تعيين ولي العهد نائبًا أول لرئيس الوزراء لإدارة الشؤون الهامة والخطيرة

2013-03-16 - 6:55 ص


جستين غينغلر: الدين والسياسية في البحرين
ترجمة: مرآة البحرين

غير راض بلقبه الحالي المشير صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة، ولي العهد ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وسام الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة من الدرجة الممتازة، وسام النهضة للملك حمد  من الدرجة الأولى، وسام أحمد الفاتح، وسام البحرين من الدرجة الأولى، وزير الخزانة، البطل الوصيف  لكرة الطائرة في ثانوية المنامة عام 1987، الخ...  وغير راضٍ بهذه التفاهات، البحرين أعلنت (أمس) المنصب الجديد للشيخ سلمان كنائب أول لرئيس الوزراء. وبذلك يرتفع العدد إلى خمس رؤساء للوزارة و / أو نواب لرئيس الوزراء في البحرين.

وحتى لو كان التوقيت مفاجأة، فإن خطوة من هذا النوع لم تكن غير متوقعة تمامًا من حيث إنها تساعد على حل عدد من المشاكل قصيرة وطويلة الأجل لكل من مملكة البحرين وولي العهد على وجه التحديد، ومعظم هذه المشاكل لها علاقة بالسياسات المشتركة في عائلة آل خليفة. في المقام الأول، ارتقاؤه على النواب الثلاثة الحاليين لرئيس الوزراء، والذين لا يوجد واحدُ بينهم ليكون مرشحًا مجديًا لملء الفراغ السياسي الذي سيخلفه في نهاية المطاف خليفة بن سلمان، يعطي إجابة على قضية الخلافة الشائكة المحيطة بمنصب رئيس الوزراء. هنا أود أن أشير صراحة إلى بصيرة اميل نخلة، الذي توقع بالضبط هذه النتيجة منذ بضعة تسعة أشهر في محادثة مطولة على البريد الإلكتروني نشرت على هذه المدونة. حيث كتب:

لا أعتقد أنه سيتم التفكير بجدية بـ [النائب الحالي لرئيس الوزراء ووزير الخارجية منذ فترة طويلة محمد بن مبارك]  لهذا المنصب. أعتقد أن التوتر سيكون بين خليفة وابن أخيه حمد. إذا مات خليفة، وهو احتمال غير مشكوك فيه، فلن أندهش إذا رأيت حمد يعين ابنه ولي العهد كرئيس للوزراء. فسوابق هكذا تعيين موجودة في الإمارات المجاورة لهم، بما في ذلك المملكة العربية السعودية. وإذا حصل هذا التعيين، فسيكون الديوان الملكي والجيش تحت السيطرة. وقد يعين الملك أيضا محمد (ويفترض أنه بشكل مؤقت) لتوفير الاستمرارية والجدية. أتصور أن هذا المسار من شأنه أن يؤدي في نهاية المطاف لاستيلاء سلمان على منصب رئيس الوزراء، وبالطبع مع بقائه كولي للعهد. فاحترام الكبار في العائلة، الذي منحه حمد لعمه، ليس بالضرورة أن يتوسع ليشمل الخوالد أو الخليفيين الآخرين، لا سيما إذا كانوا لا يدعمون الملك.

بالتأكيد، يمكن للمرء أن يقول بأن هناك مغالاة كبيرة في تقارير الموت السياسي لخليفة بن سلمان، الذي علمته الـ 43 سنة في السلطة شيئًا أو شيئين عن السياسات الأسرية وبناء التحالفات. واليوم ليس هناك من ينكر، على أقل تقدير، أن ولي العهد قد استعاد أداة حاسمة في ترسانته: دورًا مؤسسيًا رسميًا في السياسات المؤثرة في عملية صنع السياسات.

منذ التفكيك الذي حدث لمجلس التنمية الاقتصادي بعد الانتفاضة، المجلس الذي عمل ذات يوم كحكومة ظل ظاهرية، كان الشيخ سلمان مسؤولًا تنفيذيا دون مؤسسة. في الواقع، في الآونة الأخيرة سألت – ليس بسخرية - عن أحد مساعديه: "وماذا، في يوم عادي،  يفعل حقا؟  هل لديه حتى مكتب يذهب إليه؟" والآن، بصفته نائبًا اول لرئيس الوزراء، فهو ليس في منصب رسمي لصنع القرار فحسب، بل منصب سياسي واضح وليس اقتصاديًا. (وبطبيعة الحال، أجندته الاقتصادية كلها كانت من ناحية سياسية أساسية، ولكن سنترك هذا في الوقت الحالي) .وبصرف النظر عن الخروج الممكن لخليفة بن سلمان من السياسة، فإن ترقية ولي العهد تحل المشكلة قصيرة الأجل أكثر حول كيفية تحويل دور المعتدلين الخليفيين من مراقبين / نقاد خارجيين إلى لاعبين سياسيين حسب طقوسهم. بعد الفشل في إقامة حكومة موازية، اليوم ينظر ولي العهد على ما يبدو للعمل على الحكومة الحالية من الداخل.

التعيين أيضا له آثار محتملة في سياق عملية الحوار الجارية. وهي، أنه قد يساعد على توضيح القضية الحالية المفصلية المبهمة للمتابعة التنفيذية. وكما اتضح من تقرير لجنة البحرين لتقصي الحقائق، الفائدة العملية لهكذا مبادرات سياسية تحويلية محتملة مهمة فقط بقدر إرادة و / أو قدرة الحكومة على التصرف بناءً على نتائجها. لذا، إذا، أو عندما توافق الفصائل السياسية في البحرين على تقديم تنازلات جوهرية، يجب أن تكون هناك بعض الآليات المؤسسية الفاعلة (والتعاونية) التي يمكن تنفيذها من خلالها.
وأخيرًا، لا بد من الإشارة إلى علاقة محتملة بين إعلان الأمس وقصة أخرى مثيرة جدا للاهتمام من الأسبوع الماضي، وهي هذا المقال في صحيفة فايننشال تايمز يدّعي أن المملكة العربية السعودية، وبالتحديد وزير الداخلية  الجديد محمد بن نايف، تدعم اليوم تسوية سياسية في البحرين. المراقب المتهور قد يستخلص  أن السعوديين ربما ضعفوا في دعمهم لرئيس الوزراء – حتى لو قدموه ليصل إلى أرباب الحوار وذلك بالاعتراف (المتأخر جدًا) بأن عدم الاستقرار المستمر في البحرين والتشدد المتزايد للهوية الطائفية في المنطقة  ربما ليس في المصالح طويلة الأجل للبلاد. (وفي هذا الصدد شاهد النتائج التالية لاستطلاع زغبي الأخير. لاحظ أي شيء غريب؟). 

هنا يجب التوقف لنصادق مرة أخرى على كلام إميل نخله، الذي توقع وكما ينبغي هذا الاحتمال في نفس المحادثة المذكورة أعلاه،  حيث قال:

اليوم وبوفاة  نايف، خسر خليفة داعمًا رئيسيًا داخل التسلسل السعودي الهرمي القوي. لا أعتقد أن سلمان بن عبد العزيز ( ولي العهد الجديد) أو علي [أحمد: المترجم] بن عبد العزيز ( وزير الداخلية الجديد ) ( منذ استبداله بمحمد بن نايف) لديهم نفس التقارب الأيديولوجي بالنسبة لخليفة أو كما لو أنهما يبذلان جهدًا لجعل البحرين "مقاطعة" أخرى من المملكة العربية السعودية. ولأنهما ليسا معارضين بشكل عميق  للإصلاح من الداخل، وبالتالي يميلون إلى أن يكونوا أقرب إلى موقف الملك عبد الله، فقد لا يكونا معارضين لهذا النوع من الإصلاح في البحرين. ولعل هذا هو التفكير الذي نتمناه.

برافو، إميل، على تمنيك.

على الرغم من أن قصة الفايننشال تايمز ضعيفة نوعًا ما بالنسبة إلى التفاصيل، فإن فكرة دور سعودي متزايد في دفع تسوية سياسية في البحرين يبدو أنها ستعثر ايضا على قرينة في الرأي العام. قسم منها، بطبيعة الحال، هو الذكرى الثانية للغزو / المساعدات الأخوية  لقوة درع الجزيرة الخليجي، التي يخطط فيها جمهور 14 فبراير لحرق جماعي لصور الملك عبد الله (الصور القديمة لعبد الله / وبوش).

لوحات المعارضة الإعلانية مليئة بالقصص الجديدة والقديمة فيما يتعلق بالدور السعودي، بما في ذلك مقابلة مطولة في تشرين الأول/أكتوبر 2012  مع مطر مطر نشرتها مجلة إيلاف الالكترونية، نقلت عنه قوله، من بين أمور أخرى، "مشكلتنا ليست مع السعودية "، " درع الجزيرة لم تستخدم القوة "، و" نحن ندعم الاتحاد بين المملكة العربية السعودية والبحرين ". تغريدة  لناشط آخر بارز  "المملكة العربية السعودية ليست عدونا ولن تكون كذلك"  لقيت أيضا الكثير من الاهتمام.

وما يوضح الأمور أكثر، هو تصريحات قادة المجتمع السياسي ومفادها أنه من "غير المقبول" لأي طرف سياسي بحريني لقاء أو زيارة  "النظام السعودي في الرياض"، ما يعني بطبيعة الحال بأنه يُعتقد أن البعض يخطط للقيام بذلك أو انه قام بذلك. وتعود تقارير المغازلات بين المملكة العربية السعودية والوفاق إلى مطلع العام الماضي، ولقد سمعت من أكثر من شخص أن السعوديين تصوروا زيارة لعلي سلمان إلى الرياض يقبل فيها هذا الأخير يد الملك علنا. يمكن للمرء أن يتخيل نتائج تلك المفاوضات
ولكن دعونا نعود مرة أخرى إلى ترقية ولي العهد، لنرى أفضل جزء - ردود فعل –. ربما يمكن التنبؤ بها جميعها، ولكن بعضها أقل مللًا من الآخر. الوفاق، على سبيل المثال، بسرعة أصدرت بيانا  " ترحب فيه" بالخطوة "كإجراء مؤقت لفترة محددة" ولكنها " تؤكد أن الإصلاح السياسي الذي تطالب به [الوفاق]  هو جعل منصب رئيس الوزراء خاضعا للانتخاب المباشر أو غير المباشر، بدلًا من التعيين". حركات المعارضة المتشددة مثل تيار الوفاء، من ناحية أخرى، أدانت التعيين وأيضا ترحيب الوفاق بتعيين "المجرم" الشيخ سلمان.

واستنادًا إلى ردة الفعل على المنتديات، معظم الشيعة العاديين رحبوا بالأخبار بنوع من الجحود الكوميدي الآتي من ضجر الصراع  وأفضل ما ظهر في الموضوع التالي: "ولي العهد نائب الديناصور!" .وبشكل عام منتدى رواد السنة، الذين صدموا بالتساوي، كانوا أقل شهامة، والعديد منهم كرر أن ولي العهد لا يزال نائبًا- ومرؤوسًا في نهاية المطاف  – لعم والده بدلا من العكس. (انظر، على سبيل المثال، واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة.) ولكن الأكثر إثارة للاهتمام هي ردود فعل الصحف البحرينية. فقد سلكت صحيفة الوطن المدعومة من الديوان الملكي (وعلى غير عادتها)  مسارا معتدلًا لتأكيد الإجماع والوحدة، وعرضت على غلافها صورتين  للترويكا الحاكمة، بما في ذلك إعلان تهنيئي كبير لرئيس الوزراء وولي العهد برعاية وزير الخارجية. (والأقل تهنئة والأكثر حنينا ودفاعا هي افتتاحية بقلم هشام الزياني) رسالته تقول: رئيس الوزراء يرحب بولي العهد في منصبه الجديد، ويدعم الملك في مبادرته الحكيمة والاستشرافية. والرسالة الإيجابية جدًا، في الواقع، كانت لوكالة أنباء البحرين التي أصدرت بيانا مكتوبًا بطريقة سيئة تستفرد فيه تغطية المرسوم التمجيدي للصحيفة:

صحيفة الوطن اليومية أشادت بـ [مرسوم الملك حمد]... ووصفت القرار بأنه صانع عهد جديد وأنه وبكل المقاييس مرحب به من قبل مملكة البحرين... كخطوة رئيسية تأتي في وقت دقيق و[تمثل] رؤية تقدمية نحو مستقبل مختلف للبحرين.

حتى على الرغم من أننا  نلاحظ هنا أن اسم خليفة بن سلمان يظهر في الأول وبخط أكبر، فإن رسالة صحيفة الوطن لا تزال بشكل واضح أكثر تصالحية من الصحيفتين الأخريين اللتين تربطهما صلات وثيقة مع رئيس الوزراء - وهما أخبار الخليج وديلي نيوز، شقيقتها التي تصدر باللغة الإنجليزية، والتي نرى تغطيتها  أدناه:

العنوان الرئيسي للديلي نيوز الواضح أدناه هو نقل مشؤوم لرئيس الوزراء: "يحذر من محاولات جعل البحرين منبرا لمغامرة سياسية" عن طريق سحبها إلى الفتنة والصراعات وزعزعة أمنها واستقرارها. "في حين أن  "المغامرة السياسية" هذه يمكنها أيضا ان ترجع ربما إلى الشائعات التي تقول إن المشاركين في الحوار يناقشون قضية استفتاء شعبي للموافقة على الإصلاحات السياسية ( الوطن لديها مناقشة طويلة حول تصريحات رئيس الوزراء هنا)، من الصعب  ألا نربط القصتين اللتين قدمتا الحالة.

وأخيرًا، وبعد ذلك، نأتي إلى الصفحة الأولى من صحيفة أخبار الخليج، التي حدث أنها خصصت نصف صفحة إعلان لعرض صورة مهيبة لرئيس الوزراء. تخيل ذلك.

مستجدات : في مقال لا أتفق بالضرورة مع نتائجه، يعرض سيمون هندرسون بعض التفاصيل الإضافية فيما يخص   شائعات "التورط" السعودي في التوسط لهدنة سياسية هشة في البحرين، رغم أنه اختصر في ربط ذلك صراحة  بتعيين ولي العهد كنائب اول لرئيس الوزراء. ويكتب:

حاليا، الرياض تضغط على كلا الجانبين، وتحث العائلة المالكة في البحرين لتقديم تنازلات وتحالف المعارضة الشيعية الرئيسية... أن يكون معقولًا في مطالبه. في 8  آذار/مارس، ذكرت صحيفة الفايننشال تايمز أن  " سياسيًا سعوديًا" مجهولًا ... كان على اتصال مباشر وغير رسمي مع الوفاق. ويعتقد ان المسؤول المذكور هو مستشار الأمير متعب بن عبد الله، أحد أبناء الملك ورئيس الحرس الوطني السعودي، الذي قواته الشبه عسكرية شكلت الجزء الأكبر من الوحدات السعودية التي تدخلت في البحرين عام 2011.

ويربطها أيضا بخريطة غوغل التفاعلية الأنيقة الموجودة لدى السفارة الأميركية في البحرين والتي لم أرها  من قبل. وهي تبين للأركان المناطق "الحدودية"، وتفاصيل حول الاحتجاجات، والاحتجاجات المخطط لها، ونشاط الشرطة، وهلم جرا.
مستجدات 2: لفهم ذكري لحديثنا السابق، كتب إميل نخلة عنها في مقابلة (باللغة العربية) مع مرآة البحرين حول موضوع تعيين ولي العهد. ويمكن الاطلاع على نسخة انجليزي جزئية :

أقل ما يقال أن اثنين من التطورات الأخيرة شجعتني...: تعيين ولي العهد الأمير سلمان كنائب رئيسي لرئيس الوزراء، والتغيير المحتمل في الموقف السعودي تجاه البحرين....

أرى تعيين سلمان كخطوة أولى محتملة نحو إراحة خليفة من منصبه كرئيس للوزراء. إذا كانت هذه هي الحالة، فيبدو أن الملك حمد قد اعاد تأكيد موقعه القوي داخل الأسرة الحاكمة، وخاصة فيما يتعلق باستيلاء الخوالد على السلطة. فغضبهم الأخير في مقال في صحيفة وول ستريت جورنال حول الخلافات داخل الاسرة الحاكمة ومطالبات الملك في التحقيق من أين جاءت التسريبات  - التي يفترض انها من مكتب ولي العهد - يبدو أنه تم تجاوزها بتعيين سلمان كنائب أول لرئيس الوزراء. آمل، من أجل البحرين،  أن يكون هذا هو الحكم الصحيح.

فيما يتعلق بالنقطة الثانية، محمد بن نايف، وزير الداخلية السعودي، أكثر واقعية من والده ويقدر علاقات المملكة مع الغرب. وعلى عكس والده الراحل، محمد بن نايف أقل أيديولوجية، في الحالة السعودية، وأكثر تحررًا من والده. لقائي معه منذ عدة سنوات قبل أن يصبح وزيرًا للداخلية يؤكد تلك الصفات. ويبدو أنه وبعض صانعي القرار الغربيين في لندن وواشنطن  يعتقدون أنه إذا بقي حكام آل خليفة في السلطة، فإنه يجب عليهم أن يبدأوا في تنفيذ المقترحات الخمس التي قدمتها في مقالي الاخير ("أوباما والبحرين: كيف ننقذ حكم آل خليفة").

12 آذار/مارس 2013 



التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus