخطاء اقتصرت على ضباط الشرطة حتى قائد الكتيبة".

وقال الوزير أيضاً إن "التحقيقات الداخلية لم تلقِ باللوم على رُتب أعلى، ولم يتم توبيخ أو نقل أو تخفيض رتبة أو وقف أو إنهاء خدمة أي من القادة أو كبار المسؤوليين. كما أكد أن الوزارة لا تتبع سياسة الوقف عن العمل أو خفض الرُتب بالنسبة إلى ضباط الشرطة الذين يواجهون تُهماً جنائية، بما في ذلك الإفراط في استخدام القوة أو التعذيب أو القتل الخطأ، برغم أن "هيومن رايتس ووتش" أشارت إلى أن السلطات قد احتجزت ضابطين، حسب التقارير، لصلتهما بإطلاق نار أفضى إلى الموت في 14 فبراير/شباط 2013.

كما قالت سارة ليا ويتسن "إنه من غير المعقول أن المسؤولين أنفسهم الذين كانوا في موضع المسؤولية أثناء الأعمال التي لم يسبق لها مثيل من إطلاق النار والضرب والقتل والتعذيب ضد مئات من المواطنين البحرينيين، لم يتوصلوا إلى وقوع أية مخالفات من جانب كبار المسؤولين"، متسائلة "كيف يمكن لأي مواطن بحريني أن يصدق الوعود بإصلاح الشرطة، إذا كان المسؤولون عن الإخفاقات الخطرة للشرطة مستمرين في وضع السياسات، ولديهم القدرة على توجيه سير التحقيقات لمصلحتهم؟".

وفي 26 فبراير، زارت "هيومن رايتس ووتش" العديد من النُشطاء السياسيين والحقوقيين، والمُسعفين والمدرسين الذين يقضون عقوبات تترواح من السجن عامين حتى السجن مدى الحياة في سجن "جو"، وقابلتهم على انفراد، بعد تسهيل وزارة الداخلية وإدارة السجن هذه اللقاءات. كما استطاعت "هيومن رايتس ووتش" تصوير المقابلات مع المسجونين وتسجيلها بالفيديو.

وفي 7 يناير/كانون الثاني، أيدت محكمة النقض الأحكام بالإدانة والسجن لفترات طويلة ضد 13 من المعارضين البارزين، بما في ذلك أحكام بالسجن مدى الحياة لسبعة من المُتهمين، فقط لأنهم مارسوا حقهم في التعبير عن الرأي والتجمع السلمي في احتجاجات 2011. وآنذاك، قالت المنظمة إنه "يجب على السلطات البحرينية تعديل القوانين، لرفع العقوبة عن هؤلاء الرجال"، وجعت الملك حمد إلى أن يصدر عفواً عن الأحكام الجنائية كافة على جميع من أيدت محمكة النقض العقوبات الصادرة بحقهم".

وتابعت ويتسن "لا يمكن الادعاء بأن هناك عدالة في البحرين طالما بقي هؤلاء الرجال في السجن من دون وجه حق. ويجب أن يتصرف الملك حمد بشكل عاجل من أجل الإفراج عنهم إذا كان لدى السلطات أي رغبة في إشاعة أي شعور بالعدالة بين الغالبية العُظمى من السُكان".

وقد أعربت "هيومن رايتس ووتش" أيضاً عن قلقها العميق بشأن مسودة القانون المنوط به تنظيم الجمعيات الأهلية، الذي قدمته وزارة التنمية الاجتماعية إلى الحكومة، والذي يتم مناقشته في البرلمان في الوقت الراهن، واعتبرت أنه "يُمكن أن تؤدي مُسودة القانون إلى تحويل المنظمات كافة المُشهرة بالفعل أو التي تسعى إلى الإشهار إلى كيانات تسيطر عليها الحكومة، وسلبها القدرة على العمل ككيانات مُستقلة.

ولفتت إلى إن خالد الكوهجي، الوكيل المساعد لتنمية المجتمع والمسؤول عن الجمعيات الأهلية، وسلطان حمادي، مستشار الوزارة لشؤون الجمعيات الأهلية، "ليس لديهما رغبة في مناقشة مسودة القانون التي اشتركا في إعدادها، بزعم أن الأمر مسؤولية الحكومة".

وأشارت المنظمة إلى أن "أكثر ما يُثير الارتباك في مسودة القانون أنها سوف تتيح لوزيرة التنمية الاجتماعية، فاطمة البلوشي، رفض أي طلب تتقدم به أي جمعية إذا قررت الوزيرة أن البحرين "لا تحتاج إلى خدماتها"، أو رفض القرار من دون إبداء أسباب" لذلك.

وقد يحرم القانون المواطنين من عضوية أكثر من جمعية تقوم بعمل مُشابه إلا بموافقة الوزارة. وقد يحظر على أعضاء أحد النقابات الانضمام إلى جمعية تعمل في نشاط "له صلة" بهذه النقابة. كما نبه الكوهجي إلى أن المُسودة تسمح أيضاً للوزيرة برفض جمعية لأن عملها "مُشابه لعمل جمعية أخرى".

وقالت ويتسن "في الوقت الذي استعانت فيه البحرين شركات علاقات عامة تعمل في لندن وواشنطن من أجل تقديم رؤية سلسة لـ"أجندة الإصلاح"، تحاول فاطمة البلوشي الدفع بقانون جديد تم تصميمه إعاقة مؤسسات المجتمع المدني المُستقلة، كما لو أن صلاحياتها السلطوية وفق قانون الجمعيات الأهلية الحالي ليست من السوء بما يكفي، تقدمت بقانون يمنحها سيطرة مطلقة وتعسفية على الجمعيات المُشهرة بشكل قانوني".

وأبدت "هيومن رايتس ووتش" مراراً اهتمامها لاستخدام الحكومة المادة 168 من قانون العقوبات، الذي ينص على الغرامة أو السجن لمدة تصل إلى عامين لكل من ينشر أخباراً كاذبة عمداً مع علمه أنها قد تؤدي إلى زعزعة الأمن القومي أوالنظام أو السلامة، إذا اُعتبر النشر "تحريضاً على العنف".  

وفي اجتماعه مع "هيومن رايتس ووتش"، ذكر البوعينين هذه المادة لكي يبرر قراره بمُحاكمة رئيس قسم الرصد في "مركز البحرين لحقوق الإنسان" سيد يوسف المحافظة لأنه "أشاع أخباراً كاذبة" حيث نشر على حسابه على "تويتر" صورة لمُعارض مُصاب. وأوضح البوعينين "لأن المُحتج أصيب قبل أيام من قيام المحافظة بإعادة نشر الصورة، فقد تم اعتبار ذلك دليلاً على "نيته في التحريض على تظاهرات عنيفة".

كما ذكرت ويتسن "أنه إذا اعتبر المسؤولون البحرينيون أن أحد النشطاء يُحرض على العنف عن طريق نشر صورة على "تويتر"، إذن فإن ما حضروه من دورات تدريبية حول حقوق الإنسان قد ضاع هباءً".

وقد أثارت "هيومن رايتس ووتش" مع المسؤولين قلقها بشأن التقارير حول الاستخدام المستمر بشكل مُفرط وغير قانوني لقنابل الغاز المُثير للدموع، التي يعزو إليها نُشطاء المعارضة البحرينية مقتل 16 شخصاً على الأقل. واطّلعت المنظمة على مقطع فيديو يُظهر قوات الأمن وهي تُطلق ما يبدو أنه قنابل غاز مسيل للدموع بشكل عشوائي في أحد أحياء قرية العلي في 14 فبراير/شباط.

وتقول مُنظمات حقوق الإنسان البحرينية إن قوات الأمن قد نفذت هجمات ضخمة بالقنابل المسيلة للدموع داخل الأحياء والقرى الشيعية، عقاباً لها على التظاهرات المناوئة للحكومة التي اندلعت هُناك.

وكان شابان قد لقيا حتفهما في فبراير/شباط نتيجة الإصابة الناجمة بشكل واضح عن إساءة استخدام القوة. فلقد توفي حسن الجزيري ( 16 عاما) نتيجة رصاصة تم إطلاقها عليه من مسافة قريبة في "حي الضيعة" يوم 25 فبراير/شباط، وهي القضية التي تم احتجاز ضابطين بسببها كما قالت وزارة الداخلية.

وفي حادثة أخرى منفصلة في اليوم نفسه، أظهر مقطع فيديو عن محمود الجزيري (22 عاما) أنه يسقط على الأرض في "حي النبي صالح"، بعد أن أصابته قنبلة غاز في رأسه من مسافة 10 أمتار توفي نتيجتها في 25 فبراير/شباط.

وشددت ويتسن على أنه "يمكن أن تضع الوزارة ملصقات داخل سيارات الشرطة عن الطريقة الصحيحة لاستخدام قنابل الغاز، ولكن يمكن للتحقيقات ومعايير الانضباط أن تعالج القصور الناجم عن سوء استخدام الضباط لقنابل الغاز بشكل متكرر".

كذلك قابلت "هيومن رايتس ووتش" أمين المظالم في قسم الشرطة نواف المعاوضة الذي تم تعينه حديثاً، وكذلك رئيس وحدة تحقيقاته عبد الرحمن فارس، وقال المعاوضة إن هناك "مرسوما سوف يصدر قريباً لتوسيع سلطة أمين المظالم، حتى يتسنى له زيارة ومُراقبة مراكز الاحتجاز والتحقيق في انتهاكات الشرطة، حتى في حالة عدم تقدم الأفراد بشكاوى".

كما اعتبرت "هيومن رايتس ووتش" أنه "يمكن لهذا التطور أن يزيد من دور أمين المظالم كمُراقب مُستقل لانتهاكات الشرطة، وحثته على مُعالجة القصور في غياب التنوع بين قوات الشرطة وحُراس السجون بشكل عاجل، حيث أنهم من السُنة، بينما غالبية المسجونين من الشيعة، وحثته أيضاً على التحقيق في التمييز في عمليات التعيين في الشرطة، بما في ذلك كبار الضباط.

وختمت سارة ليا ويتسن حديثها "لكي تتسم الإدارة الشرطية للمجتمع والسجون بالفعالية، يتطلب الأمر تنوعاً في أفراد الشرطة حتى يشعر الشعب البحريني أنها تُمثله".

وفيما يلي أسماء المُحتجزين الذين قابلتهم "هيومن رايتس ووتش":


1. نبيل رجب

2. عبد الهادي الخواجة

3. عبد الوهاب حسين أحمد علي

4. حسن على حسن محمد المشيمع

5. محمد حبيب المقداد

6. عبد الجليل راضي منصور مكي

7. عبد الجليل السنقيس

8. عبد الهادي عبد الله المخوضر

9. عبد الله عيسى المحروس

10. محمد علي رضا اسماعيل

11. محمد حسن جواد

12. إبراهيم شريف عبد الرحيم موسى

13. مهدي أبو ديب

14. الدكتور على العكري

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus