نشطاء في الخفاء مع استمرار الأزمة

2013-03-05 - 6:36 م


برايان دولي: هفنغتن بوست
ترجمة: مرآة البحرين

إخفاء الهاربين من السلطة في البحرين أمر خطير. أوائل هذا الشهر، ذكرت الصحف المحلية أن أسرة بحرينية مكونة من أم أب وابن قد حكم عليهم جميعهم بالسجن مدة عام بتهمة إيوائهم أحد المطلوبين فقط لبضعة أيام في نيسان /أبريل الماضي. لا أحد يعرف بالضبط كم هو عدد البحرينيين الذين يعيشون مختبئين داخل المملكة. هناك اعتقاد يقول إن العشرات من هم في حالة فرار من السلطات التي تستعد لحبسهم بسبب دورهم في الاحتجاجات. وكان قد تم سجن المئات بعد محاكمات صورية. بعض هؤلاء الذين يعيشون في الخفاء مشهورون، مثل الناشط الحقوقي عبد الغني الخنجر والمدون علي عبد الإمام. أو هم جزء من مجموعة مكونة من 21 معارضًا بارزًا واجهوا محاكمات ملفقة في محاكم عسكرية ومدنية، قضايا ذات دوافع سياسية تسببت بالحكم على الرجلين غيابيا بالسجن لمدة 15 عامًا وذلك لدورهما في الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية.

رجل آخر يعيش في الخفاء، علي الصددي، الذي كان واحدا من الطاقم الطبي الـ 20 الذين حُكموا وأدينوا في محكمة عسكرية بعد الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في أوائل عام 2011. خلال المحاكمة، استطاع علي مع متهم آخر تحاشي السجن، وحكم عليهما غيابيا لمدة 15 عاما. اختبأ علي في آذار/مارس 2011 وبقي في مخبئه حتى قبل بضعة أسابيع، عندما فر من البحرين. قال لي: " كنت أعمل في مجمع السلمانية الطبي، المستشفى الرئيسي في البحرين، لمدة 12 عاما قبل بدء الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية، كنت أعمل في المطابخ أعد وأقدم الطعام" وأضاف: "عندما هاجمت قوات الأمن المتظاهرين، عج المستشفى بالمرضى. الكثير منا حاول بأفضل ما يمكن المساعدة على نقل المرضى إلى المستشفى لتلقي العلاج ومساعدة المرضى الذين لا يقدرون على المشي".

في 16 آذار/مارس2011، قامت قوات الأمن بالهجوم على المستشفى واحتلته، حيث يعمل علي. وألقوا القبض عليه وعلى عدد من العاملين في المستشفى. ويقول إنه بعد إلقاء القبض عليه تعرض للضرب المبرح وتم الإفراج عنه في نهاية المطاف. وقال لي: "ذهبت إلى أهلي، وبعد بضعة أيام، قررت الاختباء. فالناس يُعتقلون في كل مكان ويؤخذون إلى الاحتجاز. سحبت بطارية وبطاقة هاتفي واختبأت. تعرضت عائلتي للمضايقة وتم استجوابها للحصول على المعلومات حول مكان اختبائي، ولكنهم لم يكونوا يعرفون. أمضيت ما يقرب من عامين في غرفتي، وأحيانا كنت أتنقل. سكنت في خمسة أماكن تقريبًا، وفي كثير من الأحيان كنت أحدق في الجدار فقط، أتحدث إلى نفسي، حقا كنت على وشك الجنون، وكنت اشعر بالخجل قليلا عندما أطلب من الناس مساعدتي". يقول علي إنه كان يحصل على شبكة الإنترنت في الكثير من الأحيان، ولكن ليس دائما. وكان يواكب ما يحدث.

يتذكر: "أنا حقا لم أكن أستطع النوم. والساعات الأولى من الفجر كانت الأسوأ، حيث تقوم الشرطة بالمداهمات. كنت أنام عادة لمدة ثلاث أو أربع ساعات في اليوم على الأكثر. وكل بضع أشهر، كنت أخرج ربما لدقيقة أو أفتح الباب لأنظر خارجًا، كان ذلك حقًا مرهقا جدًا".

مخاوف علي مسألة عادية بين البحرينيين للجوء إلى الاختباء، بما في ذلك أولئك الذين هم أقل شهرة. رجل في العشرين من عمره أخبرني أنه مختبئ بسبب خوفه من الاعتقال، يقول " قد أقضي معظم بقية حياتي في السجن. لقد حكم علي في ثلاث قضايا وحوالي 10 تهم أخرى ملفقة. ويمكن ان أحكم لعشرات السنين في السجن". ويقول الرجل --لا أستطيع الكشف عن اسمه-- إن التعذيب شائع في السجون، وهذا هو الحال منذ سنوات، وأنه ليس من حق الحكومة الطلب منه تسليم نفسه إلى الدكتاتورية التي ليس فيها سلطة شرعية. ومع ذلك، فإن ضغط العيش في الخفاء قاس. وقال لي: " أعيش كالعشرات الآخرين في الخفاء. من الصعب التواصل مع الناس والحصول على العلاج الطبي، وأجد صعوبة في النوم. بالنسبة للبعض منا، من الممكن البروز إلى العلن لبضع دقائق بين الحين والآخر إذا كانت هناك جمهرة كبيرة في الخارج. كانت قوات الأمن على وشك القبض عليّ عندما كنت ذات مرة ليلا في الشارع . أُصبت، ولكن أنا بخير".

ويضيف: " تمكنت من إلقاء تحية سريعة على عائلتي قبل الاختباء مرة اخرى، ولكن استخدام الهواتف يشكل خطرًا كبيرا. فقد كانوا يقتفون أثر الناس عبر هواتفهم ويلقون القبض عليهم". وعلى الرغم من أن الخطر على هذا الرجل كان كبيرًا، فإنه يعترف بأن أولئك الذين حجبوه عن الأنظار أيضا في خطر. " كثيرا ما اقتحموا منزل عائلتي، ومنازل اقربائي. ففي قريتي وحدها، تم مداهمة 160 منزلًا في نفس اليوم، ولكن يمكنني البقاء في الخفاء طالما هناك أناس مستعدون لتوفير المأوى لي". أحد الرجال الذين يجدون أنفسهم في هذه الظاهرة الجديدة في البحرين هو أحمد المقابي. فقد أدين أحمد بسبب إيوائه المعارض المطلوب محمد المقداد الذي كان مختبئًا بعد أن حكم عليه بالسجن مدى الحياة. وحكم على المقابي لمدة ثلاث سنوات ونصف لإيواء المقداد. ويقول إنه تعرض للتعذيب والاعتداء الجنسي في السجن. إنهم يدفعون ثمنا باهظا، ولكن هناك عددًا لا يُحصى من البحرينيين الذين ما زالوا على استعداد لتحمل المخاطر من أجل حماية أولئك الذين تستهدفهم المملكة.

آخرون في البحرين قرروا الذهاب إلى السجن بدلا من الاختباء.على سبيل المثال، في كانون الثاني /يناير، قررت خمس فتيات ونساء بحرينيات، تتراوح أعمارهن بين 16 و 25 سنة-- الابلاغ عن أنفسهن لقضاء ما تبقى من مدة عقوبتهن في السجن. فعلن ذلك بعد إدانتهن بتهم شملت المشاركة في "تجمع غير قانوني". وبعد أن قضين جزءًا من عقوبة ستة أشهر، تم الإفراج عنهن إلى حين البت في الاستئناف. وعندما خسرن استئناف المحكمة، قررن عدم الفرار، والعودة إلى السجن لإكمال ما تبقى لهن – 37 يوم. وقال أحد الأزواج ان زوجته خشيت أن يختطفها رجال الأمن الملثمون في غارة في الصباح الباكر، وهو ما حدث لكثير من النساء المطلوبات من قبل السلطة. الخوف من الوقوع في أيدي الشرطة كبير وهو ما جعل هؤلاء النسوة غير مستعدات للاختباء.

هؤلاء النسوة لسن الوحيدات. بعض البحرينيين لجؤوا وبنجاح إلى الاختباء، ولكن القليل من يتمكن من الهرب خارج البلاد مثل علي الصددي الذي لا يستطيع، ولسبب وجيه، إعطاء تفاصيل عن الأشخاص الذين ساعدوه للهرب من البحرين لأنه يعلم أنه سيعرضهم للخطر الشديد. قال لي إنه في أوروبا الآن وهو "سعيد جدا ومرتاح للغاية". ولكن هذا لا يزيل عنه القلق لأنه لا يزال يشعر بالآخرين الذين ما زالوا في الخفاء، على شفير الجنون، وكذلك زملائه في المستشفى الذين ما زالوا في السجن. " لن يهدأ لي بال حتى يخرجوا جميعهم - سأفعل كل ما بوسعي لمساعدتهم أينما كنت، مهما تتطلب الأمر".

الكثيرون في البحرين يفعلون ما في وسعهم لإنهاء الأزمة هناك، ولكن الحملة القمعية الجارية في المملكة قد حدت قدراتهم على تحقيق التقدم. إنهم بحاجة إلى ضغط الولايات المتحدة على الحكومة البحرينية لبدء تحقيق وعود الإصلاح. إنهم يحتاجون إلي الولايات المتحدة للجهر بأنها لن تقف موقف المتفرج والمملكة تعمل على إسكات المعارضين، الكثير منهم لا يزالون من مخابئهم ينتظرون التغيير الذي يمكن أن تساعد الولايات المتحدة على إحداثه.

1 آذار/مارس 2013


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus